" الثورة جميلة وحلوة وانت معايا "
جاكلين جرجس
الثلاثاء ٣١ يناير ٢٠١٧
چاكلين جرجس
Jakogeorge@gmail.com
رغم حالة الاصطفاف السياسي والتبعية الفكرية التي نشهدها الأن من جانب فصيل منا ، وإعلانه العداء الكريه للفصيل الأخر في مقابل عداء واحتقار الأخر له في العديد من المواقف والرؤى السياسية ، وبشكل خاص ما نشهده من انحياز لدور ثورة 25 يناير من جانب البعض وتمسكهم بوصفها ثورة وأنها قادت إلى تغيير على الأرض في مقابل البعض الأخر الذي يراها مؤامرة مُدبرة من الخارج بتعاون خونة من الداخل وإلى حد إطلاق " 25 خساير " عليها .. أقول رغم تلك الحالة ، فإنني أدعي أن الأيام الينايرية الأولى قد شهدت حالة فرحة وبهجة غير مسبوقة من جانب صبيان وبنات ميادين التحرير شهد لها العالم عبر كل وسائط الميديا بالصورة والمشاهد التليفزيونية الحية موثقة لحالة جيل يحلم بالتغيير لحالة الثبات المميتة التي ظل يدعمها النظام الحاكم بدعوى ضمان استمرار حالة الاستقرار ، وما كانت تلك الحالة سوى تكريس لما يمكن وصفه بحالة البلادة والعجز والتخلف عن ركب التقدم في مقابل صفقة بين النظام والمعارضة السياسية التي باتت مستأنسة لطيفة عبر شراء ضمائر نخبتها وقمع الغير قابل للتماهي مع النظام ، وعقد صفقة أخرى مع جماعات التطرف والإرهاب بتوفير مناخ سرقة الاقتصاد الوطني العام والخاص ونشر فتواهم المدمرة ، بل والأدهى والأمر توفير 88 كرسي في برلمان الشعب والسماح بالمشاركة السياسية ، وكل ذلك في مقابل التراجع عن الاستمرار في إذكاء روح الطائفية ودعم العمليات الإرهابية ...
خرج شباب مصر رافضاً خلط الأمر السياسي بالديني ، ضارباً عرض الحائط بفكرة الانتماء السياسي للكنيسة والأزهر مع كامل الاحترام لدورهما الروحي كمؤسسات دينية عتيدة ، ورفض التبعية السياسية لتلك المؤسسات وقياداتها للنظام الحاكم وكأنهم يمثلون دواوين حكومية تعمل للترويج السياسي للنظام مهما بلغت أخطائه وخطاياه ..
و رفع الشباب شعارات وطنية ، و تغنوا جميعا بأهازيج وأشعار ثوار 1919 و 1952 ، بل وأبدعوا لثورتهم مجموعة بديعة من الأغاني والألحان والرسوم الجدارية ، والتي يتم الآن ومنذ فترة اغتيالها وشطب أسماء مبدعيها من دفتر إبداع ثورات الوطن بكل غباء سياسي !!
"الثورة جميلة وحلوة وانت معايا " كان مطلع أغنية إرتجالية رددها الشهيد مينا دانيال و صديقه محمد المصرى فى ميدان التحرير أثناء ثورة 25 يناير ، ليبشرا بفرحة قدوم عصر جديد تسود فيه قيم " المواطنة الكاملة " ، والعمل على إقامة مجتمع ديمقراطي لا يشكو فيه المواطن من التهميش أو الظلم الاجتماعي أو إهدار الكرامة الإنسانية أو انتشار الفساد الإداري والمالي ..
لقد دفع مينا دانيال و الشيخ عماد عفت والمئات في ميادين تحرير الوطن من غباوات زمن التراجع الفكري والفساد السياسي والإداري والمالي وإهدار الكرامة الإنسانية عبر حقب الاستقرار الكاذب الخادع ..
رحل مينا ( الملقب بجيفارا الثورة المصرية ) ورفقاء الميدان ، بعد قفز جماعات التطرف المقيت مدعومة بخيابات نخبة الندامة الثورية أصحاب المبادئ والمصالح الانتهازية ، وعبر تخطيط ودعم مادي وسياسي وإعلامي لنظم ودول قررت تدمير كل عناصر القوة في المنطقة العربية لصالح أهداف عليا تضمن للكيان الإسرائيلي ولمصالح الغرب كل فرص وضع اليد على المنطقة وصولا إلى حصاد وفير من الغنائم ..
رحل ثوار يناير ، وظل أقرانهم ينتظرون تحقيق أحلامهم بعد إسقاط نظام عصابة الإرهاب في تحقيق حلم إقامة دولة مدنية ... يحلمون بإلغاء الأحزاب الدينية ، لا ينال عبرها زعماء الفكر المتطرف من توجهات الرئيس في تحقيق ثورة دينية ، يأمن فيها المواطن الصلاة في " بيوت الله " .. نعم بيوت الله ، وهو المصطلح الذي أكد عليه الرئيس على الكنيسة والمسجد .. يحلمون بأن تكون "الكفاءة" هي المعيار عند التوظيف والترقي والمكأفأة والتكريم .. لا ذبح على أساس الهوية الدينية ، لا تعرية ولا سحل ولا إقصاء لمواطن أو مواطنة على أساس الهوية الدينية ... أن تتسارع الجهود لإقامة " مفوضية مناهضة التمييز "..ولا للاصطفاف السياسي لمناهضة شباب ثورة نبيلة على أساس وجود مؤامرة .. نعترف بوجود مؤامرة ونعمل على كشف أبعادها ولكن ليس على حساب دماء تم سكبها في ميادين الفداء وعلى مذابح الحرية .... وتعالوا جميعا نردد " الثورة جميلة وحلوة و انت معايا " تحية لأرواح شهداء الوطن عبر التاريخ ...