الأقباط متحدون - ترامب في خدمة الإرهاب
  • ٠٢:٢٠
  • الاربعاء , ١ فبراير ٢٠١٧
English version

ترامب في خدمة الإرهاب

د. عبد الخالق حسين

مساحة رأي

٢٩: ٠٩ ص +02:00 EET

الاربعاء ١ فبراير ٢٠١٧

ترامب
ترامب

د. عبدالخالق حسين
قال الفيلسوف الألماني، إريش فروم (Erich Fromm) "أن الإرهابي لا يعتمد على الأضرار المباشرة من أفعاله، بل على نتائج ردود الأفعال". فردود الأفعال التي تتخذها الحكومات هي الأخطر، إذ تشبه سلسلة التفاعلات النووية (Chain reactions). وما قرارات الرئيس الأمريكي الجديد، دونالد ترامب، بمنع دخول مواطنين من سبع دول إسلامية إلى أمريكا إلا من هذا القبيل. فقد أصدر ترامب يوم الجمعة الماضي(27/1/2017)، قرارات تنفيذية تقضي بمنع مواطنين من سبع دول إسلامية وهي إيران والعراق وسوريا واليمن والسودان والصومال وليبيا، من دخول أمريكا ولو كانوا يحملون تأشيرات دخول نافذة، بل وحتى من حاملي وثائق إقامة دائمة في الولايات المتحدة، أو جوازات سفر من دول أخرى مثل الدول الأروبية.

لا أفشي سراً إذا قلت أني من الذين رحبوا بفوز ترامب، وذلك لأنه أكد في حملته الانتخابية أنه سيمحي من وجه الأرض، الإرهاب الإسلامي التكفيري ودعاته مثل الأخوان المسلمين، ورعاته ومموليه من الحكومات الوهابية وغيرها. كذلك أخبرني أصدقاء مقيمون في أمريكا، أن أغلب أعضاء الجاليات العراقية والعربية والإسلامية من مواطني أمريكا قد صوتوا لترامب ولهذا الغرض. ولكن المؤسف أن ترامب أحاط نفسه بأشد اليمينيين المتطرفين في حزب المحافظين الجدد وشكل إدارته من أشد غلاتهم، ممن سايروه وشجعوه في أخذ قرارات متطرفة من شأنها أن تضر بأعداء الإرهاب من المسلمين، بل وحتى تضر بأمريكا نفسها والعالم المتحضر، وتقدم أفضل الخدمات للإرهاب الوهابي التكفيري، إذ كما تفيد الحكمة (كل شئ زاد عن حده انقلب ضده).

فهذه القرارات التنفيذية المتطرفة هي أقصى ما كان يتمناه دعاة الإرهاب ومشايخ الوهابية الذين يغسلون عقول الشباب المسلمين في تجنيد المنظمات الإرهابية. فالهجرات المليونية، والإرهاب الإسلامي التكفيري وما يرتكبه من جرائم في العالم ضد الحضارة والإنسانية، أدت إلى خلق مشاكل كثيرة في الدول المضيفة، من نتائجها تصعيد اليمين المتطرف، وتوسيع شعبيته في الغرب، و نيل الأحزاب الفاشية في أوربا أكثر من 20% من أصوات الناخبين، كما وأدى إلى خروج بريطانيا من الوحدة الأوربية، بل وحتى إلى فوز ترامب نفسه لما رفعه من شعارات متطرفة ضد المهاجرين والإرهاب الإسلامي. وهناك احتمال كبير حصول ما هو أسوأ في قادم الأيام، وهو إمكانية فوز ماري لابين، زعيمة الحزب القومي الفرنسي الفاشي في الانتخابات الرئاسية الفرنسية القادمة في هذا العام.

والملاحظ أن قرارات ترامب التنفيذية المجحفة هذه، رغم أنها بدعوى محاربة الإرهاب، والسيطرة على الحدود، وحماية أمن ومصالح المواطنين الأمريكيين، إلا إنها لم تشمل الدول الإسلامية المتورطة في تفريخ الإرهاب ورعايته مثل السعودية وقطر والإمارات وتركيا، وباكستان، أو تعرضت للإرهاب مثل إندونيسيا. فقد جاء في تقرير موثق لصحيفة الـ(واشنطن بوست) بعنوان: (البلدان التي لترامب مصالح تجارية معها لم تضربها قيود السفر الجديدة)(1)، وهذا دليل على أن ترامب لم يكن نزيهاً ولا صادقاً بإدعاءاته في أخذ قراراته، بل لعبت مصالح مؤسسته التجارية دوراً كبيراً في شمول أو عدم شمول الدول. فمعظم الدول المشمولة بهذا القرار هي ليست مصدر الإرهاب، بل هي ضحايا الإرهاب القادم من الدول الأخرى المشار إليها في أعلاه، والتي لم تشملها قرارات ترامب، وهي التي ترعى الإرهاب ومصدره مثل السعودية وقطر وغيرهما من الدول الخليجية غير المشمولة. إضافة إلى تناقض في هذه القرارات، فمثلاً العراق في تحالف إستراتيجي مع أمريكا، وهناك الألوف من العسكريين الأمريكان في العراق لدعم القوات العراقية في حربها على الإرهاب الداعشي.

والمعروف أن السعودية هي مصدر الإرهاب، ولولاها لما كان هناك إرهاب إسلامي إطلاقاً. فالكل يعرف أن 15 من 19 من الإرهابيين الذين ارتكبوا جريمة 11 سبتمبر 2001، كانوا سعوديين، ولم يكن من بينهم أي فرد من مواطني الدول السبع التي شملها القرار. ومؤسس وزعيم القاعدة هو أسامة بن لادن ملياردير سعودي. وهناك دراسات وتقارير من مسؤولين أمريكان، تؤكد دور السعودية وتركيا والدول الخليجية في تشكيل منظمات الإرهاب ودعمها مالياً ولوجستياً وعقائدياً وإعلامياً وأكثر المتبرعين للتنظيمات الإرهابية هم من الدول الخليجية. ومع ذلك لم يشملها ترامب بقراراته وذلك بسبب مصالحه التجارية في هذه الدول. (التفاصيل في تقرير واشنطون بوست، الرابط في الهامش)(1). وكذلك لإثارة المخاوف وإسلاموفوبيا.(يرجى فتح رابط فيديو للباحث الأمريكي فريد زكريا، رابط رقم 2 في الهامش).

فهذا القرار المجحف خلق وضعاً غريباً أدى إلى إرباك وإحراج حتى أصدقاء أمريكا. ففي البداية حاولت رئيسة الحكومة البريطانية، تريزا مي، أن تتهرب من الإجابة على أسئلة الصحفيين إثناء زيارتها لتركيا، إذ زعمت أن مسألة الهجرة إلى أمريكا تخص أمريكا، وأنها مسؤولة عن الهجرة في بريطانيا، الأمر الذي أثار ضجة كبرى ضدها في بريطانيا، مما اضطرت أن تصرح بأنها لا تتفق مع ترامب، في الوقت الذي طالبتها المعارضة بإدانة القرار، وحتى إلغاء الدعوة التي وجهتها باسم الملكة لترامب بزيارة رسمية لبريطانيا هذا العام ما لم يقم الأخير بإلغاء قراراته تلك، وهناك عريضة على الشبكة بهذا الخصوص وقعها لحد كتابة هذه السطور أكثر من مليون وستمائة ألف مواطن بريطاني، ويتزايد العدد بالمئات كل دقيقة، مطالبين البرلمان بإلغاء الزيارة الرسمية. (رابط العريضة رقم 3 في الهامش)

