مستقبل وأهمية العملية التعليمية فى مصر
د. مجدي شحاته
٥٦:
٠٩
ص +02:00 EET
الاثنين ٢٣ يناير ٢٠١٧
بقلم : د . مجدى شحاته
بدأت العملية التعليمية منذ فجر التاريخ فى أقدم المجتمعات ، وكانت تتم عن طريق التلقين الشفهى بتناقل القصص والروايات عبر الاجيال ، حيث لم تكن الكتابة قد عرفت فى ذلك الوقت . وبعد اختراع الكتابة ظهر مايعرف بالتعليم الرسمى فى المدارس ثم المعاهد والجامعات بمرور الزمن .ومما لاشك فيه فان التعليم هو المحور الرئيسى فى نهضة وازدهار الشعوب وتقدمها . ومن الامور الملفتة والمثيرة للجدل أن مصر التى تعانى من تدهور فى العملية التعليمية فى الاونة الاخيرة ، كانت فىطليعة وأوائل دول العالم والتى ظهر فيها التعليم وازدهر وتنامى بصورة مشرفةومشرقة وعظيمة ، وكانت مدينة الاسكندرية ( 350 ق.م . ) منارة للعلوم والمعرفة والثقافة , بها مكتبة الاسكندرية التى كان يطلق عليها المكتبة العظمى أو المكتبة الملكية ،فكانت كبرى مكتبات ذلك العصر . واول من فكر فى بنائها كان الاسكندر الاكبر ، ثم بدأ بطليموس الاول فى تأسيسها وأكملها بطليموس الثانى . وكانت تضم أكثر من سبعمائة ألف مجلدافضلا عن أعمال الفيلسوف هوميروس ومكتبة الفيلسوف أرسطو .
وفى ذلك العهد بدأ الفيلسوف اليونانى افلاطون فى تأسيس أكاديمية التعليم فى أثينا والتى اعتبرت أول معهد للتعليم فى اوروبا . وتزامنا مع نهضة العلم والمعرفة فى مصر و اليونان كان ظهور الفيلسوف كونفوشيوس فى الصينووضع الاسس والمناهج التعليمية فى كل من الصين واليابان وكوريا وفيتنام التربية والتعليم عمليتان متلازمتان يعملان على بناء الفرد ومحو اميته من خلال تلقيهالمعرفة والمهارات الاساسية وتنمية القدرات الشخصية ، بجانب القيم والسلوكيات التى تساعد على تنمية قدرات الفرد المتنوعة خلقيا وانسانيا واجتماعيا . ومنذ القرنين السابع والثامن عشر كان ينظر الى التعليم على أنه ميزة لا يستحقها الا ذوى الطبقات العليا ، تم بات التعليم فيما بعد حقا للجميع بل الزاميا فى معظم دول العالم . وفى مصر الحديثة ( عصر محمد على باشا ) اهتمت الدولة بالعملية التعليمية ، حيث كانت الطبقات المتوسطة تسعى نحو التعليم لاستكمال هدف الاجداد والوصول والترقى الى المراكز المرموقة فى الدولة من خلال كليات المحاماه او الحقوق . بشهادة التاريخ كانت مصر رائدة ومنارة يهتدى بها فى التعليم والثقافة منذ فجر التاريخ بين كل دول العالم وكانت الحضارة المصرية القديمة تضارع ان لم تكن تفوق الحضارتين اليونانية والصينية فى ذلك الوقت . ومنذ سنولت طويلة مضت بدأت العملية التعليمية فى مصر بالتراجع بشكل مزعج ومثير للجدل ، ومن الامور الصادمة ماقرأته نقلا عن ( مقال جاء على صفحات مجلة روز اليوسف المصرية الاسبوعية بتاريخ24 سبتمبر من هذا العام ) جاء فى تقرير المنتدى الاقتصادى العالمى عن مؤشر التنافسية للعام 15 / 2016 فى مجال جودة التعليم حيث يشير التقرير الى تراجع مصر لتحتل المرتبة قبل الاخيرة ( غينيا )من بين 140 دولة فى العالم ، فيما جاءت سنغفورة فى المرتبة الاولى يليها سويسرا ، وتأتى دولة قطر فى مقدمة الدول العربية وتحتل المركز الرابع عالميا ودولة الامارات العربية فى المركز العاشر ، وكانت مصر سابقا تضع خطط وسياسات التعليم والمناهج التعليمية وتبعث المعلمين وخبراء التعليم لمعظم الدول العربية !!! بل كانت منارة للعلم والثقافة منذ أقدم الحضارات لكل دول العالم !!!
