القصة الداعشية تحت القبة البرلمانية
مقالات مختارة | خالد منتصر
الاربعاء ١ فبراير ٢٠١٧
أخيراً اقتنعت نائبة فى البرلمان بما كتبته عن القصص الداعشية فى المناهج التعليمية، وناقشته تحت القبة، كنت قد كتبت مقالاً بعنوان انتظروا «داعش» برعاية الهلالى الشربينى:
http: //www.elwatannews.com/news/details/1606971
واستجابت النائبة المحترمة منى منير للمقال، وسألت أعضاء لجنة التعليم عن قصة «وا إسلاماه»، التى كتبت عنها، ودعوت إلى شطبها من المنهج، والمقرّرة على الصف الثانى الثانوى، والتى يقطع فيها طفل الأعناق ويتلاعب بالجماجم ويصدر للطلبة أن هذا هو مفهوم البطولة، لم أتوقع أن يلاقى مقالى واقتراحى الذى عرضته النائبة كل هذا الانتقاد من بعض أعضاء اللجنة، منهم من تحدث عن حرية التعبير، ومنهم من قال إنه قد درس القصة ولم يصبح إرهابياً، أما وكيل اللجنة فقد قال إنها أمور يجب ألا نهتم بها، فمهمتنا مناقشة أحوال المدرسين ومرتباتهم وتطوير المناهج، وكأن القصة من مناهج الطبيخ، وليست من مناهج الوزارة!!، هذا هو مجمل اعتراضات أعضاء لجنة التعليم على ما قالته النائبة، وبقدر سعادتى أن يُناقش مقالى تحت قبة البرلمان بقدر حزنى على اختلاط المفاهيم عند البعض ممن أحترمهم وأقدر غيرتهم ووطنيتهم عند مناقشة هذا الأمر، أولاً بالنسبة إلى حرية التعبير، لست فى مجال مزايدة على دفاعى عن حرية التعبير، ولم أطالب بمصادرة الرواية من الأسواق أو المكتبات، بل يجب أن تبقى أى رواية مهما كانت، متاحة للاطلاع، لكننى أتحدث عن منهج دراسى تعليمى، أتكلم عن تشكيل وجدان وعقل، أناقش مسئولية وزارة تربية وتعليم أوكل إليها تنشئة جيل جديد على قيم اجتماعية ووطنية مشتركة، بعد الخروج من الفصل وبعد انتهاء اليوم الدراسى وبعد الخروج من بوتقة هذا التشكيل الفطرى الوطنى المشترك، الطالب حر يقرأ ما يشاء،
لكن أن أصدر إليه كمعلم، وأرسل إليه كمدرسة رسالة يترجمها على أنها تعكس رأياً واتفاقاً وطنياً، هذا هو الخطير فى الأمر، هذا ليس اختياراً فردياً للطالب يقرأه مضطجعاً على سرير، وإنما هو اختيار دولة يدرسه مجبراً ويطالب بالإجابة النموذجية غصباً عنه فى حجرة دراسة جماعية تضم كل الأطياف والأديان الاجتماعية، ثانياً بالنسبة إلى النائب الذى تم تدريس «وا إسلاماه» له وهو طفل ولم يتخرج -رغم ذلك- إرهابياً، أقول له لقد قرأت كتب الظواهرى وعبدالسلام فرج وعمر عبدالرحمن وسيد قطب ولم أتخرج إرهابياً أيضاً، فهل هذا يعنى أن أدرسها لأطفال المدارس؟!، وإذا كان حضرتك لديك الفلتر الوجدانى والعقلى المتسامح، فهل سيوجد هذا الفلتر عند زملاء مدرستك؟!، والمهم عندى هو أن منع مثل تلك القيم من التسلل عبر قصة أو موضوع قراءة هو انحياز دولة لقيم المواطنة والدولة المدنية، وليس بالضرورة أن كل من سيقرأ عن طفل يقطع الرؤوس ويتم تمجيده فى كتب المدرسة، أنه سيقطع الرؤوس حتماً عندما يكبر، لكنه من الممكن أن يُصفّق لقاطع الرؤوس أو يتسامح معه، أو على الأقل يتآلف مع هذا المشهد الذى لن يحمل له أى إحساس حتى بالقشعريرة!!، أما ما طرحه وكيل اللجنة عن أولوياتها،
فأنا موافق على أن المرتبات وأحوال المدرسين مهمة، بل فى منتهى الأهمية، لكن انعكاس ذلك على المنتج التعليمى فى ظل مناهج متخلفة يساوى صفراً!!، فى بلاد ثرية مجاورة يقبض المدرس عشرات الآلاف كل شهر، لكنه يخرج عقولاً مقتنعة بالتفجير والتفخيخ والعمليات الانتحارية وكراهية الغرب الكافر، ويتركون بلادهم ويسافرون إلى آخر الدنيا لتفجير برج تجارة أو حرق محطة مترو!!، ماذا فعلت زيادة مرتباتهم بالنسبة إلى تغيير عقول طلابهم فى ظل منهج يعلمهم أن المسيحى والشيعى واليهودى «كفرة»، وأن قطع الرؤوس بطولة.. لا شىء!!، قضية التعليم أخطر مما نتصور، وهى سلم الصعود، وطوق النجاة والسبيل الوحيد لإنقاذ الرؤوس من قاطعى الرؤوس.