الأقباط متحدون - ليعلن بارزاني الإنفصال!
  • ٠١:٢٤
  • الجمعة , ٢٧ يناير ٢٠١٧
English version

ليعلن بارزاني الإنفصال!

د. عبد الخالق حسين

مساحة رأي

١٧: ٠٢ م +02:00 EET

الجمعة ٢٧ يناير ٢٠١٧

السيد مسعود بارزاني
السيد مسعود بارزاني

د.عبدالخالق حسين
جاء في الأنباء أن السيد مسعود بارزاني، رئيس إقليم كردستان، (المنتهية ولايته)، هدد في تصريح له في دافوس، "بإعلان استقلال الإقليم في حال تولى زعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي رئاسة الحكومة الاتحادية مجددا، مؤكدا أن ذلك سيتم “دون الرجوع لأحد”.(1)

بهذه التصريحات أراد  بارزاني أن يقول للعراقيين وللعالم، أنه سياسي محنك وشاطر جداً، يستطيع أن يبتز الدولة العراقية عن طريق التهديد والوعيد بالانفصال. فقد اعتاد بارزاني على رفع ورقة الانفصال كلما تصاعدت أزمة الإقليم الاقتصادية بسبب سياساته الخاطئة، فيقوم بدغدغة المشاعر القومية للشعب الكردي لتصريف أزماته. في الحقيقة إن هذه التصريحات أساءت للسيد بارزاني، ورفعت مكانة المالكي دون أن يدرك أو يريد. وبذلك فقد فضح جهله بألاعيب السياسة وحتى كيف "يبلف".

فالكل يعرف أن بارزاني، إما لا يريد الإنفصال وذلك من أجل الاستحواذ على نفط كردستان، إضافة إلى نيل حصته 17% من موازنة العراق والمشاركة في الحكومة المركزية لشلها من الداخل، أو يريد الانفصال ولكنه لا يستطيع تحقيقه. فلو كان حقاً يريد الانفصال ويستطيع تحقيقه لأعلنه منذ سقوط حكم الطغيان البعثي عام 2003، أو حتى قبل ذلك التاريخ. إذ كما قال الكاتب محمد ضياء عيسى العقابي: "إن قرار الإنفصال ليس بيده بل بيد مجموعتين من الدول، الأولى، وهي أمريكا وإسرائيل وتركيا والسعودية وقطر: فهذه الدول  أرادت وتريد من البرزاني البقاء ضمن العراق حتى إشعار آخر من أجل التخريب ومضاعفة الأزمات والتوترات وزرع الكراهية بين العرب والكرد والتركمان والمسيحيين وباقي المكونات بالتعاون مع الطغمويين وإمتصاص الأموال من الميزانية الفيدرالية والتلاعب بنفط الشمال لمفاقمة الأوضاع الإقتصادية في العراق من أجل تأجيج الجماهير، سواءً كان المالكي أو العبادي رئيساً لمجلس الوزراء"(2). والمجموعة الثانية طبعاً دول الجوار: إيران وتركيا وسوريا.

يريد بارزاني أن يجعل من نفسه صانع الملوك، أي أنه هو، وليس صناديق الاقتراع والبرلمان، من يقرر من يكون رئيساً للحكومة الفيدرالية. وقد جرب حضه في هذا المضمار عام 2006 بإزاحة الدكتور إبراهيم الجعفري من رئاسة الحكومة لأنه قام بزيارة إلى تركيا دون إعلام بارزاني وأخذ موافقته. وحاول ثانية بإزاحة نوري المالكي من رئاسة الحكومة لأن الأخير تمسك بقوة بالدستور ضد استحواذ بارزاني بنفط الإقليم. لذلك ضم بارزاني جهده مع الآخرين بالتخلص من المالكي عن طريق داعش، ولسان حالهم يقول: طز بالديمقراطية!!
 
أنا لست من دعاة عودة المالكي لرئاسة الحكومة الفيدرالية، لأن عودته تعني عودة خصومه، بمن فيهم بارزاني، إلى نفس اللعبة القذرة وهي، استخدام هراوة داعش أو أية هراوة أخرى وباسم آخر. ولكن إذا كان تسلم المالكي لرئاسة الحكومة من خلال صناديق الاقتراع والبرلمان، يدفع بارزاني لإعلان الاستقلال، فمرحى بعودة المالكي. كذلك رغم أني لست من دعاة الإنفصال، لأنى أرى بقاء الشعب الكردي مع العراق الديمقراطي الفيدرالي الموحد أفضل له من الإنفصال، محاطاً بالأعداء من كل الجهات، ومبتلى بالداخل بحكم الإمارة البارزانية العشائرية في تقليد مقرف للإمارات القبلية الخليجية. كذلك لا يتصور بارزاني أن الشعب الكردي كله وراءه، فالحزبان، الإتحاد الوطني الكردستاني والتغيير ضده، وإنفصاله يثير احتمال حرب أهلية في كردستان كما حصل عام 1996 عندما استحوذ بارزاني على واردات مدخل إبراهيم الخليل.

فإذا تحمل الشعب الكردي البقاء ضمن الدولة العراقية في أسوأ نظام دكتاتوري، وكان أقصى طموحاته تحقيق شعار (الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان)، فلماذا يرفض هذا الشعب البقاء ضمن عراق ديمقراطي فيدرالي، يساهم قادته مساهمة فعالة في الحكومة الفيدرالية، وهو يتمتع بأكثر من حكم ذاتي؟

هذه الحقيقة أدركتها غالبية الشعب الكردي من خلال قواه السياسية ما عدا حزب بارزاني. وعلى سبيل المثال، استلمت رسالة من سيدة كردية مثقفة، تقول: "أنا أعتبر العراق وطني... والله أتمنى أن أموت قبل أن تنفصل كردستان عن العراق".

أؤكد مرة أخرى أن بارزاني يعرف أن الانفصال ليس بيده، وإلا لأعلنه في التسعينات من القرن الماضي يوم جعلت بريطانيا وأمريكا من كردستان العراق (منطقة الملاذ الآمن). لذا على الحكومة الفيدرالية أن لا تذعن لتهديداته التي صارت مثيرة للسخرية. 

ويضيف بارزاني في تصريحاته: “أنني صارحت العبادي وقادة التحالف الوطني بأن العراقيين فشلوا في بناء شراكة حقيقية فيما بينهم، وأنه من الأفضل أن نكون جيراناً طيبين”.

طبعاً يقصد بـ"الشراكة الحقيقية التي فشل في تحقيقها العراقيون، هي الشراكة وفق مقاييس بارزاني، وليست الشراكة التي أقرها الدستور العراقي الجديد الذي شارك الكرد في كتابته والتصويت عليه. يريد شراكة وفق المثل الشعبي: (تريد أرنب أخذ أرنب، تريد غزال أخذ أرنب). فبارزاني يريد شراكة يتمتع هو بدولة مستقلة، مستحوذاً على كل ثروات كردستان مع إبقاء حصته 17% من ثروات العراق وحكومته المركزية. هذه الشراكة ترفضها المكونات الأخرى، بل وحتى غالبية الشعب الكردي.

لقد أثار بارزاني بتصريحاته الأخيرة بربط استقلال كردستان بعودة المالكي لرئاسة الحكومة، استهزاء واستهجان الكرد قبل العرب على نفسه، وصار مسخرة للرأي العام العراقي، وما كنا نتمنى له هذا الموقف. فقد أعلن حزب التغيير الكردستاني إن "ربط بارزاني اعلان الاستقلال بعودة المالكي [نكتة سياسية] وتصدير لمشاكل الاقليم"، جاء فيه: (التصريحات التي ادلى بها رئيس اقليم كردستان مسعود بارزاني على هامش منتدى دافوس وربطه موعد اعلان الدولة الكردية بعودة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي الى الحكم في البلاد ولدت استهجاناً واستياءً واسعاً، لدى سياسيين ونخب، الذين اكدوا ان بناء الدولة الكردية لا يتم بردود الفعل والخلافات الشخصية والحزبية)(3). وفي تقرير آخر بعنوان: (سياسيون يستنكرون تصريحات بارزاني ربط فيها إعلان الانفصال بعودة المالكي.. أسموها دولة رد الفعل الكردية)(4 و 5)

لقد أثبت بارزاني بتصريحاته هذه أنه جاهل في السياسة، وحاقد على العراق، وكثيراً ما ردد بأن العراق قد أنتهى ولا يوجد شيء اسمه العراق(كذا). فتعليمه لا يتجاوز المتوسطة، وحسب تصريحه أنه حمل البندقية في الجبال وهو بعمر 16 سنة. وهذا كل مصادر تعليمه وتثقيفه. أنه من سوء حظ الشعب الكردي أن يقوده سياسي بهذه الامكانيات الثقافية المتواضعة. فقد تبوأ هذا الموقع السياسي والقيادي ليس لإمكانياته، بل لأنه ابن الراحل الملا مصطفى بارزاني زعيم الحركة الكردية، أي بالوراثة، وإلا لما سمع به أحد. إن الشعب الكردي يستحق قيادة أفضل.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع