آحاد الصوم الكبير من جبل العظة إلى جبل الصعود
أوليفر
الجمعة ١٧ فبراير ٢٠١٧
أحد الإستعداد –الفضائل و الثالوث الأقدس
Oliver كتبها
كل أعمال رب المجد و خدمته و عظاته معجزاته و حياته حتي صلبه و موته و قيامته كانت تهدف إلى مصالحتنا مع الآب لكى نتأهل و يصعد بنا إلى الأبدية للعشرة و الشركة مع الثالوث الأقدس.و هذه السنة ستتبع مقالات آسابيع الصوم الكبير كيف أن المسيح المتجسد صعد بما لكي يمكننا أن نرى و نتأمل و نتفهم الكثير من قراءات آحاد الصوم المقدس لتسندنا النعمة فنفهم المكتوب في إنجيل أحد الرفاع.مت6:1-18
محبة الآب هدف كل الفضائل
الصدقة في الخفاء لكي يجازينا الآب.أما قدام الناس فليس لها أجر من الآب.هكذا يقدم الإبن أبيه هدفاً لكل فضيلة.فالفضيلة التي ليست لإرضاء قلب الآب لا معني لها و ليست منتسبة للأبدية.من هنا نشفق على من يعيشون بالفضيلة دون أن يتعرفوا على الآب و نرجو أن يرسل لهم الآب من يصالحهم عليه.الأخلاق الطيبة ليست فضيلة سماوية بل سلوك إجتماعى هدفه الرضا عن النفس أو رضا الناس أما الفضيلة فتأخذنا لأعلى لتجعلنا منتسبين للآب بالإبن في الروح القدس.الفضيلة لغة سماوية و طبيعة سماوية أما الأخلاق فتبدأ و تنتهي في الأرض.
الصلاة قدام الآب في الخفاء لها مكافأة أما قدام الناس فلا قيمة لها عند الآب .صارت باطلة.لأن الإبن يسوع لم يأت إلا لنعرف الحياة الأبدية .و ما هي الحياة الأبدية ؟ أن نعرف الآب يو17: 3 .أن يكون لنا علاقة و إتصال بالآب .أما الصلاة قدام الناس فهي إتصال بالناس .فكيف يكون لها أجر و الناس ليس عندها أبدية تمنحها لأحد و لا لنفسها.
الصوم يجب أن يختفي عن الناس و لا يظهر إلا للآب.فالآب هي الذي يجازي علانية.أما الصوم للناس فمصيره الفناء.إنه تعذيب بدني بلا جدوى.مجهود ضائع يتسول مديح من لا يملك المكافأة.
حتي الطلبة الربانية التي علمنا الرب يسوع إياها تبدأ بالمصالحة مع الآب.فنخاطب الآب أبانا نحن الذين كنا غرباء و أجنبيين و منبوذين من السماء لتجاسرنا على وصية الآب.لكن المسيح في بنوته الإلهية أعطانا بنوة بالنعمة لكي ننادي أبيه كما يناديه هو و نقول مع المسيح للآب يا أبانا الذى في السماوات.و هكذا يدفعنا المسيح إلى المصالحة الأبدية و تذوق عشرة الآب و نحن لا زلنا في الجسد
الروح القدس يعلمنا الفضائل التى تتفق مع مشيئة الآب
الصدقة المرضية هي التي لا يعرف صانعها شماله ما تفعله يمينه.لكن كيف لا يعرف الإنسان ما تفعله يديه إلا إذا كان أحد يمسك يده و يحركها و يوجهها فتصنع الصدقة بإرادة الروح القدس الساكن فيك فلا تكون أنت الفاعل بل المفعول به.و هكذا فالروح القدس يمسك يمينك و يضع فيها صدقة و يمدها للمحتاج و أما أنت فتقف شاهداً مبهوراً متسائلاً من اين هذه المحبة و أنا في الأصل بخيل و أناني.كيف جرؤت على هذه التقدمة و أنا أحسب كل شيء قبل أن أتصرف.لابد أن أحداً آخر في داخلي .لابد أن لي إنسانين.لهذا لا يعرف إنساني الشمالى الظاهر ما يفعله إنساني الداخلى الجديد اليميني الذي ينقاد بالروح القدس.الإنسان الجديد وحده هو الذي صدقته مقبولة أما العتيق فهو يصنع كل شيء قدام الناس فلا أجر له.لذلك لا يعرف شماله ما تفعله يمينه.فالروح القدس وضع حداً بين الجديد و العتيق فينا.لذلك لا تصوت بالبوق فهذا صوت الإنسان العتيق الذى يتغذى على التفاخر .إتبع الروح القدس الهادئ فيقودك بسكون إلى الآب.
