الأقباط متحدون | إعلام "الثورة" بين التهوين والتهويل
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ١٥:٤٨ | الاربعاء ٩ فبراير ٢٠١١ | ٢ أمشير ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٩٩ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد
طباعة الصفحة
فهرس مساحة رأي
Email This Share to Facebook Share to Twitter Delicious
Digg MySpace Google More...

تقييم الموضوع : *****
٣ أصوات مشاركة فى التقييم
جديد الموقع

إعلام "الثورة" بين التهوين والتهويل

الاربعاء ٩ فبراير ٢٠١١ - ٠٠: ١٢ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: عماد توماس
هناك أسئلة معروف إجابتها، لكننا نتجاهل الإجابات الصحيحة لأننا نسأل أسئلة خاطئة. يقول لك أحدهم: لماذا لا يتابع معظم المصريين التلفزيون المصري في بث الأحداث الهامة، ويلجأون للقنوات الفضائية؟ والإجابة: لأن التلفزيون المصري يعيش حالة من الغياب الزمني والمكاني والمهنية المفقودة والحياد الغائب.
 
فهو غائب "زمنيًا" لتأخره في نقل الأحداث، وغائب "مكانيًا" لعدم تواجده المباشر داخل مكان الحدث، ويفتقد لمعايير المهنية في خلط الرأي بالخبر، وعرض وجهة نظر أحادية، ولا يتميَّز بالحياد المطلوب ليؤدي دوره كتلفزيون للدولة وليس للحكومة.
 
لجأ معظم المصريين إلى متابعة قنوات "الجزيرة" و"العربية" والـ"بي بي سي"؛ لأنهم نقلوا أحداث مظاهرات ثورة الغضب من خلال البث المباشر، بينما قام التليفزيون المصري- على استحياء- بتثبيت صورة لميدان "التحرير" على بعد ما يقرب من (1000) متر، مع كتم أصوات المتظاهرين، وعدم بيان أي لافتات مرفوعة. وعلى النقيض الآخر، قامت نفس كاميرات التلفزيون بتركيز الصورة على المسيرات المؤيدة للرئيس، مع عمل حوارات مع المشاركين، وفتح الصوت، والتريكز على صور اللافتات المرفوعة.
 
نقل التلفزيون المصري صورة أحادية الرؤية والإتجاه، وتغاضى تمامًا عن وجود المعارضة، وكأنها غير موجودة، وسمح لمداخلات تهاجم رموز المعارضة.
 
قبل "الثورة" كان التلفزيون المصري يتعامل بتهوين من مطالب الداعين للمظاهرات، فخرج الإعلامي "تامر أمين" عبر البرنامج الأشهر "مصر النهاردة" ليؤكد أن المتظاهرين يطالبون بإصلاحات اقتصادية واجتماعية فقط، متغاضيًا عن ذكر أن هناك مطالب سياسية أيضًا. وبعد إعلان شرارة الثورة بعدة أيام، بدأ التلفزيون على استحياء في نشراته الإخبارية، الإعلان أن المتظاهرين يطالبون بإصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية.
 
سبَّب التلفزيون في ليلة بدء حظر التجوال الأولى، رعبًا وفزعًا من خلال تلقى المكالمات الهاتفية من المواطنين على الهواء مباشرة، وكان هناك "تهويل" من المشاهدين لم يستطع التلفزيون التحري منه بالطبع، وكان عليه أن يستقبل هذه المكالمات وإبلاغها للجهات المسؤله بدون إذاعتها مباشرة، والتسبُّب في حالة الفزع لمشاهديه.
 
أتعب التلفزيون المصري نفسه، وأتعب المشاهدين عبر قناته الأولى وقناة النيل للأخبار، عندما خصَّص ليلة المظاهرة المليونية ويوم المظاهرة نفسها بمداخلات هاتفية من المشاهير من الفنانين والرياضيين وغيرهم حول توجيه رسالة إلى المتظاهرين الموجودين في ميدان "التحرير".. وهو سؤال ساذج ووقت ضائع بلا فائدة، فالمتظاهرون لا يسمعونهم.. كان التلفزيون يتحدث مع نفسه، ويشغل وقته بأحاديث لا طائل لها ولا جدوى منها!!
 
وبعد ذلك يتساءلون: لماذا لا يتابع المشاهد المصري قنواته التلفزيونية؟ التي أصبحت أقرب إلى "الراديو"، ويمكنك أن تسمعها وأنت بعيد عن التلفزيون!
 
هل يمكن تصديق أن التلفزيون المصري لم يستطع طوال المظاهرات الحديث مع واحد من المتظاهرين في "التحرير" في نفس الوقت الذي كانت القنوات الفضائية على مدار الساعة تستقبل مداخلات هاتفية من أفراد يتواجدون في ميدان "التحرير"؟!!
 
