الأقباط متحدون - ليس للهندسة طريق ملكى يا مولاى!
  • ١٥:٠٩
  • الجمعة , ٢٧ يناير ٢٠١٧
English version

ليس للهندسة طريق ملكى يا مولاى!

مقالات مختارة | وسيم السيسي

٢٥: ٠٨ م +02:00 EET

الجمعة ٢٧ يناير ٢٠١٧

وسيم السيسي
وسيم السيسي

كان الترقى بالإنجاز وليس بالأقدمية، وكان الباحث يطرد من الجامعة إذا لم يقدم جديداً فى بحر خمس سنوات من تعيينه!. إنها مدرسة الإسكندرية التى كانت منارة العلوم والآداب حوالى ستمائة عام، منذ عصر البطالمة حتى عصر اغتيال هيباشيا.

أنشأ المدرسة بطليموس الأول بمساعدة ديموتريوس الفاليرى، وكان بمكتبتها مليون كتاب، وسبعمائة ألف بردية، كانت تعتبر الجامعة الثانية بعد جامعتى أون، وهيليوبوليس.

كان للجامعة عميدان، عميد للآداب، وعميد للعلوم، قال ستراتون:

الشعوب تتقدم بالعلوم، أما الغيبيات فلن تصل بشعوبها إلى بر الأمان مهما كانت دوافع أصحابها نبيلة.

تخرج من مدرسة الإسكندرية علماء كثيرون منهم أقليدس، أمونيوس المصرى مفتت الحصوات «حصوات المثانة بجراحة من العجان»، وسوسوجينس المصرى الذى اكتشف فرق الست ساعات فى السنة الشمسية، فرجيل، أبولونيوس المصرى، أرشميدس، أبولودورس رائد علم العقاقير والسموم، وغيرهم مئات من العلماء. أهدى أقليدس كتابه «الأصول» لبطليموس الأول وكان صعباً على الملك فهمه، فقال لأوليدس: أليس هناك طريق أقصر للهندسة يا أقليدس؟، فكان الرد: ليس للهندسة طريق ملكى يا مولاى!. جدير بالذكر أن كتب أقليدس ترجمت إلى السريانية ومن السريانية إلى العربية بواسطة الحجاج بن يوسف الثقفى الذى كان يجيد السريانية.

أما أرشميدس صاحب قانون الطفو، الذى يقولون عنه إنه القائل وجدتها وجدتها.. وباليونانية: أفاريكا.. وأفاريكا، حقيقة الأمر أنه قال: ثماسيكا ثماسيكا.. أى تذكرتها تذكرتها، أى أنه كان قانوناً مصرياً معروفاً من قبل أرشميدس، ونحن نعرف أن أربعة من علماء العصر الحديث جمعوا 36 وثيقة أصلية فى الرياضيات المصرية، هم أرشيبالد، تشيز، مانج، بل من 3500 ق.م إلى 1500 ق.م تضافرت الحضارة المصرية مع تلاميذها من اليونان فكان هيرون مخترع المرايا الحارقة لسفن الأعداء، وكان كاتيسيوس مخترع المضخة الضاغطة، الأرغن المائى، وكان أراستوراخوس مكتشف دوران الأرض حول الشمس، ودوران القمر حول الأرض.

كان فى جامعة الإسكندرية أقسام للنبات، الحيوان، علم الأجنة، الطب التجريبى، التشريح المقارن، وظائف الأعضاء، كما كان هناك أقسام للفلسفة، التوحيد «فليون»، المسرح «هوراس» الفنون.. الخ.

كان الملوك يفتشون السفن، فإذا وجدوا كتاباً، أخذوه، نسخوه، ردوه، لأصحابه مقابل تعويض مادى. استعار أحد الملوك مسرحيات سوفوكليس، مقابل رهن كبير، تنازل الملك عن الرهن واحتفظ بالأصول، وأعطى صاحبها النسخ المنقولة عن هذه المسرحيات.

بنى الإسكندر 17 إسكندرية، كلها اندثرت إلا الإسكندرية، ذلك لأن المخزون الحضارى فى مصر، أمدها بالبقاء وتحدى الفناء، وكأن الإسكندر الأكبر كان يحس أنه لن يخلد اسمه إلا فى مصر، لذا قال حين رأى راكودة: هنا سوف أبنى مدينتى التى طالما حلمت بها!.

قال هيرودوت: المدن الإغريقية كلها مصرية، وقال أفلاطون: ما من علم لدينا إلا وقد أخذناه عن مصر، وقال وارن داوسن: العلوم جميعاً خاصة الطب نشأت فى مصر منذ أكثر من خمسين قرنا من الزمان. حتى مارتن بارنال الأمريكى صاحب كتاب «أثينا السوداء»: نصف اللغة اليونانية القديمة من أصل فرعونى. ويؤكد هذا الدكتور طه حسين: اليونانيون يعرفون أنهم تلاميذ للمصريين فى حضارتهم القديمة.

احترقت مكتبة الإسكندرية 273 ميلادية فى عصر الإمبراطور أورليان، ولم يحرقها عمر بن الخطاب أو عمرو بن العاص، إنه خيال المؤرخين العرب «القفطى - الكندى - المالطى - البغدادى» كخيالهم فى أكذوبة عروس النيل، التى فندها أدوارد جيبون، إرنست رينيان، ألفريد بتلر، جوستاف لوبون، وهكذا بعد 24 قرناً من الزمان، نرى الإسكندرية سبيكة ذهبية من الماضى والحاضر، الأصالة والمعاصرة، التراث والاقتباس، وعمار يا مصر.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع