الأقباط متحدون - شهادة للتاريخ والمجتمع .. لا طلاق فى المسيحية
  • ١٧:٢٠
  • الأحد , ٢٦ فبراير ٢٠١٧
English version

شهادة للتاريخ والمجتمع .. لا طلاق فى المسيحية

يوسف سيدهم

مساحة رأي

٤٥: ٠٣ م +02:00 EET

الأحد ٢٦ فبراير ٢٠١٧

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

بقلم: يوسف سيدهم
قراءة فى ملف «الأمور المسكوت عنها» (٤٢٦)

يبدو أن الجدل المثار منذ أسابيع قليلة حول الحاجة إلى ضبط قواعد الطلاق لدى إخوتنا المسلمين، وما تبعه من بيان رئاسة الأزهر الشريف فى هذا الصدد، قد فتح شهية البعض للتشدق بأن هناك طلاقاً فى المسيحية(!!) بل وتمادى من كتب ذلك ليقول إن معايير الطلاق موجودة وفق نصوص الكتاب المقدس (!!)… ولأن هذا التجاوز من العسير غض البصر عنه رأيت أن أتصدى له لئلا يتسبب فى تزييف وعى الكثيرين -مسلمين أو مسيحيين- فما تجتهد الكنيسة فى تشريعه وضبطه من خلال إعداد المقبلين على الزواج وضمان توفر سبل نجاح الزواج واستقراره وتحصين المتزوجين من مغبة تعثر أو انهيار الزواج، كلها جهود تؤكد رسالة الكنيسة فى تحريم الطلاق والتمسك بتعاليم الكتاب المقدس.
دعونى قبل التعرض للائحة الأحوال الشخصية للمسيحيين المزمع الانتهاء منها وعرضها على مجلس النواب قبل نهاية هذا الفصل التشريعى أن أبدأ بترسيخ تعاليم الكتاب المقدس فى أمر الطلاق، وهذا نجده فى العهد الجديد – إنجيل متى كالآتى:

❊ (متى٥:١٣-٢٣) فى الموعظة على الجبل قال يسوع للجموع:

»وقيل: من طلق امرأته فليعطها كتاب طلاق، وأما أنا فأقول لكم: إن من طلق امرأة إلا لعلة الزنا يجعلها تزنى، ومن يتزوج مطلقة فإنه يزنى«.
❊ (متى٩١:٣-٩) عندما انتقل يسوع من الجليل وجاء إلى تخوم اليهودية عبر الأردن:

»وجاء إليه الفريسيون ليجربوه قائلين له: »هل يحل للرجل أن يطلق امرأته لكل سبب؟« فأجاب وقال لهم: »أما قرأتم أن الذى خلق من البدء خلقهما ذكراً وأنثى؟ وقال: من أجل هذا يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته، ويكون الاثنان جسداً واحداً. إذاً ليسا بعد اثنين بل جسد واحد. فالذى جمعه الله لا يفرقه إنسان«. قالوا له: »فلماذا أوصى موسى أن يعطى كتاب طلاق فتطلق؟« قال لهم: إن موسى من أجل قساوة قلوبكم أذن لكم أن تطلقوا نساءكم. ولكن من البدء لم يكن هكذا. وأقول لكم إن من طلق امرأته إلا بسبب الزنى وتزوج بأخرى يزنى، والذى يتزوج بمطلقة يزنى.
هكذا فإن تعاليم الكتاب المقدس واضحة قاطعة لا لبس فيها ولا تجيز الطلاق إلا لعلة الزنى، فماذا يقول قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين فى هذا الصدد؟… يتضمن الفصل الثانى بعنوان أركان الزواج وشروطه الآتى:

❊ مادة (٣١): الزواج المسيحى رباط دينى مقدس دائم، ويتم علناً بين رجل واحد وامرأة واحدة مسيحيين صالحين للزواج، من نفس الطائفة لتكوين أسرة تتعاون على شئون الحياة فى معيشة واحدة.

❊ مادة (٤١): يكون الزواج المسيحى الدينى صحيحاً وفق الكتاب المقدس وذلك أمام الكافة وجميع الطوائف المسيحية فى مصر وغير قابل للانفصام إلا بموجب نصوص هذا القانون متى تم برضاء الزوجين بمراسم دينية على يد رجل دين مسيحى مختص مصرح له بذلك من رئاسته الدينية طبقاً لطقوس طائفته.

❊ مادة (٠٢): لا يجوز زواج من طلق لعلة زناه، أو لتغيير الدين أو الانضمام إلى طائفة غير معترف بها من الكنائس المسيحية فى مصر.
كما يتضمن الفصل الخامس بعنوان بطلان عقد الزواج الآتى:
❊ مادة (٠٣): يكون الزواج الدينى المسيحى باطلاً فى الحالات الآتية:
١- إذا لم يتوفر فيه رضاء الزوجين رضاءً صحيحاً.

٢- إذا لم يتم بالمراسم الدينية علناً بحضور شاهدين مسيحيين على الأقل.

٣- إذا لم يبلغ الزوجان السن القانونية للزواج المنصوص عليها فى المادة (٥١) من هذا القانون.
٤- إذا قام بأحد الزوجين مانع من موانع قرابة الدم أو المصاهرة المنصوص عليها فى المادتين (٧١)، (٨١) من هذا القانون.
٥- إذا كان أحد طرفيه وقت انعقاده متزوجاً.

٦- إذا تزوج القاتل عمداً أو شريكه بزوج قتيله متى ثبت أن القتل كان بالتواطؤ بينهما بقصد زواجهما.
٧- إذا تزوج الرجل المسيحى بمن تنتمى إلى دين أو مذهب آخر غير مسيحى.

٨- إذا قام لدى أحد الزوجين مانع من الموانع المنصوص عليها فى المادة (٣٢) من هذا القانون بشرط أن يكون ذلك قبل الزواج.
٩- إذا قام لدى الزوج قبل زواجه مانع العنة… ويكون إثبات ذلك بشهادة طبية رسمية.

٠١- إذا كان أحد الزوجين سبق تطليقه لعلة زناه، أو لقيامه بتغيير الدين أو انضمامه إلى طائفة غير معترف بها من الكنائس المسيحية فى مصر.
❊ مادة (١٣): يبطل زواج الرجل الذى يخطف المرأة أو يقيد حريتها فى مكان ما بقصد تزوجها إذا عقد الزواج وهى مخطوفة.

بالإضافة إلى تعاليم الكتاب المقدس ونصوص قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين، عدت إلى الحلقة رقم (١٤٥) من سلسلة الأمور المسكوت عنها التى كتبتها فى هذا المكان بتاريخ ٨٢/٦/٥١٠٢ والتى تضمنت ما قاله قداسة البابا تواضروس الثانى حول القانون وأعيد نشره ترسيخاً لما سبق وتأكيداً على دور ورسالة الكنيسة فى تقديس الأسرة وحمايتها.

يقول قداسة البابا: الكنيسة أعدت القانون الجديد للأحوال الشخصية والتى تتسم بقدر ملحوظ من العدل والرحمة معاً: العدل فى عدم التفريط فى الثوابت المسيحية وتعاليم الكتاب المقدس، والرحمة فى التعامل مع واقع الحياة وتطور المجتمع والوفاء باحتياجات الأسرة وحمايتها من الانهيار… كما تدرك الكنيسة أن رعايتها للأسرة والمشاكل التى تحيق بها لم تعد تستقيم مع مجلس إكليريكى واحد مركزه رئاسة الكنيسة فى القاهرة وتمتد مسئولياته لتغطى الأقباط عبر مصر كلها وسائر كنائس الخارج والمهجر فى دول العالم…

لذلك تم إعادة تنظيم المجالس الإكليريكية بتعيين مجلس إكليريكى لكل إيبارشية برئاسة أسقفها وعضوية أحد الآباء الكهنة وأحد رجال القانون وطبيبة حيث ينظر هذا المجلس جميع المشاكل المرتبطة بالأسرة ويتخذ بشأنها قراراً جماعياً بين أعضائه… ومن حق أى طرف من أطراف المشكلة استئناف القرار لدى الدرجة الأعلى من المجالس الإكليريكية التى تم تشكيلها وعددها ستة مجالس موزعة مسئولياتها جغرافياً: ثلاثة منها فى مصر: واحد للقاهرة والجيزة، وواحد للإسكندرية والوجه البحرى، وواحد للوجه القبلى، أما الثلاثة الباقون فموزعة على سائر إيبارشيات الخارج والمهجر.. وذلك التنظيم الجديد من شأنه سرعة البت فى المشاكل المعلقة للأحوال الشخصية للمسيحيين وتصفيتها علاوة على سرعة التعامل مع ما ينشأ من مشاكل فى نطاق الأسر حديثة التكوين.
❊❊❊ هذا هو الإرث الإيمانى المقدس للزواج وبطلان عقد الزواج فى الكتاب المقدس والكنيسة.. ومن يتشدقون بإجازة الطلاق يمتنعون!!