الأقباط متحدون - السر وراء معركة القنيطرة ودرعا: مسعى لهيمنة الدولة الاسلامية على مداخل الجولان أم تنفيذا لمخططات ليبرمان وطروحات معهد بيغن-السادات لدراسة الاستراتيجيات
  • ٠٠:٥٧
  • السبت , ٢٥ فبراير ٢٠١٧
English version

السر وراء معركة القنيطرة ودرعا: مسعى لهيمنة الدولة الاسلامية على مداخل الجولان أم تنفيذا لمخططات ليبرمان وطروحات معهد بيغن-السادات لدراسة الاستراتيجيات

ميشيل حنا حاج

مساحة رأي

١٩: ١٠ م +02:00 EET

الجمعة ٢٤ فبراير ٢٠١٧

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

 ميشيل حنا الحاج
يبدو بأن المعركة في الجنوب السوري وخصوصا في درعا والقنيطرة، قد توقفت أو هدأت فجأة، بعد أن اشتعلت في الثاني عشر من شباط كقتال بين جبهة النصرة تحت شعار "الموت ولا المذلة"، وبين قوات الحكومة السورية، لتأخذ     بعدا آخر أشمل وأوسع بعد أن تدخلت فيها فجأة ومنذ العشرين من الشهر، قوات خالد بن الوليد الموالية للدولة الاسلامية، فرفعت عدد الضحايا عندئذ من بضع عشرات ليتجاوز العدد 132  قتيلا.

ماذا جرى فجأة في جنوب سوريا، لتشتعل المنطقة المنطقة الجنوبية التي كانت هادئة الى حين، بابتداء جبهة النصرة (فتح الشام) منذ الثاني عشر من شباط، باشعالها فجأة نتيجة تبادلها  اطلاق نار كثيف في منطقة المنشية بدرعا في معركة شعارها "الموت ولا المذلة"، في محاولة للسيطرة عليها وعلى مزيد من المواقع.  وكان التفسير الأول للاشتباكات التي اندلعت في درعا، هو اقتراب موعد انعقاد مؤتمر استانه بدون اشراك فتح الشام فيها، مما استدعى لقيام الجبهة بالتذكير بوجودها وكأنها تقول بأن الآستانة لن يحقق النتائج المرجوة اذا لم تشارك فيه النصرة. 

 لكن فجأة، في العشرين من الشهر، تدخل في القتال الذي كان بين النصرة وقوات الدولة السورية، قوات من الدولة الاسلامية تنتمي للواء خالد بن الوليد المتواجد في بادية حمص، وهي كتائب تشكلت منذ شهر أيار 2016 ممن كان يعرف بكتيبة اليرموك وكتائب اسلامية أخرى، مشكلين ما عرف بعدئذ باسم كتائب خالد بن الوليد الموالية للدولة الاسلامية والمتواجدة في بادية حمص.  وهنا أخذ القتال في منطقة درعا والقنيطرة طابعا آخرا، وشاركت فيه فصائل أخرى عدة ضد الدولة الاسلامية ومنهم، كما ذكر المرصد السوري لحقوق الانسان في تقرير له نشر في 23 شباط: جيش الاسلام ومجاهدي حوران وفرقة أحرار نوى وفرقة أسود السنة وحركة أحرار الشام الإسلامية وفرقة الحق وفرقة فجر الإسلام والمعتز بالله وفرقة الحرمين الشريفين.  

وكان قد قتل ضابط برتبة عقيد في صفوف قوات النظام، جراء إصابته في قصف واشتباكات بحي المنشية في درعا البلد بمدينة درعا. وكانت قوات الحكومة السورية قد استخدمت الرشاشات الثقيلة لقصف بلدة إبطع الواقعة في الريف الأوسط لدرعا. واستشهد أيضا شاب جراء إصابته في بلدة عدوان بريف درعا الغربي إثر إصابته في القصف والاشتباكات بين الفصائل وجيش خالد بن الوليد، حيث لا تزال محاور في الريف الغربي لدرعا الغربي تشهد اشتباكات لليوم الثالث أو الرابع على التوالي بين مقاتلي جيش خالد بن الوليد المبايع لتنظيم “الدولة الإسلامية والفصائل الأخرى السابق ذكرها.