وفى ذلك العهد بدأ الفيلسوف اليونانى افلاطون فى تأسيس أكاديمية التعليم فى أثينا والتى اعتبرت أول معهد للتعليم فى اوروبا . وتزامنا مع نهضة العلم والمعرفة فى مصر و اليونان كان ظهور الفيلسوف كونفوشيوس فى الصينووضع الاسس والمناهج التعليمية فى كل من الصين واليابان وكوريا وفيتنام التربية والتعليم عمليتان متلازمتان يعملان على بناء الفرد ومحو اميته من خلال تلقيهالمعرفة والمهارات الاساسية وتنمية القدرات الشخصية ، بجانب القيم والسلوكيات التى تساعد على تنمية قدرات الفرد المتنوعة خلقيا وانسانيا واجتماعيا . ومنذ القرنين السابع والثامن عشر كان ينظر الى التعليم على أنه ميزة لا يستحقها الا ذوى الطبقات العليا ، تم بات التعليم فيما بعد حقا للجميع بل الزاميا فى معظم دول العالم . وفى مصر الحديثة ( عصر محمد على باشا ) اهتمت الدولة بالعملية التعليمية ، حيث كانت الطبقات المتوسطة تسعى نحو التعليم لاستكمال هدف الاجداد والوصول والترقى الى المراكز المرموقة فى الدولة من خلال كليات المحاماه او الحقوق . بشهادة التاريخ كانت مصر رائدة ومنارة يهتدى بها فى التعليم والثقافة منذ فجر التاريخ بين كل دول العالم وكانت الحضارة المصرية القديمة تضارع ان لم تكن تفوق الحضارتين اليونانية والصينية فى ذلك الوقت . ومنذ سنولت طويلة مضت بدأت العملية التعليمية فى مصر بالتراجع بشكل مزعج ومثير للجدل ، ومن الامور الصادمة ماقرأته نقلا عن ( مقال جاء على صفحات مجلة روز اليوسف المصرية الاسبوعية بتاريخ24 سبتمبر من هذا العام ) جاء فى تقرير المنتدى الاقتصادى العالمى عن مؤشر التنافسية للعام 15 / 2016 فى مجال جودة التعليم حيث يشير التقرير الى تراجع مصر لتحتل المرتبة قبل الاخيرة ( غينيا )من بين 140 دولة فى العالم ، فيما جاءت سنغفورة فى المرتبة الاولى يليها سويسرا ، وتأتى دولة قطر فى مقدمة الدول العربية وتحتل المركز الرابع عالميا ودولة الامارات العربية فى المركز العاشر ، وكانت مصر سابقا تضع خطط وسياسات التعليم والمناهج التعليمية وتبعث المعلمين وخبراء التعليم لمعظم الدول العربية !!! بل كانت منارة للعلم والثقافة منذ أقدم الحضارات لكل دول العالم !!!
ان التدهور فى العملية التعليمية فى مصر يرجع لعوامل كثيرة تراكمت عبر سنوات طويلة ومسؤولية حكومات كثيرة متعاقبة ، ويشارك فى تحمل المسؤولية الاسرة ،فضلا عن الارتفاع الرهيب فى معدل الزيادة السكانية .تعود مسؤولية الدولة الى عدم التوسع فى بناء المدارس وملحقاتها الضرورية من معامل ومكتبات وملاعب ، الامر الذى أدى الى تطبيق نظام مدارس الفترتين .مع قصور فى تأهيل المعلمين عصب العملية التعليمية والذى يصل عددهم حاليا لأكثر من مليون ونصف مليون معلما ، مع انخفاض المخصصات الماليةللتعليم , فضلا عن عدم حدوث أى تغييرأو مراجعة فى المناهج التعليمية بالشكل الضرورى واللازم لمسايرة العصر واحتياج سوق العمل ، وعوامل اخرى كثيرة متداخلة الامر الذى يمثل جريمة فى حق مستقبل الوطن . والشئ الكارثى أننا كنا ندرك مستوى الازمة وخطورتها منذ سنوات طويلة ولم نتحرك نحو الاصلاح . فى الوقت الذى نرى فيه التعليم فى اوروبا وآسيا خاضعا للتطوير بصفة مستمرة ودورية . نتشدق بمجانية التعليم ، والاباء ينفقون آلاف الجنيهات من أجل الدروس الخصوصية ، وأهمل البعض منهم الجانب التربوى والارشادى والتوعية واحتواء الابناء تربويا وفكريا واخلاقيا ، لتظهر أفكار مغلوطة وسلوكيات تتعارض مع القيم والاخلاق المصرية الاصيلة، فالتعليم وسيلة ضرورية وهامة للمواطنة الصحيحة والكاملة .
اصلاح العملية التعليمية والتنوير والعلاج ليست مستحيلة ، ولكن لن يتم ذلك بعصى سحرية أو بمعجزة خارقة ، ولكن الامر يحتاج سنوات طويلة ، والتكلفة التربوية للانسان شاقة تحتاج للصبر والمثابرة والدراية والبحث ... نحن فى حاجة لتأهيل المعلم العمود الفقرى للتربية و التعليم مع اعداد جيد .. وجديد للتلاميذ بدءا من الحضانة ، بجانب التكلفة المالية الباهظة ..لذلك لابد من زيادة المخصصات المالية والتى ينص عليها الدستور المصرى والتىتقدر ب 4% من الناتج القومى للانفاق على التعليم . المشوار طويل وشاق ولكن رحلة الالف ميل تبدأ بخطوة .. ولابد من البداية ... نحن فى حاجة الى مؤتمرات مجتمعية ولجان متخصصة ودراسات وخبرات جديدة ،نبدأ برؤيةواضحة وخطة واستراتيجية شاملة .. ولابد من الاجابة على السؤال المحورى الذى يبدو سهلا لكنة يحمل فى ثناياه لب عملية الاصلاح التعليمى ، والسؤال .. ماذا نبتغى من العملية التعليمية ؟ دعونا نسأل السؤال بطريقة اخرى .. ما هو الهدف الذى نسعى اليه فى مصر من العملية التعليمية ؟ اصلاح التعليم لايمكن طرحه فى مقال أو مقالين او أكثر .. الامر يحتاج مزيد من البحث والدراسة .
ولكن مبدئيا من أهم الضروريات ، الاهتمام بالمعلم عصب العملية التعليمية وتأهيله بصورة جيدة وتحسين مستواه المادى . العمل على توافر المدارس والفصول الازمة لاحتواء الاعداد المتزايدة من التلاميذوعدم العودة لنظام الفترتان الدراسيتان، وتطبيق اليوم الدراسي الكامل والا يزيد عدد تلاميذ الفصل عن 40 تلميذا ، مع اعادة كافة الانشطة الرياضية والفنية والادبية والثقافية والهوايات، والاهتمام بطابور الصباح وتحية العلم مع توفير كافة وسائل الايضاح التعليمية من معامل وشبكات تلفزيونية ومكتبات وحواسب الكترونية ،مع اعادة تقييم كافة المناهج التعليمية لكل المراحل الدراسية وحذف ( الحشو ) وكل مايدعو الى التطرف وعدم قبول الاخر والكراهية . ولابدمن دراسة شاملة لموضوع الكتاب المدرسى والطريقة المثلى لتوافره بالمدارس بطريقة تقلل من أعباء ومصاريف طبع ملايين و ملايين الكتب المدرسية سنوبا . ان الاهتمام بالمدارس الحكومية( الاميرية ) امر ضرورى لتحتل مكانتها كما كانت سابقا حيث كان الانتماء الى المدارس الحكومية رمزا للتفوق والنبوغ وليس للمدارس الخاصة .
من منطلق خبرتى وعملى فى مجال التعليم والبحث لأكثر من خمسة واربعين عاما ، منها خمسة وعشرين عاما فى التدريس والبحث العلمى بجامعة الاسكندرية ، وتنظيم مع المشاركة فى العديد من المؤتمرات الدولية والمحلية ، منها الخاص بتطوير التعليم الجامعى ، وعشرون عاما فى مجال التعليم الثانوى وتأليف ووضع وتصحيح امتحانات الثانوية العامة فى استراليا ، من هذا المنطلق ، أعددت ورقة عمل أعرض فيها مجرد وجهة نظر ايزاء مستقبل وتطوير العملية التعليمية فى مصر ، لتقديمها الى " المؤتمر الوطنى لتطوير التعليم فى مصر " الذى دعى اليه السيد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي . فلا شك ان النهوض بالمنظومة التعليمية فى مصر بات أمرا ملحا وضروريا أكثر من أى وقت مضى ويحتاج مزيدا من الجهود الممكنة ، من أجل بناء مواطنا صالحا فى خدمة الوطن ، والتمشى مع متطلبات المجتمع و العصر ... وتحيامصر .