في الصلاة الأمر كذلك ايضاً.تدخل مخدعك.و ما هو مخدعك؟ هو الإنسان الداخلى المولود بالروح القدس الذى هو مخدع الروح القدس يسكن فيه و هو أيضاً مخدعك هو المكان المريح لك و لروح الله فيك .هذا الإنسان الجديد يحتاج أن تفصل بينه و بين العتيق فإغلق الباب قدام العتيق لأن كل صلاة العتيق باطلة.لا صلاة مقبولة بغير الإنسان الذي يسكن فيه روح الله الذى يصنع و يرفع و يشارك و يشفع في الصلاة.لذلك صلاة الروح القدس هي لغة الإنسان الجديد قدام الآب,أما العتيق فلا يعاين ملكوت السموات إذ تصده السمائيات عن دخول صوته إلي هناك.لأن صلاة العتيق لا تصل خارج الفم.إذ هي منحصرة في إمكانياته المحدودة القاصرة.
كيف تصلي بالإنسان الجديد؟ إستنجد بالروح القدس.أطلب منه أن ينطق فيك.يشفع و يترجم أناتك إلى لغته الإلهية.لا تصلى لإله يوجد فوق فقط بل لإله يسكن أحشائك.يعمل فيك لتتكلم و لا تسكت.لتعمل بالروح و لا تتوقف.فالصلاة الدائمة هي تواصل مباشر مع الروح الساكن فيك .هكذا تصلي بالإنسان الجديد.حيث تستمتع بوجه الرب بدون مواربة.يصير التسبيح عشقاً و التمجيد شوقاً.الصلاة هى صداقتك مع روح الله فيك.يحركك دوماً.تكلمه في باطنك و تسمعه أيضاً.كن صديق الروح القدس فتعرف مشيئة الله في حياتك هذه هى الصلاة الأعمق.
الروح القدس يعطك الصوم وحده.حين يأمرك المسيح أن تدهن رأسك فهو يأمرك أن تتزين بالروح القدس لأنه المسحة التي بها مسحنا. لما تدهن رأسك أى تجعل الروح القدس يتقدمك. تكسوك النعمة فتكون في التو ظاهراً للآب لأن الروح القدس يقودك. فدهان الرأس هو تكريس الحواس للآب و اي صوم أعمق من هذا.إن إرتقاء الفكر للآب هو ذبيحة أفضل من كل أصوام الجسد.يصل صومك و يسمعه الآب كصلاة في العلاء و يقبله بشفاعة الروح القدس. لن يدرك الناس أنك صائم بسبب أن ثمار الروح الذي هو الدهن المقدس ثمار خفية تسكنك في الداخل فتتغذي عليها محبتك للآب.و يظنك الناس لا تصوم لأن الصوم عندهم عبء و أثقال.كآبة وجه و ضيق خلق.أهذا صوم يختاره الرب؟ الصوم خفة الروح نحو السمائيات.الصوم رحلة يتدشن فيها الجسد بالروح القدس من جديد.فلا تنس أن تدهن رأسك لأن هذا هو الصوم نفسه.أن يكتسي وجهك بحلاوة الروح القدس و صورة أبناء السماء.هكذا علمنا المسيح أن الصوم بالروح القدس كما الصدقة و الصلاة.
الفضائل شركة مع المسيح
مع كل فضيلة من الثلاثة التي يتكلم عنها ربنا يسوع يكرر عبارة (الحق أقول لكم). كيف صارت تلك الفضائل سلماً هنا يرتقي بنا المسيح عليها ماسكاً بايادينا لئلا نزل و نعيش كالقدماء الناموسيين.إن عبارة (الحق أقول لكم) تعني خذى مني أنا كيف تعيشون الفضيلة .لأكن ظاهرا لكم فتظهر لكم
الفضيلة الحقيقية. الحقيقة عندى و الأسرار معى .الحق في داخلى و أنا من داخلى أعطيكم
متى تصدقت لا تبوق بالبوق في المجامع و لا في الشوارع.ما هو البوق و لمن يبوق.البوق هو صوت الإنسان العتيق و لسانه العالى.بينما الصدقة حب الإنسان الجديد لمجد المسيح.فلا تدع االجديد يصنع رحمة المسيح ثم تترك العتيق يبددها بدهاءه. أسكت العتيق في الكنيسة و في المجتمع لا تسمح له أن يلفت الأنظارفهذه هى الإماتة. لأن الصدقة حب إلهى تأخذه من شركتك مع أصل الرحمة يسوع المسيح.أما بوق الإنسان الجديد فهو شهادة المسيح عنك قدام الآب.الآن أى بوق ستختار؟ بوق العتيق أم بوق المسيح؟المسيح يأخذ بيدك يقول لك الصدقة لى.البوق لى و مع أنك أنت تعط مما أخذت منى لكننى أنا أعلن عن محبتك قدام الآب..هنا يأخذ المسيح بيدك قائلاً يا إبنى دعنى أمجدك و أجعلك صانع رحمة مثلى.المسيح يتولى مسئولية تكريمك.أى حديث لك عن نفسك على سبيل الإفتخار يفقدك المجد الأبدى.
حين تصلى من يأخذك إلى زوايا الشوارع إلا الإنسان العتيق يريد أن يضيق عليك . لأنه لا ينظر إلى فوق أبداً أما الجديد فلا يريد أن ينشغل عن شركة المسيح.إنه يدخل مسرعاً بعيداً عن الناس لينفرد بالحبيب .يغلق خلفه كل الأبواب.و يصل إلي المخدع.إغلق الأبواب ليس هربا من الناس بل لكي لا يطاردك العتيق و يفسد حديثك مع حبيبك.فالعتيق لا يصلى بل يتفاخر كالفريسى.العتيق يردد الكلام باطلاً أما الجديد فيصلى و المسيح يبدو له واضحاً.لذلك حين تغلق الأبواب الأرضية ينفتح قدامك باب في السماء.فتنطلق بكل حرية لتشارك الملائكة في سماء المجد.تتكلم مع الثالوث بغير عائق لأن الروح فيك و إسم المسيح وسيط و محبة المسيح تفرز لك لغة السماء عن لغة الأرض.هكذا تصلى. إن لم تحبس العتيق خارج فكرك خارج قلبك خارج إرادتك لا تعرف الوصول إلى المخدع. ستسأل كيف تحبس العتيق؟ قيده بالإتضاع.ألجمه بإنكار ذاتك.تغلب عليه بعدم الإدانة.قدم حباً و عطايا فهذا يحرق العتيق.
المخدع هو النوم مطمئناً في أحضان المسيح.هناك لا تكتفي بالصلاة بل بالهذيذ . تنغلق كل حواس الأرض و تنفتح حواسك الروحية فتنطق كالملائكة و الخروف المذبوح قدامك.تشتاق لمزيد من حديث لا ينطقه لسانك لأن روح الله فيك يتكلم.طوباك إن صليت هكذا.هذه ليست صلاة فحسب بل شركة مع المسيح.