 وتركزت الاشتباكات في محيط تل عشترا ومحيط بلدتي عدوان وحيط، كما قال المرصد السوري لحقوق الإنسان.  وفي نشرة حديثة له نشرت قبل ساعات، أفاد المرصد بأن هذا القتال الدامي بين طرفي الاشتباك الذي شاركت فيه قوات خالد بن الوليد منذ  20 من شباط / فبراير 2017، رفع إلى 132 من استشهدوا وقضوا وقتلوا منذ الـ 20 من شباط وحتى الآن، حيث ارتفع إلى 87 عدد مقاتلي الفصائل المقاتلة والإسلامية الذين قضوا خلال القصف والاشتباكات التي يشهدها الريف الغربي لدرعا، بينما ارتفع إلى 36 على الأقل عدد مقاتلي جيش خالد بن الوليد الذين قتلوا في هذه الاشتباكات، من بينهم 6 على الأقل جرى فصل رؤوسهم عن أجسادهم من قبل مقاتلين في الفصائل الأخرى، ومعلومات مؤكدة عن إعدامات نفذها جيش خالد بن الوليد بحق مقاتلين من الفصائل.

وهذا كله يدل على مدى شراسة المعركة وجديتها، دون أن يتفهم أحد الأسباب التي تدفع جيش خالد بن الوليد الموالي للدولة الاسلامية، للاهتمام فجأة  بدرعا عوضا عن التوجه شمالا نحو الباب أو باتجاه دير الزور اللتان تشهدأن معارك دامية بين قوات الدولة الاسلامية ودرع الفرات المؤازرة تركيا من ناحية، وبين جيش سوريا الدمقراطي الذي ينوي التوجه لاحقا نحو الرقة أيضا، وكذلك بين قوات الدولة الاسلامية المتواجدة في محافظة دير الزور التي تواجه بدورها معركة محتدمة. .

وكان الخبير العسكري اللواء السابق فايز الدويري قد كشف في برنامج على بي بي سي، عن اعتقاده بأن مشاركة جيش خالد بن الوليد في معارك درعا هي مشاركة مؤقتة، تسعى لتحقيق مكاسب في خضم فوضى المعارك الجارية بين النصرة والدولة السورية، مرجحا أن وجهته الحقيقية ستكون نحو الشمال السوري.  وهكذا قدر بعض المراقبين أن مهمته الفعلية القادمة هي تقديم العون لقوات الدولة الاسلامية التي تعاني من معارك في الباب ودير الزور، وتتوقع معركة كبرى قادمة في الرقة.

الا أن هذا التقييم لم يعد يبد واقعيا نظرا لاصرار قوات خالد بن الوليد على الزحف نحو القنيطرة حيث الجولان، ونحو جنوب درعا  حيث معبر الحدود القديم مع الأردن. فمهمته المفضلة كما تبدو لوهلة، هي السيطرة على المعابر في الجنوب سواء في درعا أو في الجولان، لضمان وسيلة للهروب، أو لاستيراد  أو استجلاب السلاح والمقاتلين بعد أن أغلقت تركيا في وجههم كل معابرها.

ولكن الدولة الاسلامية تعلم بشكل جدي ومرجح بأن المعبر الأردني لن يكون مفيدا لهم أو لغيرهم كالنصرة مثلا. فالأردن الذي اتخذ موقفا محايدا  بصدد الصراع الجاري في سوريا، لن يسمح على الاطلاق بعبور السلاح او المقاتلين عبر حدوده الى سوريا. بل ان الأردن لم يكتف باتخاذ موقف الحياد بالنسبة لذاك الصراع، اذ أقدم على خطوة أخرى وضعته في مقام الوسيط فيه، عندما انضم الى مجموعة الآستانة للمشاركة مع روسيا وتركيا وايران في مراقبة وقف اطلاق النار ومحاولة تثبيت الهدنة في الداخل السوري. اذن فان الهدف الحقيقي أو الفعلي كما قد يرجح، هو الوصول الى معابر الجولان والقنيطرة والسيطرة عليها متوقعين تعاونا اسرائيليا معهم اذا تم لهم ذلك.

