جابر نصار.. وإلغاء مجانية التعليم
مقالات مختارة | صبري غنيم
الخميس ٢٦ يناير ٢٠١٧
- كيف ننادى بإصلاح التعليم الجامعى والصفوة من أعضاء هيئة التدريس لا نعطيهم حقوقهم كاملة بسبب عجز ميزانية التعليم.. مع أنه فى مقدورنا تعويضهم لو بوقفة نظام ورفعنا رؤوسنا أمام مجانية التعليم بشجاعة.. المهم أن نكون واقعيين ونحن نناقش هذه القضية والأهم ألّا نزايد على أنفسنا باسم مجانية التعليم.. فالدروس الخصوصية قضت على هذا المفهوم وأصبح الكل بيدفع من الابتدائية إلى الثانوية العامة.. هل يعقل أن يدفع الطالب طوال العام الجامعى ١٦٠ جنيهاً فى حين أن طالب الجامعة المفتوحة يدفع ما يزيد على 1500 جنيه بواقع 150 جنيهاً عن المادة الواحدة، مع أنه لا يحصل على الامتيازات التى يتمتع بها الطالب المنتظم أو المنتسب.. أكيد إحنا بنضحك على بعض.. أو فى حاجة غلط.
- لقد أعجبتنى شجاعة الدكتور جابر نصار، رئيس جامعة القاهرة، فى جلسة حوار مفتوح مع الكاتب الكبير محمد السيد صالح، رئيس تحرير «المصرى اليوم»، ومجموعة من الزملاء بالصحيفة.. وبصرف النظر عما قيل فى الحوار والذى كان جريئاً ومتميزاً عن الحوارات التى اعتادت الصحيفة أن تطل علينا بها من وقت لآخر، لقد استوقفتنى الإجابة فى كلام الدكتور جابر وهو يرد على سؤال طرحه أحد الزملاء، وكان يعلق فيه على مجانية التعليم.. طبعاً الرجل كان صريحاً وهو ينتقد أكذوبة مجانية التعليم، وقد أعطى مثلاً بسيطاً بطلاب الثانوية العامة الذين تكلفهم الثانوية ما يزيد على ١٠٠ ألف جنيه، ثم يدخلون الجامعة ويدفعون فيها ١٦٠ جنيهاً فى السنة الدراسية.. ثم أعطى مثلاً آخر لطالب سجل والده التجارى يكشف عن أن دخله السنوى يزيد على المليون جنيه ويدفع لابنه هذه المصاريف، فى حين أن طالباً آخر والده محدود الدخل هو الأحق بمراعاة ظروفه.
- كلام الدكتور جابر عقلانى جداً جداً فالطالب فى الجامعات الخاصة، التى تفتقر لوجود هيئة تدريس على مستوى هيئات التدريس بالجامعات الحكومية، مع ذلك يتكلف طالب الجامعة الخاصة ما يزيد على ٣٠٠ ألف جنيه فى دراسته.. ومع ذلك يتساوون مع خريجى وخريجات الجامعات والمعاهد والأكاديميات الحكومية فى المستوى العلمى وربما يكون الأقل بسبب عدم توفر أعضاء هيئات التدريس المؤهلين فى الجامعات الخاصة.. كلام رئيس جامعة القاهرة لا يعد موقفاً منه أمام أبناء الفقراء أو محدودى الدخل بل يدعو إلى تشجيعهم بتخصيص حوافز مادية للمتفوقين منهم.. د. جابر نصار يقترح استثناء غير القادرين من المصروفات الجامعية بعد التعديل إن حدث.. وأكيد فى دماغه أيضاً تخصيص مكافآت شهرية تصرف للطالب المتفوق كحافز له على تفوقه.
- أنا شخصياً مع اقتراح رئيس جامعة القاهرة بزيادة مصاريف العام الدراسى الجامعى بالقدر المعقول جداً على الأقل لرفع قيمة المنظومة التعليمية.. هل تعلمون أن قيمة ما يدفعه الطالب سنويا يتساوى مع قيمة استهلاكه من التدخين فى شهر.. مشكلتنا أننا مصابون بحساسية، فلو حركنا المصاريف الجامعية سيخرج عدد من أصحاب الأقلام يصبون هجومهم على المنظومة التعليمية وكيف نلغى مجانية التعليم، مع أنهم لا يفهمون أننا نسىء لهذه المجانية إن ظلت بهذا المفهوم، مع أن أسراً معدمة تدفع لأولادها فى الدروس الخصوصية ما يزيد على الـ300 جنيه شهرياً.
- السؤال هنا.. لماذا لا نناقش زيادة المصاريف الجامعية إلى ١٠٠٠ جنيه، بمعنى أن كل تيرم يدفع عنه الطالب ٥٠٠ جنيه، ولا يمنع من قيام بنك ناصر الاجتماعى من منح الطالب غير المقتدر قرضاً بقيمة مصاريفه الجامعية، يبقى ديناً عليه يسدد من عمله بعد التخرج، بشرط أن يتحمل الطالب هامشاً من المصاريف السنوية، على أن يعفى من فوائد القرض عن المواد التى يحقق فيها نجاحاً، وتضاف الفوائد فى حالة تكرار الرسوب.. الفوائد تكون بنِسَب محدودة جداً لا تعجزه فى حالة تحملها.. ولا يمنع من تشجيع شباب الخريجين على المشاريع الصغيرة لتسديد قيمة القرض بعد التخرج.. بهذا نكون قد هيأنا فرص العمل لهم وحملناهم جزءاً من المسؤولية وأشعرناهم بأنهم ساهموا فى المنظومة التعليمية.
أنا عن نفسى لست ضد مجانية التعليم، ولكنى مع تنظيم منظومة التعليم لكى نشعر بقيمتها ونرفع من مستوانا العلمى وحتى لا تصبح الشهادة الجامعية رخصة.. مع أن الوظائف الآن أصبحت تشترط التقدير العام، فالحاصل على تقدير مقبول فرصته أصبحت ضعيفة جداً فى الوظيفة.. لذلك أقول انتبهوا، فالعملية التعليمية هى مستقبلكم.
نقلا عن المصري اليوم