سدوم وعمورة عندنا
زهير دعيم
الثلاثاء ٢١ فبراير ٢٠١٧
زهير دعيم
تناقلت وسائل الاعلام المرئيّة والمسموعة والمقروءة في الايام الأخيرة ، كما تتناقل بين فترة وأخرى ، خبرَ قصّة – بل قُلْ مأساة - اعتداء والديْنِ شابّيْنِ على طفلهما الصّغير ابن الأربع سنوات ، وتعذيبه جسديًّا ونفسيًّا ، بل وجنسيًّا ..
أكتبها وأنا متضايق، أكاد لا أصدّق لولا اعتراف الأمّ ، وأكاد أن أتقيّأ.
هل عادت سدوم وعمورة الى الحياة ؛ عادت الى بلادنا من جديد بعد ان حرقها الله وجعلها بسبب فجورها رمادًا ؟!!
وهل الله مات (مجازيًّا.. وليسامحني الله المُحبّ) في قلوبهم ، فأضحت صلدةً ، صخريّةً ، ترتعش فقط للخطيئة وبالخطيئة ، وتغوص في وحل الرذائل ... فالأمومة والأبوّة مُهمّتان مُقدّستان ، تحملان في طيّاتهما كلّ معاني الرأفة والحنان والبذل والمحبّة التي لا تطلبُ بديلًا ،بل و تحمل الانسانيّة الجميلة بكلّ معانيها المُلوّنة.
كثيرًا ما راقبت الحيوانات الأليفة والمفترسة والطّيور حتّى الكاسرة منها ، فرأيت وشاهدت الأمومة بأجمل وأنقى معانيها.
حقيقة ، رأيت وشاهدت عبر اليوتيوب ألأمّ الحيوان تضحّي بحياتها في سبيل المحافظة على صغارها ، وتطعمهم وتحرم نفسها من الطّعام من اجلهم ، وترضعهم وهي تذوب حبًّا وتحنانًا.
لا أريد أن أعمّم ، فهناك السّواد ألأعظم من الأمهات والآباء من البَّشَر
يرتقون حتى الى مرتبة القداسة في العطاء والحنان، ولكن تأتي فئة صغيرة جدًّا ، فتُعكِّر مثل هذه القداسة ، وتُخربش على أديم الأرض رذائل لا تقبل بها أشرّ الوحوش شراسةً.
لا أريد أن يُفهم من حديثي وكأنّ الأمر المشين هذا ، يقتصر على بلادنا ، فقد يكون العكس هو الصّحيح ، فهناك اعتداءات آثمة كثيرة من حولنا وفي العالم ، وكلّها أو بعضها تُكنَس تحت السّجاجيد ، وتغيب قبل طلوع الفجر وصياح الدّيك.
حان الوقت وأزفَ لنعرف ونَعي أنّ الزّواج ليس لُعبةً وليس فقط معاشرة ومتعة ، وانّما مسؤولية كبيرة تبقى تلازمنا حتى مفارقتنا هذه الحياة، فمن لا يعرف ولا يريد أن يعرف هذه المسؤوليّة الجسيمة المُقدّسة ، فعليه بالعزوبيّة والعزوف عن الزواج وانجاب البنين والبنات.
لقد بارك الله الأهل ودعاهم الى تربية اولادهم في مخافته ورحمته كما جاء في " (مز 127: 1- 5)
" طُوبَى لِكُلِّ مَنْ يَتَّقِي الرَّبَّ وَيَسْلُكُ فِي طُرُقِهِ 2لأَنَّكَ تَأْكُلُ تَعَبَ يَدَيْكَ. طُوبَاكَ وَخَيْرٌ لَكَ. 3امْرَأَتُكَ مِثْلُ كَرْمَةٍ مُثْمِرَةٍ فِي جَوَانِبِ بَيْتِكَ. بَنُوكَ مِثْلُ غُرُوسِ الزَّيْتُونِ حَوْلَ مَائِدَتِكَ. 4هَكَذَا يُبَارَكُ الرَّجُلُ الْمُتَّقِي الرَّبَّ."
كم اتمنّى أن أستيقظ يومًا فأجد صفحات جرائدنا ومواقعنا وأخبار قنواتنا فارغة وخالية من مثل هذه الأخبار التي تُعكّر المزاج والنَّفْس وتُلّونها بالسّواد.