صوم العتيق صوم جسدى.فالعتيق وحده هو الذى يأكل و يشرب و يتلذذ.أما الجديد فغذاءه كالملائكة روحانياً.فإن أنت تريد صوم الملائكة فلا تغذى العتيق .كلما أضعفته كلما تقويت روحياً.لأنه لما يشبع يتمكن منك.يصارعك و يعطلك.لأن العتيق لا يهمه أبديتك بل شهواته.فأنت بالصوم تروضه.ليس هذا هدفاً بل وسيلة لكي تنطلق لغذاءك فليس بالخبز وحده ستحيا بل بكلمة المسيح أو المسيح الكلمة.فالصوم هو إستبدال غذاء أرضى بآخر روحي و ليس إستبدال غذاء حيوانى بآخر نباتى.و من يتغذى بالروح يشترك مع المسيح في غذاءه. الرب في كل مرة يتكلم عن طعام أو شراب يربطه بفضيلة.فطعامه أن يعمل مشيئة أبيه و طعامه أن يعيش بالوصية و طعامه هو خلاصنا الذى إنشغل به عن كل طعام.لذلك فالصوم هو أن نأكل من طعام المسيح و أن نعيش مفهوم الطعام عند المسيح.الصوم أن تدهن وجهك لأنك تلبس المسيح .هذا هو الصوم أن تنظر بعين المسيح و تتكلم بلسانه إدهن وجهك بالمسيح هذا يفعله فيك الروح القدس الذي يعيد لك صورة المسيح هذا هو صومك الذي ينبغي أن تجتهد لتقتنيه إنه شركة إلهية و ليس له علاقة كبيرة بنوع الطعام أكثر مما له علاقة بفهمك لقصد المسيح عن هدف الصوم.
صلاة للثالوث الأقدس
أيها الثالوث الأقدس .لنا زمن لم نرحم كما ترحم.لم نصلى كما صليت.لم نصُم كما ُصمت. لم نختل كما إختليت بالآب. بيننا و بين الوصية هوة كبيرة تملأها بنعمتك و تأخذ بأيادينا فنتخطاها إليك.حينما كنت على الجبل تعظ كنت تعط مع الوصية قوة لتنفيذها لذلك أيها الثالوث أنت واهب القدرة لتميم الوصية فأظهر قدرتك.فإننا بالحقيقة نشتاق إلى أن نعمل الوصية كما تريدها لنا .نود أن نرضيك و لو ليوم و لو للحظة لنستمتع برضاك و أنت تكمل النواقص.نشتاق أن نصوم و نصلي و نرحم بالإنسان الجديد.فالعتيق يطاردنا.و كثيراً ما نفشل في أن ندهن رأسنا بروحك و كثيرا ما نعجز أن نهرب منه و نغلق في وجهه الأبواب و كثيراً ما لا نصل إلى المخدع.فنبقي في الشوارع نصلى لأن العتيق أعاقنا و لن ننتصر عليه بدونك.فيا من خلعته منا في المعمودية و ألبستنا الجديد إعطنا تلك القوة التي نعيش بها خالعين القديم كل الأيام.لأنك أيها الثالوث الأعظم ليس فيك عتيق فأنت جديد كل الأيام.و ستبقي هكذا.
أيها الثالوث الساكن في الرحمة و المحبة تعال خذنا لنسكن معك.و ندعك تجد راحتك فينا فتسكن بروحك و تعمل بغير مقاومة.إجعلنا في ليونة الزيت في يدك لكي نكتسى بالنعمة و تصبح الفضيلة روح فينا و ليست عبئاً علينا.إعطنا أن نتصالح مع وصاياك فنحبها من كل القلب لأنها فيك.تأخذنا إلى طبيعتك فنشبع منك.أيها الثالوث الصائم عن كل شر و شبه شر إجعلنا مثلك صائمين.أيها الثالوث الذي حديثه حلاوة و كله مشتهيات إجعل صلاتنا شهداً نتلذذ به تأخذنا فيها إلى ملكوتك فنتذوق عربون الأبدية .أيها الآب: الإبن فيك بوقاً لنا.فلا حاجة لكل أبواق العالم.أيها الآب :الروح القدس منك دهن لنا لكى لا نعود ننتسب للأرض و من فيها.فأحفظ لنا تلك الوساطة الأبدية بمغفرتك لخطايانا .لك نسجد.بك نفرح.إليك نشتاق.و سنظل هكذا بغير ما نهاية.