التفسير الرمزي للكتاب المقدس

عصام نسيم
يحاول البعض حاليا في التشكيك في بعض العقائد الايمانية او حتى القصص الكتابية ويدعي بانها مجرد رمز ولم تكن حقيقة وعلى سبيل المثال يدعي البعض ان قصة ادم وحواء لم تكن شخصيات حقيقة ولكنها رموز استخدمها الكتاب لايصال فكرة معينة كذلك قصة نوح والطوفان وأيضا قصة بابل وقصص اخرى يدعي بعض دعاة الفكر بانها لم تكن حقيقة !

بل ويدعي البعض بان التفسير الرمزي كان مستخدم في القرون الاولى للمسيحية وان الاباء استخدموا هذا التفسير وبالتالي يعتقدون بان التفسير الرمزي يسقط الواقعية او الحرفية عن القصص الواردة في الكتاب المقدس!

وبالطبع
لا نستطيع ان ننكر ان التفسير الرمزي للكتاب المقدس امر كان ومازال موجود في الكنيسة المسيحية منذ نشأتها بل ونجد تفسيرات رمزية استخدمها الكتاب المقدس نفسه   بل ونجد ان السيد المسيح له المجد استخدم قصص حدثت في العهد القديم كرمز لموته وقيامته وأيضا بولس الرسول استخدم امور حدثت في العهد القديم كرمز لعمل المسيح الخلاص وعلى سبيل المثال
 
1-           قصة يونان النبي قصة حقيقية لكن دخول يونان في جوف الحوت وخروجه هو رمز لموت المسيح وقيامته من الموت وقد استخدم السيد المسيح له المجد نفسه قصة يونان كرمز لموته وقيامته عندما قال
مت 12: 40ل
 
لانه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة ايام وثلاث ليال هكذا يكون ابن الانسان في قلب الارض ثلاثة ايام وثلاث ليال . مت 40:12  ايضا لو 29: 11
 
ايضا استخدم السيد المسيح قصة الحية النحاسية التي رفعها موسى النبي والتي وردت في سفر العدد اصحاح 21 كرمز لرفعه على خشبة الصليب وكما كان النظر الي الحية النحاسية التي صنعها موسى شفاء لكل من لدغتهم الحيات كذلك يكون النظر الي خشبة الصليب شفاء لكل من لدغوا من الحية القديمة ابليس بالخطية
وكما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي ان يرفع ابن الانسان، يو 14:3
 
كذلك  استخدام بولس الرسول قصة عبور شعب بني اسرائيل من البحر الاحمر كرمز للمعمودية عندما قال
 
إني لست أريد أيها الإخوة أن تجهلوا أن آباءنا جميعهم كانوا تحت السحابة وجميعهم اجتازوا في البحر. وجميعهم اعتمدوا لموسى في السحابة و في البحر" (1كو10: 1، 2).
 
إلي جانب بعض القصص والامور التي جاءت في العهد القديم وكان لها رموز في العهد الجديد مثال

أدوات العبادة في العهد القديم كان لها مدلولات رمزية تمهيدا للحقيقة في العهد الجديد فتابوت العهد الذي حوى عهد الله مع الشعب القديم رمز لأمنا العذراء ذلك التابوت الحي الذي حوى العهد الجديد للخلاص والنعمة الجديدة .

-   الخبز والخمر التي قدمها ملكي  صادق بركة لأبينا إبراهيم رمز لذبيحة الخبز والخمر المُقدمين في العهد الجديد كشركة لجسد الرب ودمه حيث يقول كاتب الرسالة إلى العبرانيين أن مليكيصادق مُشَبه بابن الله .
 
الي جانب الكثير والكثير من الامور التي جاءت في العهد القديم و  فُسرت في العهد الجديد
 
وقد كان في القرون الثلاثة الاولى للمسيحية اكثر من مدرسة لتفسير الكتاب المقدس فكان هناك المدرسة الحرفية والمدرسة الرمزية للتفسير وكانت مدرسة الاسكندرية تتبنى المدرسة الرمزية لتفسير الكتاب المقدس وكانت تفسر كل حدث وكل قصة في العهد القديم على انها رمز او نبؤه او بها معنى روحي خفي لخلاص السيد المسيح في العهد الجديد

وهكذا فسرت هذه المدرسه كل او معظم العهد القديم على انه يحمل معنى خفي وروحي ورمزي للعهد الجديد .

وكان من  اهم رواد  المدرسة الرمزية في كنيسة الاسكندرية العلامة اوريجانوس والذي تأثر  بفيلو اليهودي الذي كان احد رواد مدرسة التفسير الرمزي أيضا

 وقد غالى جدا في التفسير الرمزي حتى قال 

ان قصة آدم قصة  رمزية بحتة قدمها الوحي للكشف عن مفاهيم روحية تمس حياة الإنسان بالله، وأن الجنة لم تكن علي الأرض بل في السماء الثالثة حيث كان آدم وحواء روحين بلا جسدين حقيقيين قبل السقوط، وأنهما هبطا من الفردوس أو الجنة إلي الأرض بسبب سقوطهما وأن ما نالاه من جسدين إنما هو من قبيل العقاب [1].
.
وقد رفضت الكنيسة مثل هذه التعاليم بشدة بل وقامت بحرم تعاليم اوريجانوس واوريجانوس نفسه بسبب الاخطاء التي وقع فيها !
 
ورغم وجود المدرسة الرمزية في الكنيسة الاولى وخصوصا في كنيستنا كنيسة الإسكندرية ولكننا نؤكد على امر هام هو ان التفسير الرمزي كان لا يلغي او ينفي حرفية الاحداث التي ذكرها الكتاب المقدس ولكنه كان يفغل التفسير الحرفي ويدخل إلي عمق الاحداث ليرى المعنى الروحي والنبوي للسيد المسيح وخلاصه وهكذا نفهم ان التفسير الرمزي لم ينكر او ينفي واقعية القصص والاحداث كما يفعل البعض اليوم ولكن ينظر لها بمعنى اكثر عمقا واكثر روحانية عن المعنى الحرفي لها وهذا ما فعله السيد المسيح وبولس الرسول والرسل أيضا في العهد الجديد وكما سبق وشرحنا كيف تم استخدام قصص حقيقة حدثت بالفعل كرمز للسيد المسيح وخلاصه .

يتبع