الأزهر واللون الواحد
مقالات مختارة | خالد منتصر
الاربعاء ٢٥ يناير ٢٠١٧
أخيراً والحمد لله تمت الاستجابة لنداء الرئيس وبدأت أولى خطوات تجديد الخطاب الدينى، فقد أصدر الأزهر قراراً رائعاً بمنع المصاحف الملونة والاقتصار على اللون الأسود. صليت لله شكراً على أننا قد وضعنا أقدامنا أخيراً على بداية طريق الحضارة وأصبحنا من الدول الكبرى التى يشار إليها بالبنان كأمريكا واليابان، وأزفُّ إليكم البشرى وأقرأ لكم الخبر لمزيد من الاطمئنان على أن الأزهر لن ينسى التجديد أبداً بداية من رفع القضايا على أمثال الصحفى أحمد الخطيب، وهذا بالطبع قمة الإصلاح والتجديد، لأنه للأسف تم ضبطه فى قضية تزوير فى أوراق رسمية وانتحال صفة لا يحملها إلا أزهرى وهى «الخطيب»!! وانتهاء بمنع الألوان الكافرة الزنديقة من تلويث القداسة، الخبر يقول: «أعلن الشيخ علاء عبدالظاهر، رئيس لجنة البحوث والتأليف بمجمع البحوث الإسلامية، أن المجمع برئاسة الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، أصدر قراراً بمنع استخدام الورق الملون فى طباعة المصحف،
واعتبار الخط الأسود لوناً وحيداً للنص القرآنى، وأكد الشيخ علاء عبدالظاهر أن المجمع قرر أيضاً تغيير نماذج طباعة المصحف، مع التنويه داخلها بعدم استخدام أوراق مختلفة الألوان وعدم استخدام التلوين فى النص القرآنى، مع التأكيد على أن يكون اللون الأسود لوناً وحيداً للنص القرآنى ولونا الأبيض والكريمى لخلفيته، وذلك بعد انتشار المصاحف الملونة، وأوضح أن القرار يأتى حفاظاً على هيبة المصحف الشريف ووقاره».
قرار عظيم وثورى وإصلاحى يتفوق على، ويتجاوز كل، القرارات الإصلاحية للإمام العظيم محمد عبده والشيخ شلتوت، وبالطبع نحن مقتنعون، ولا بد أن نقتنع، حتى لا نلبس قضية ازدراء أو نتعرض للملام إذا تحدثنا عن سوبرمان الأنام وعلم الأعلام والحبر الفهام ماسك الزمام ابن عبدالسلام!! مقتنعون تمام الاقتناع بأن الحفاظ على هيبة ووقار القرآن يأتى من توحيد الألوان، أما تجارة سماسرة الدين بالقرآن ولىّ عنق نصوصه لأغراضهم السياسية فلا تخدش الوقار والهيبة، وكذلك لا يؤثر على الوقار والهيبة أصحاب بوتيكات الإعجاز العلمى الذين يُخضعون نصوصه ويهينونها عبر ألعابهم البهلوانية فيُضحكون علينا علماء العالم وهم يخلطون المطلق الثابت بالمتغير النسبى. المهم طبعاً أن نشطب الفوشيا الكافر والأحمر الزنديق والبمبى الملحد من بالتة الألوان، وإذا أعلن علم النفس أن الطفل يحب الألوان المبهجة أو خرج علينا «متفذلك» قائلاً: «لا ضرر فى أن يمسك بمصحف ملون لمزيد من البهجة والألفة والتقريب والتحبيب»، فليذهب السيكولوجى إلى الجحيم، بل فليذهب الطفل نفسه إلى حيث المقصلة ولا نلوث الهيبة أو نمس الوقار. نحن موقنون تماماً من أن تجديد الخطاب الدينى يبدأ من اللون الواحد للمصحف، لكن أستميحكم عذراً وليغفر لى الأزهر سؤالى الساذج: هل سيمتد وينتقل توحيد اللون من المصحف إلى البشر؟! هل المطلوب منا، وهذا لمجرد المعرفة فقط، أن نكون نحن البشر أيضاً لوناً واحداً، أدمغتنا نفس اللون ونفس المقاس!!، هل المفروض أن ندخل ماكينة توحيد وتبطيط وقلوظة البشر على نفس الكتالوج لنخرج مثل حبات اللوبيا وغربان الأشجار والتوائم الملتصقة؟! الله جل جلاله وعظمت قدرته خلقنا ألواناً وأشكالاً وأذواقاً ومذاقات وأفكاراً مختلفة، فهل سيتم مسخنا إلى روبوتات تتحرك بالريموت كنترول بضغطة زر من وكيل السماء؟!
نقلا عن الوطن