تعمَّد التلفزيون المصري إعطاء حالة من "التهوين" من أعداد المتظاهرين والمصابين. فالبداية كان عدد "عشرات"، بينما القنوات الفضائية الأخرى مثل "الجزيرة" و"العربية" تقول "مئات". وبينما بدأ التلفزيون يذكر خروج "مئات" من المتظاهرين، كانت الجزيرة تقول "آلاف"، وعندما ذكر التلفزيون أن عددهم "آلاف" كانت "الجزيرة" تهوِّل وتقول اثنين مليون. ونفس الأمر تكرَّر في عدد الوفيات والمصابين؛ فبينما يذكر التلفزيون المصري على لسان الدكتور "عبد الرحمن شاهين"- المتحدِّث باسم وزارة الصحة- أن هناك حالة وفاة واحدة لأحد المجندين، وتم  نقل (350) مصاب، نسمع الخبر على قناة "الجزيرة" أن عدد الوفيات أربعة، ويصل المصابون إلى (1000) جريح!!
 
شارك التلفزيون في ترديد إتِّهامات للمتظاهرين بالعمالة، وتلقِّي تمويلاً، وتوزيع مأكولات من محلات فاخرة عليهم ومبالغ مالية، ولم يتحقق من صحة هذه الاتهامات، و"هوَّن" من هجوم البعض على المتظاهرين بالجمال والأحصنة، وقام بعد عدة ساعات بعرض صور لاحقة للهجوم بعد أن قامت معظم القنوات الفضائية بعرضها. كان دائمًا التلفزيون "بعيدًا" زمنيًا عن الأحداث، ودائمًا يأتي متأخرًا. وربما كان هذا احد أسباب تكسير كاميرات التلفزيون، ورفض المتظاهرين الحديث مع تلفزيون بلدهم وتفضيل قنوات عربية أخرى.
 
ورغم أن التلفزيون المصري كان دائمًا يعلن أنه "يحرص على نقل جميع الأحداث بنزاهة وشفافية منذ بداية الأحداث"، إلا أن هذا لم يحدث على أرض الواقع، فمعظم المداخلات الهاتفية كانت مع بعض الصحفيين بالصحف القومية وقادة بعض الأحزاب التي لم يكن يسمع عنها أحد من قبل، وليس لها أي دور في الحياة السياسية، ولم يتم الإشارة في أي خبر إلى أخبار المعارضة المصرية، وخاصة أخبار الإخوان المسلمين، والدكتور "أيمن نور" والدكتور "محمد البرداعي"، وتم قطع الإتصال مع الشيخ "فوزي الزفزاف"- عضو مجلس البحوث الإسلامية- عندما بدأ ينتقد ما وصفه بمرتزقة الحزب الوطني، وفتح التلفزيون صدره لانتقاد الموسيقار "عمار الشريعي" لأداء الإعلام المصري، بينما قدَّمت "البي بي سي" أداءًا مهنيًا راقيًا، فكانت تعرض الرأي والرأي الآخر؛ فبينما تستطلع رأي المعارض "أيمن نور" في مداخلة هاتفية، بعده بدقائق تستطلع رأي الأستاذ "كرم جبر"- رئيس مجلس إدارة مؤسسة "روزاليوسف". وسقطت "الجزيرة" في ترويج أخبار وشائعات كاذبة وتعاملت معها كأنها حقائق، وحرص التلفزيون المصري على نفيها أولًا بأول.
 
ومن المدهش، أن يخرج مراسل التلفزيون المصري في "الإسماعيلية" السيد "علاء وحيد" يوم الجمعة 4 فبراير، ليشيد بدور التلفزيون المصري، ويقول أن المشاهد الإسمعلاوي يحرص على مشاهدة تلفزيونه المصري المفضَّل، وهي شهادة مجروحة!
 
لا يمكن بالطبع إغفال انفراد التلفزيون المصري بأول حوار مع السيد "عمر سليمان"- نائب رئيس الجمهورية- وإذاعة بيانات القوات المسلحة وخطابات رئيس الجمهورية.
 
ويبقى أن نقول: إننا عندما ننتقد التلفزيون المصري الوطني، فإننا نتطلع منه أن يكون في أوائل التلفزيونات التي يحرص على متابعتها المصريون والعرب، راجين أن يُحسِّن من أدائه المهني، ويعتني باختيار مراسليه، ويعرض الخبر مجردًا من الرأي، ويزيد من سقف حرية البرامج الحوارية حتى يواكب القنوات الفضائية الأخرى.




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :