الأقباط متحدون - ترامب بين الكارهين والعاشقين
  • ٠١:٢٤
  • الاثنين , ٢٣ يناير ٢٠١٧
English version

ترامب بين الكارهين والعاشقين

منير بشاي

مساحة رأي

١٨: ٠٩ م +02:00 EET

الاثنين ٢٣ يناير ٢٠١٧

بقلم منير بشاى
       لعلنا ادركنا الآن بعد فوز ترامب فى الانتخابات وحلفه اليمين ليصبح الرئيس الامريكى ال 45 ان ترامب لم يكن المرشح التقليدى الذى عهدناه.  كان ترامب حديث العهد بالسياسة وكان خصما لهيلارى كلينتون السياسية المخضرمة التى تحمل خبرات سياسية يندر ان تتجمع فى شخصية واحدة.  فهى دارسة للقانون من احدى جامعات امريكا العريقة وكانت سيدة امريكا الأولى فى ولايتين ناجحتين لزوجها الرئيس الأمريكى الاسبق بل كلينتون حيث كان لها دورا فعالا وليس مجرد زوجة رئيس.  وبعد ذلك مثلت ولاية نيويورك فى الكونجرس الامريكى.  ثم خاضت معركة انتخابية مؤثرة ضد باراك اوباما وان كانت لم تهزمه.  وبعد ذلك شغلت منصب وزيرة  خارجية امريكا.
        اما ترامب فالى جانب انه كان محدود الدراية بالسياسة فقد اشتهر بانه لا يستطيع ان يضبط لسانه وهذا اوقعه فى مشكلات عديدة ضد جماعات لها وزنها داخل المجتمع الامريكى.  وحملته الانتخابية شهدت مرتفعات ومنخفضات مع اتهامات بعلاقات نسائية مشبوهة. 
 وكانت هيلارى ايضا تعانى من مشكلات تمس مصداقيتها ازاء دورها فى التعامل مع الايمالات الهامة التى تداولتها مع كبار المسئولين فى العالم خلال فترة توليها منصب وزير الخارجية.  ولكن هيلارى كانت تبدو صاحبة الكفة الراجحة.  وكان الاعلام يؤيدها وكان خبراء السياسة ومراقبوا الانتخابات يراهنون على انها ستصبح الرئيسة القادمة للولايات المتحدة الامريكية.  وكانت تقارير استطلاع الرأى تصب فى هذا الاتجاه.
        كان ترامب يمثل نوعا جديدا من المرشحين.  فالمرشح التقليدى عادة يقول اى شىء يعتقد انه يساعده على تحسين احتمالات انتخابه.  وايضا من صفات السياسى الذى يريد ان ينجح انه يصادق الجميع ويحاول ارضاء الكل.  ولكن ترامب قد ظهر بعكس هذين التوجهين تماما.  فهو لم يخش الكلام ضد القضايا الحساسة ولم يخف من تعدى الخطوط الحمراء وايضا لم يهتم كثيرا باغضاب من يرفض أرائه بقدر اهتمامه بالتعبير عن ما يعتقد.
        ولكن هذه الصفات التى كان من الممكن ان تحطم فرصة ترامب فى النجاح قد اعجبت عددا من الناخبين فانتخبوه.  وقد اعتبروه انه انسان مخلص يقول ما يعتقد ويعتقد ما يقول.  ولكن هذه الطريقة قد باعدت بينه وبين البعض الآخر من الناخبين فلم ينتخبوه.  والنتيجة اننا اصبحنا امام فريقين من الشعب الامريكى فريق يحبه لدرجة العشق وفريق آخر يكرهه ولا يتصور ان يعيش فى امريكا تحت حكمه.
        دعنا اولا نلقى بنظرة على فريق الكارهين.  لأول مرة تختلط فى امريكا احتفالات تنصيب الرئيس الجديد بهذا الكم الكبير من المظاهرات فى هذا العدد الكبير من المدن على طول البلاد وعرضها التى تعترض عليه وتخشى على مصالحها بعد توليه رئاسة البلاد.
        ففى العاصمة الامريكية واشنطن قام المئات بمظاهرات مرددين " ترامب ليس رئيسنا" و "نريد الولايات المتحدة بلا ترمب ولا كوكلوكس كلان ولا فاشية". وقامت الشرطة بالقبض على بعض المتظاهرين الذين حاولو الاقتراب من البيت الابيض.  وفى جامعة واشنطن احرق بعض السود والموالين للمسلمين العلم الامريكى احتجاجا على فوزه.  وفى نيويورك تظاهر عدة آلاف امام ناطحة سحاب ترامب مرددين "ليس رئيسى".  وفى كاليفورنيا قامت عدة مظاهرات منها فى اوكلاند مظاهرة حطمت زجاج بعض المحلات التجارية.  وفى شيكاغو قام ما يقرب من الف متظاهر بالتظاهر امام فندق ترامب الدولى مرددين هتافات " لا لترامب".  وفى سياتل وفى فيلادلفيا وبوسطن وبورتلاند وسان فرانسسكو قامت مظاهرات من السود والنساء والمهاجرين والمثليين والذين من اصول مكسيكية منددين بموقف ترامب من هذه الفئات.
        اما من يعشقون ترامب فقد تظاهروا ايضا تأييدا له.  ومن ناحيته فقد القى ترامب بعد ادائه القسم خطابا انتقد فيه القاعدة السياسية فى واشنطن بينما قال كل ما يريد مؤيدوه ان يسمعوه.  قال ترامب "كل شىء فى امريكا سيتغير من هذا المكان ومن هذه اللحظة" و "من هذا الوقت فصاعدا سيكون شعارنا امريكا اولا" و " لن يكون فى امريكا منسيون" و "سنوقف الظلم الذى يستهدف الامريكيين وسنقضى على الفقر" و "سنواجه التطرف الاسلامى وسنمحيه من على وجه الارض" و "انتهى وقت الكلام وبدأ وقت العمل" و "سنعيد امريكا الى سابق عظمتها وامنها ومجدها "
وبين موقف الكارهين والعاشقين يتبقى السؤال: اى الفريقين كان الاصدق فى التعبير عن ترامب الحقيقى؟  اداء ترامب وليس كلامه هو الذى سيجيب على هذا السؤال.  ولكن الكارهين عليهم ان يطمئنوا بان حقوقهم القانونية محمية بالدستور والقانون ومؤسسات الدولة الاخرى مثل الكونجرس الامريكى والرئيس فى امريكا ليس هو الحاكم المطلق.  اما العاشقون فعليهم ان يعرفوا ان الوعود التى قدمها ترامب هى امنيات لا نشك انه يرغب فى تنفيذها ولكن عندما تصطدم الامنيات مع الواقع فانه ليس كل ما يتمناه المرء يستطيع تحقيقه.
فى النهاية المؤكد ان الكلام أسهل من العمل.  وان مخاوف الكارهين وآمال العاشقين تشتمل على كثير من المبالغات.  ولو استطاع ترامب ان يتعامل مع الكارهين بانسانية، ولو نجح فى تنفيذ عددا من احلام العاشقين، ولو استطاع ان يكبح جماح لسانه وشخصيته، فمن الممكن ان يصبح ترامب واحدا من اعظم رؤساء امريكا.  ترامب يواجه تحديات ضخمة ويحتاج لصلوات الجميع.
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع