من عمر مكرم الي نجيب ساويرس تساؤلات تبحث عن أجابة
سليمان شفيق
الأحد ٢٩ يناير ٢٠١٧
سليمان شفيق
"و مضى ٢٥ يناير و كل واحد عنده رأى و ذكريات .. لكنها تظل ثورة ضد الديكتاتورية من أجل الحرية و الديموقراطية و العدل حتى لو سرقت و أجهضت" .
هكذا كتب نجيب ساويرس في تغريدة لة علي تويتر ، وربما تقتصر في هذا المقال ذكرياتي عن 25 يناير حول مشاركة نجيب ساويرس ذاتة في تلك الثورة ، وفي التمهيد لثورة 30 يونيو ، وقيامة بدور اساسي في الثورتين .
لايذكر التاريخ دور لرجال الاعمال (التجار) في الثورات المصرية سوي اثنين ، الشريف عمر مكرم نقيب الاشراف ونجيب ساويرس ،
شارك الاقباط "اراخنة " الاقباط في النضال ضد الفرنسية مثل المعلم ابراهيم الجوهري واخية المعلم جرجس والبطريرك مرقص الثامن وكيف اجتمع هؤلاء مع السيد عمر مكرم نقيب الاشراف والامام الاكبر الشيخ محمد الشرقاوي شيخ الازهر ويقول محمد شفيق غربال في كتابة (محمد علي الكبير مؤسسة المصري لدعم دراسات المواطنة وثقافة الحوار القاهرة 2011 ص 52/54، ):
" اقام الالبانيين حاكم الاسكندرية من قبل الباب العالي خورشيد قائم مقام الي ان تقضي حكومة الدولة الامر ،وكان شر لاهل مصر ، والكوارث المتتالية اخرجت أهل القاهرة عن حد الاحتمال ، فالتفوا حول شيوخهم واعيانهم وبخاصة نقيب الاشراف السيد عمر مكرم وانضموا الي طوائف من الجند .. وانتهي الرؤساء الي مطالبة الباشا بأعتزال منصبة ، ولما رفض حاصروا القلعة وترامي الفريقين بالقنابل ، وقد اعتبر السيد عمر مكرم واصحابة الباشا معزولا بأرادة قادة الراي .. وفي يوم الاثنين 13 من صفر سنة 1220 ،13 من مايو 1805 ، توجهت الجموع الي وذهبوا الي محمد علي وقالوا لة : لا نرضي الابك وتكون واليا علينا بشروطنا نتوسمة فيك من العدالة والخير "
عزلوا الوالي العثماني واتو بالقائد العسكري محمد علي .
وفي الأول من فبراير2011 قام المهندس نجيب ساويرس مع مجموعة ضمت الأساتذة د. كمال أبو المجد ود. نبيل العربي وسلامة أحمد سلامة, وإبراهيم المعلم وعبد العزيز الشافعي ود, عمرو حمزاوي وجميل مطر والسفير نبيل فهمي, ود, ميرفت التلاوي ود. عمرو الشوبكي والمهندس علي مشرفة بيان المجموعة التي اطلق عليها اعلاميا لجنة الحكماء ولعب ساويرس الدور الاساسي في تجميع هؤلاء.
واجتمعت هذه الشخصيات علي عجل في لحظة كانت بالغة الصعوبة بناء علي مبادرة اتفقا فيها علي ضرورة القيام بتحرك عاجل يهدف إلي انتزاع مكسب سياسي هو ابعاد مبارك عن المشهد عبر نقل سلطاته إلي نائبه رئيس الجمهورية, وآخر ميداني هو ضمان سلامة المتظاهرين والمعتصمين سعيا إلي استمرار الثورة إلي أن تحقق اهدافها كاملة.ولذلك لم تطلب هذه اللجنة ابدا إخلاء ميدان التحرير.
لكن الثوار رفضوا التفاوض فأنتهي الامر بتخلي مبارك عن الحكم وتفويض المجلس العسكري ، ومالبث المجلس العسكري الا ان مهد الطريق لوصول الاخوان للحكم ، والرئاسة ايضا ، وكما ابعد محمد علي عمر مكرم فرض الاخوان ضرائب جزافية علي ساويرس في محاولة لابعادة عن البلاد ولكن ساويرس قاوم الاخوان بشتي الطرق ، وساهم في كل المعارك التي قامت ضدهم ، وأسس حزب المصريين الاحرار ، وكان اول رجل اعمال يجاهر بالعداء لهم حتي انتصرت ثورة 30 يونية ، ودعم حزبة حتي حصد 65 نائبا في البرلمان ، وبذلك حاز علي الاغلبية "غير الحكومية " ، ورويدا رويدا بدأ يشعر ان التكوين البرلماني للحزب يسير نحوالموالاة بدون رشد او رؤية .. ورغم كل ملكات هذا الرجل كعقلية اقتصادية فذة الا ان تحالف الفساد مع تيار حكومي أمني سيطر علي مقدرات الحزب وألياتة ، وتطور الامر الي اقصاء ساويرس عبر حل مجلس الامناء ، في صفقة واضحة بين بقايا النظام المباركي (60%) من نواب الحزب أعضاء سابقين في الحزب الوطني ، وبين جهات أمنية !!
هذا الرجل الذي تصدي لحكم مبارك والاخوان لن تتوقف مسيرتة ، لكن هل يستمر بنفس المنهج القديم الذي ادي الي ما وصل الية الحزب ؟
وهل سوف تكمل دوائر تحالف الفساد والنظام المباركي الحلقة في تفريغ الحياة السياسية من الاحزاب الفاعلة ؟ أم كما يري بعض المراقبين ان المقصود الاقباط في شخص ساويرس ، ودفعهم دفعا للعودة لاسوار الكنيسة مرة اخري ؟
كل تلك التساؤلات تتوقف علي رؤية النظام وساويرس للمرحلة القادمة ، وفي كل الظروف فأن اقصاء ساويرس وتفريغ حزب المصريين الاحرارمن مضمونة كحزب ليبرالي معارض ، سوف يؤدي بالضرورة الي انسداد الافق الامر الذي ينبأ بمخاطر منتظرة . . ولن تتوقف الاسئلة مطلقا حول لماذا لايقبل الحكام دائما التعامل بندية مع حلفائهم الذين ساهموا في وصولهم للسلطة ؟ ومع تقديري لوطنية عمر مكرم ونظام محمد علي ونجيب ساويرس ونظام الرئيس السيسي كما يبدو ان هناك ضرورة البحث في تلك الازمة بين رجال الاعمال مع العسكريين والتي قد ترقي الي عيب خلقي نشأ منذ تأسيس الدولة الحديثة ؟