وقد يكون هذا التكييف صحيحا ومنطقيا وقد لايكون. ولكن هناك مؤشرات اسرائيلية قد تشكل أساسا لهذا التكييف. فوزير الحرب في الحكومة الاسرائيلية "أفيغدور ليبرمان" صرح علنا قبل شهر تقريبا بأنه "يجب اقتلاع نظام الأسد" وبأن "المجتمع الدولي ملزم بتقسيم العراق وسورية". ويذهب معهد بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية وموقعه القدس  الى أبعد من ذلك، فيطرح استخلاصا استراتيجيا جاء فيه: "على إسرائيل الإعلان عن دعمها للمتمردين بسوريّة، وأنّ مصلحتها الإستراتيجيّة تقضي بإسقاط الأسد". ونسب للبروفيسور الصهيوني "هيلل فريش" من المعهد المذكور قوله، "بإمكان إسرائيل الإعلان على الملأ أنّ المستقبل السياسيّ لسوريّة هو بمثابة اعتداء على أمن إسرائيل، كما أنّه ينبغي على تل أبيب أنْ تقول علنًا إنّها ستتعاون مع المعارضة السوريّة والدول العربيّة السُنيّة المعتدلة، وستدعم الجماعات المتمردة المعتدلة لإحباط التطهير العرقيّ الذي يقوم به النظام الحاكم في دمشق"، على حدّ وصفه. وفي إشارةٍ واضحةٍ لإمكانية التدّخل العسكريّ الاسرائيلي، (كما ورد في بوستر نشره في28 كانون ثاني 2017 على صفحات "برس جروب"، الكاتب الناشط الفلسطيني نواف الزرو)، وردت الأقوال السابقة المنسوبة لمعهد بيغن- السادات، وكذلك قول آخر للبروفيسور فريش جاء فيه "إنّ إسرائيل، هي دولة أقوى بكثير ممّا كانت عليه في الماضي، وبالتالي يجب أنْ تلعب دورًا فيما أسماه تصحيح الخلل في موازين القوى الجديدة في سوريّة". والمقصود بذلك الخلل الذي أحدثه التحالف الروسي التركي وأدى الى اغلاق الحدود التركية في وجه مرور مزيد من الأسلحة والمقاتلين اليها.

ويبدو أن اسرائيل قد شرعت فعلا بتقديم دعم غير معلن للدولة الاسلامية، وذلك باغارتها اليوم (23 شباط) على موقع سوري في جبال القلمون، بعد أن كانت قد أغارت قبل أيام على مطار عسكري قرب دمشق. لكن اللافت للنظر في الاغارة على القلمون، كما ورد في موقع Russain Insider، أن الطائرات الاسرائيلية قد مرت فوق مواقع قيادات الدولة الاسلامية وجبهة النصرة المتواجدة في منطقة عرسال في البقاع، ولم تتعرض لها قوات الدولة الاسلامية أو قوات جبهة النصرة، تاركة اياها تتوجه بحرية ودون اعتراض نحو هدفها في جبال القلمون الحدودية.

فهل نواجه قريبا تحالفا شبه معلن  بين داعش ودولة اسرائيل، أم هذه كلها مجرد صدفة عابرة ولا تشكل تحولا استراتيجيا سواء في موقف الدولة الاسلامية أو اسرائيل...  تبدلا يبلغ حد احلال اسرائيل حدودها التي ستفتح، لتحل محل الحدود التركية التي أغلقت رغم الفارق في القياس بين امتداد ومنافع الحدودين؟  قد يكون ذلك صحيحا وقد لا يكون، ولكن يبدو أن مقاتلي لواء خالد بن الوليد التابع للدولة الاسلامية، يجدون فيه احتمالا مقبولا وربما نافعا في حالة واحدة على الأقل، اذا ما اضطر مقاتلو الدولة الاسلامية، بعضهم على الأقل، للهروب على عجل من الأراضي السورية لدى اشتداد الضغط عليهم من تركيا، من التحالف الأميركي، من جيش سوريا الدمقراطي، دون ان ننسى ضغوط الدولة السورية ذاتها. ولكن لوحظ  اليوم هدوء  مفاجىء من جانب كتائب خالد بن الوليد في ريف درعا الجنوبي والغربي، وكأنها  قد قررت التمهل واعادة التقييم، بعد سقوط الجزء الأكبر من مدينة الباب في أيدي قوات درع الفرات والأتراك، اضافة الى سقوط مطار الموصل ومواقع قريبة منه بأيدي القوات العراقية، مما أدى بقوات خالد بن الوليد الى قيامهم بالتلكوء واعادة التقييم، لكن دون نسيان لأهمية المواقع الحدودية لها كمواقع للهروب على الأقل، اذ فجرت اليوم في طريبيل، الموقع العراقي الأردني الحدودي، تفجيرا انتحاريا كبيرا أودى بحياة 15 انسانا بريئا آخر أضيفوا الى ركب آلاف الضحايا الأبرياء الذين سقطوا خلال الأربع سنوات الماضية على أيدي قتلة الدولة الاسلامية - داعش.