كذلك خلقت هذه القرارات معارضة قوية، وضجة واسعة في أمريكا نفسها، فهناك تظاهرات في عشرات المطارات الأمريكية تطالب بإلغاء القرار وإطلاق سراح من تم اعتقالهم من المسافرين. والقرار هو بالأساس مخالف للدستور الأمريكي، مما حدى بقاضية فيدرالية أميركية بتعليقه جزئياً، وأمرت بوقف ترحيل اللاجئين والمسافرين المحتجزين في المطارات بموجبه. كما وقام ترامب بإقالة القائمة بأعمال وزير العدل لرفضها تطبيق حظر السفر، وكذلك قرر وزراء العدل في 16 ولاية اميركية بإدانة هذا القرار، إضافة إلى التظاهرات الاحتجاجية في العديد من دول العالم وأكبرها في أمريكا نفسها.

ومن نافلة القول، إن ترامب بقراراته التنفيذية هذه، و قراره بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، والسماح لإسرائيل ببناء المزيد من المساكن في الأراضي الفلسطينية، متحدياً مواقف ومشاعر شعوب 55 دولة إسلامية، قدم خدمة مجانية لا تقدر إلى الإرهاب من حيث يريد أو لا يريد، وذلك لأن قادة التنظيمات الإرهابية و دعاتها ورعاتها من حكومات وشيوخ الوهابية، يدَّعون في حملاتهم الإعلامية أن الدول الغربية وبقيادة أمريكا، مازالت تواصل حروبها الصليبية ضد الإسلام، وإن ادعائها بمحاربة الإرهاب ما هو إلا ذريعة لتدمير الإسلام وإبادة المسلمين. أما أحداث 11 سبتمبر 2001، فتقول نظرية المؤامرة، أن الذين قاموا بها هم أمريكا وإسرائيل من خلال منظماتها الاستخباراتية (السي آي أيه والموساد) من أجل خلق ذريعة لشن حرب على الدول الإسلامية وتدمير قدراتها البشرية والمادية وإبقائها متخلفة!! كما يزعمون.

لذلك جاءت قرارات ترامب ضد المسافرين من الدول الإسلامية السبع، هدية من السماء إلى الإرهابيين ومن يرعاهم لشحن العداء بين المسلمين وغير المسلمين ولدعم الإرهاب. وما لم يغيِّر ترامب موقفه بإلغاء قراراته المجحفة هذه، فإن أمريكا مقدمة على الكثير من التطرف اليميني، والانحدار والسقوط في هاوية الفاشية وما يحصل من تبعات هذه السياسة العبثية الخطيرة. ولا اعتقد أن الشعب الأمريكي سيسمح بحصول هذه الكارثة.
abdulkhaliq.hussein@btinternet.com 
http://www.abdulkhaliqhussein.nl/

ــــــــــــــــــــــــ
روابط ذات صلة
1- Countries where Trump does business are not hit by new travel restrictions
By Rosalind S. Helderman
The seven nations targeted for new visitation restrictions by President Trump on Friday all have something in common: They are places he does not appear to have any business interests.
 https://www.washingtonpost.com/politics/countries-where-trump-does-business-are-not-hit-by-new-travel-restrictions/2017/01/28/dd40535a-e56b-11e6-a453-19ec4b3d09ba_story.html?utm_term=.4eab2de1c90a&wpisrc=nl_most-draw14&wpmm=1
 
2- Fareed Zakaria, GPS:  Trump's travel ban 'fear mongering'
Fareed gives his take on why Trump's executive order on immigration is "fear mongering" that risks destroying the US's reputation as a beacon of hope. Source: CNN
 http://www.cnn.com/videos/tv/2017/01/29/exp-gps-0129-take-travel-ban.cnn

3-  إلى الأصدقاء من مقيمي ومواطني بريطانيا: يرجى توقيع طلب منع ترامب من زيارة ألمملكة ألمتحدة زيارة رسميه ، لعدم إحراج جلالة ألملكة وإرسال ألطلب لأصدقائكم لتوقيعه إن رغبوا بذلك ، ولكم جزيل ألشكر سلفا"..
https://petition.parliament.uk/petitions/171928

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع