الأقباط متحدون - هل «كفتتة» العقل المصرى متعمدة؟
  • ١٨:٥٢
  • الثلاثاء , ٣١ يناير ٢٠١٧
English version

هل «كفتتة» العقل المصرى متعمدة؟

مقالات مختارة | خالد منتصر

٠٠: ١٢ ص +02:00 EET

الثلاثاء ٣١ يناير ٢٠١٧

خالد منتصر
خالد منتصر

بعد الحوار الذى ينتمى لعالم الكوميديا السوداء الذى أُجرى مع المخترع المحترم العلامة الفهامة إبراهيم عبدالعاطى رائد الطب الكونى، طلبتنى عشرات الفضائيات لعمل مداخلات تليفونية، لكنى رفضت المداخلات والاستضافات رغم أنه قد هاجمنى فى الحوار بالاسم، رفضت لأننى كتبت كثيراً ودخلت معارك نارية فى هذا الموضوع وسأجمع ما كتبته فى كتاب سيلحق بمعرض الكتاب بإذن الله، ولن أكتب أكثر مما كتبت، أما سبب الرفض الأساسى فهو أن شخصنة الموضوع الذى «مات وشبع موت» واختزاله فى جهاز الكفتة سيحقق رغبة ماكينة الإعلام الرديئة التى تنتشر انتشاراً سرطانياً فى مصر فى الفرقعة والإثارة والهرى بلغة الفيس بوك. ما أريده هو نقل الموضوع لمنطقة أهم وقضية أخطر وسؤال أعمق، وهو: هل «كفتتة» العقل المصرى، أى تحويل خلايا التفكير فيه لصوابع كفتة، هى خطة متعمدة؟ هل تغييب المخ المصرى وتهييفه وتتفيهه وإغراقه فى الخرافة والسماح للدجل والهرتلة بأن تتسلل وتحتل مساحات رهيبة فى نسيجه شىء يدركه من يقدّرون المقادير فى مصر المحروسة؟ إذا كان كل ما يحدث عفوياً وغير مخطط وطبيعى فبالله عليكم لماذا كل القنوات والفضائيات المصرية بتقدم أى حاجة وكل حاجة من اللغو والتهريج للطبيخ للنميمة... إلخ، إلا البرامج العلمية، ما عدا الكلام فى التنوير والعلم والثقافة؟!!

من الممكن أن تتحدث قناة فضائية عن العفاريت عشرين ساعة بلا كلل وبلا ملل وبكل انتعاش وراحة ضمير، من الطبيعى جداً لصحيفة أن تفرد ثلاث صفحات لحوار مع شخص يقول إنه حائز على شهاداته من جوهانسبرج وسيريلانكا وإنه سيصدّر جهازه لدولة تسدد ديوننا كلها وسيجعل أمريكا تتسول علاج الإيدز فى مصر!! ولو خبط على باب نفس الجريدة فريق العلماء الحاصلين على جائزة نوبل فى كافة العلوم ما عدا الطب الكونى يطلبون حواراً معهم لتقريب علومهم لأذهان المصريين، من الممكن أن يوافق الجرنال ولكن على ربع عمود فى صفحة الوفيات!! مليارات تُصرف على فضائيات جديدة آخر اهتماماتها الكلام فى التنوير والعلم، ولا جنيه تصرفه أى قناة لإنقاذ العقل المصرى من التغييب والجهل والنصب والدجل، هذا هو المهم الذى لا بد من مناقشته، هل أنتم تريدون الشعب هكذا؟ هل أنتم فى منتهى الانبساط والانشكاح برؤيتكم لأمخاخ المصريين بين شقى الرحى، فتاوى سلفية وهابية متحجرة تعيدنا إلى زمن إنسان الكهف، واختراعات وهمية وأعشاب همايونية وكبابجية علم يضعوننا فى السيخ المحمى ويحولوننا إلى مجرد كفتة بنى آدمين منتهية الصلاحية!! أرجوكم لا تصدقوا أن قيادة قطيع مُجهَّل عمداً مُغيَّب قسراً هى أفضل من قيادة عقول مستنيرة قادرة على التمييز، لأنه ببساطة فى الحالة الأولى القطيع هو عالة على الراعى، أما فى الحالة الثانية فالمستنيرون إعانة وسند للقائد، يقدمون له البدائل ويفكرون خارج الصندوق، وفى أحيان كثيرة يشيرون للراعى على الطريق الصحيح، حالة الكفتتة التى نعيشها على كافة الأصعدة جعلتنا نصدق أن الكفتة أسلوب حياة، ما أفزعنى حقاً هو انهيار جهاز المناعة الثقافى للإنسان المصرى الذى جعله فاقداً لكل خلايا كرات التفكير النقدى البيضاء مما جعله يصدق أن هناك جهازاً يعالج كل الأمراض ويقتنع بأن هناك معالجاً كونياً سيشفى هذه الأمراض وهو لم يتعلم فى أى كلية طب فى حياته!! ارحموا العقل المصرى من مرض الكفتتة، أنقذوه يرحمكم الله.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع