الأقباط متحدون - البوكليت الحلزوني
  • ٠١:٢٦
  • الاثنين , ٢٣ يناير ٢٠١٧
English version

البوكليت الحلزوني

سعيد السنى

مساحة رأي

٠٦: ٠٨ ص +02:00 EET

الاثنين ٢٣ يناير ٢٠١٧

الدكتور الهلالي الشربيني
الدكتور الهلالي الشربيني

سعيد السني
واصل الدكتور الهلالي الشربيني وزير التربية والتعليم، ورجاله، إبهارنا بتصريحاتهم المتخبطة، وحلولهم «الوهمية» والعشوائية لمشكلاتنا التعليمية.. فبعد قرار سريان نظام «البوكليت» على امتحانات الشهادة الثانوية للعام الدراسي الحالي، بدلاً من تطبيقه تدريجياً على الطلاب منذ بداية المرحلة الثانوية أو الإعدادية، حسب المُتعارف عليه تربوياً وتعليمياً.. فإن «رجال الوزير» راحوا يبحثون توابع البوكليت، وكيفية تجريبه، إذ عقد الدكتور رضا حجازي رئيس قطاع التعليم العام، اجتماعاً مع مديرى المديريات التعليمية عبر الفيديو كونفرانس (دائرة تليفزيونية مغلقة)، وناقش معهم «البوكليت»، وآليات التوعية بالورقة الامتحانية، وأمرّ بتسليم موجهى المديريات «نموذج البوكليت»، وتوزيعه بالمدارس منسوخاً على «سيديهات»، ونشره إلكترونياً، وتحريك قوافل إلى المحافظات للتعريف به.. كما أصدر أوامره للمديريات بإجراء امتحان بوكليت تجريبي لـ«طلاب الثانوية العامة»، في الشهر المقبل لتدريبهم.

تأكيداً.. فإن هذه التفاصيل بشأن البوكليت، وتجريبه امتحانياً بالمدارس، وغيره مما دار في هذا «الاجتماع التليفزيوني» المغلق للدكتور حجازي، تحتاج عاماً على الأقل لتنفيذها.. فكل هذه الإجراءات من تسليم «البوكليت» للموجهين وتوزيعه على المدارس، لا تعني استيعاب الموجهين والمعلمين له، فما بالنا بالطلاب المنكوبين بهذا القرار الفجائي.. ذلك أن خلاصة أبحاث ونظريات «علم النفس التعليمي» تفيدنا بأن هناك «ثلاثة شروط»، ضرورية لتعليم أو تعلم «الفرد»، شيئاً ما، سواء كان هذا الشيء المراد تعلمه والخبرة به، هو قيادة سيارة أو دراجة نارية، أو «البوكليت».. هذه الشروط هي «الدافعية، والنضج، والممارسة».. فقد يعتاد شخص ما، على استقلال سيارة بشكل يومي، جالسا بجوار قائدها، مهتماً بمتابعة كيفية وتفاصيل قيادة السيارة.. فهل يعني هذا، تَعلُم الشخص للقيادة وإجادتها؟.. الإجابة القطعية، هي بالنفي.. إذ لابد أن يكون لديه «الدافعية»، أي «الحافز» المحرك للرغبة في القيادة، ثم «النضج» العقلي والبدني الملائم، وأن تتوفر له «الممارسة»، وهي ثالثة شروط التعلم.. فرغم أن اهتمامه كاشف عن الدافعية، وأنه ناضج، إلا أنه حين يقود السيارة فجأة دون سابق تدريب أو ممارسة، فلن ينجح.. بل ستقع حوادث تصادم ومشكلات.. لابد إذن من التدرب العملي والسير بها لمسافات، في ظروف وطرق مختلفة ضيقة وواسعة ودورانات وفي الخلاء ثم وسط الزحام، وهكذا بمساعدة «معلم» متمكن من القيادة.. كذلك الحال، إذا أردنا للموجهين أولا، والمعلمين ثانياً، والطلاب ثالثاً، استيعاب البوكليت والتدرب عليه.. فـ«الدافعية» موجودة لدى الطلاب للنجاح والتفوق، وبدرجة أقل لـ«المعلمين، والموجهين»، كونهم اعتادوا الشكل الامتحاني الحالي لسنوات طويلة، بما يجعلهم أقل ترحيبا بـ«البوكليت» واستيعاباً له.. كما أن «النضج» وهو عقلي بالأساس، متوفر للجميع.. لكن تكمن المشكلة في غياب «الممارسة» لكل الأطراف (موجهين ومعلمين وطلاب)، إذ ينبغي انتظام الموجهين في دورات تدريبية كافية، كي يقوموا على برامج تدريب للمعلمين، وهو ما يستلزم وقتا طويلاً، نظراً لقلة «الدافعية».. ثم بعد ذلك يكون تدريب الطلاب على البوكليت.

إن تكليف المديريات التعليمية بالتجهيز لـ«امتحان تجريبي» في الشهر المقبل للطلاب، هو نوع من التهريج والاستهتار بمصائر أبنائنا.. إذ الواجب طبقاً للمعارف والعلوم التربوية، أن يكون «الامتحان التجريبي» مُتماثل تماماً، مع امتحان آخر العام.. فما دام أن «امتحانات الشهادة الثانوية»، تجري موحدة، وعلى المستوى المركزي في توقيت واحد، بأنحاء الجمهورية، وفقاً لنظام وضوابط، وطرق تصحيح وخلافه.. فلابد لـ«تجريبي» البوكليت، ولكي يحقق الهدف التدريبي منه، أن يكون موحداً، مركزياً، عمومياً بأنحاء البلاد، وبنفس الآليات والضوابط لامتحانات الشهادة، وليس مجرد سد خانة على مستوى المديريات التعليمية.

إن النقد لـ«البوكليت»، هو في التطبيق الفوري، مجافاة للأصول التربوية المعلومة، وهذا لا يعني أنه سيئ بالضرورة، وربما لا يختلف جوهرياً، عما هو كائن، سوى في «مزاعم» الوزير الهلالي، لتسويقه، بأنه سيمنع الغش الإلكتروني، والدروس الخصوصية، ويحل كل مشكلات تعليمنا، وهي مزاعم ليس عليها براهين، وليس هناك ما يؤكدها، حتى ولو كان البوكليت «حلزوني»، حسبما أعلن «الهلالي»، في أحدث تصريحاته، مفسراً بأن الامتحان هو من أربع نسخ تحوي الأسئلة ذاتها، مع اختلاف ترتيبها، وأنه سيتم توزيع كراسة الامتحان (الأسئلة والأجوبة)، بطريقة حلزونية، بحيث يكون هناك أربع نسخ داخل اللجنة الواحدة.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع