الأقباط متحدون - هِيرُودُسُ مُزْمِعٌ أنْ يَبْحَث عَنِ الصَّبيِّ ليُهْلِكَهُ
  • ٠٢:٤٥
  • الاثنين , ١٦ يناير ٢٠١٧
English version

هِيرُودُسُ مُزْمِعٌ أنْ يَبْحَث عَنِ الصَّبيِّ ليُهْلِكَهُ

القمص. أثناسيوس فهمي جورج

تأملات كنسية

٠٦: ١٢ م +02:00 EET

الاثنين ١٦ يناير ٢٠١٧

 هِيرُودُسُ مُزْمِعٌ أنْ يَبْحَث عَنِ الصَّبيِّ ليُهْلِكَهُ
هِيرُودُسُ مُزْمِعٌ أنْ يَبْحَث عَنِ الصَّبيِّ ليُهْلِكَهُ

 القمص أثناسيوس جورج

يسوع المسيح مخلص العالم؛ كان موضع مطاردة وانتقام وتصفية جسدية منذ ولادته. فكان هيرودس وأعوانه يترقبونه ليُوقعوا به خوفًا منه، بينما هو جاء ليكون لهم به حياة أفضل. حسبوا أنه جاء ملكًا ومسجودًا له؛ ليؤسس حكمًا زمنيًا؛ لكنه وياللعجب جاء ليؤسس ملكوتًا أبديًا لا يتزعزع ولا ينقرض.. وقد قال بفمه الإلهي الطاهر (مجدًا من هذا العالم لستُ أطلب) .. إنه وُلد حقًا لكي يشرق على الجالسين في الظلمة وظلال الموت، لذلك تهللت كل الأمم بمجيئه.. أتى إلى كل واحد لكي يقدس الذين يقبلونه بإخلاص؛ وأعلن نفسه للكل ليقدس كل من يأتي إليه، وليهدي أقدامنا في طريقه وحقه وحياته؛ ولا شيء يساوي معجزة خلاصنا من قبل صلاحه.
 
شابهنا فيما نعانيه على أرض هذه الدنيا من محن وفقر وتآمر بالقتل وافتراءات وتهجير ومطاردة. لذلك أتى الملاك في الحلم إلى يوسف النجار البار: (قُم خذ الصبي وأمه واهرب إلى مصر؛ وابقَ هناك؛ لأن هيرودس مزمع أن يبحث عن الصبي ليهلكه).. ففي كل عصر يوجد هيرودس وطغاة لهم أعوانهم يستبيحون الدماء ويهرقونها ويقدمونها قرابين للآلهة - (آلهة الأمم) – حتى يبقوا في مظلة سلطان رئيس هذا العالم.. أراد هيرودس قتل يسوع الطفل المولود خوفًا على مُلكه، وأراد نيرون قتل أبناء يسوع خوفًا على عرشه، وكلاهما طغاة يرزحون تحت أصفاد سخرية الجحيم وصداه المرعب في الظلمة الدهرية. فقد قيل عن هيرودس عقب موته - (إنه تسلل إلى العرش تسلل الثعلب؛ وحكم حُكم النمر؛ ومات ميتة الكلب) – كذلك نيرون المجنون الذي حرض الغوغاء ليحرقوا روما؛ كي يُلصق التهمة بالمسيحيين!!!! فلا شيء جديد تحت الشمس؛ وما أشبه ما جرىَ وصدقيته بما يجري الآن في عالمنا من افتراءات وتعسف وازدراء وهدم وحرق؛ وكأنها من طبائع الأمور.
 
وما كان هروب المسيح له المجد إلى مصر سوى واقعة أو محطة من محطات رحلة الآلام؛ التي فيها حمل رئاسته على كتفيه في طريق الصليب. فهو البداية والنهاية؛ متعجبًا منه كل حين، متألمًا ومنتصرًا في قديسيه - (۲تس ۱٠:۱) – إنه دائمًا هو كما في الماضي هكذا في الحاضر؛ وهو أمس واليوم وإلى الأبد، يتحمل آلامنا ويحمل أحزاننا، وهو مغطىَ بالجروح لأجل أحبائه؛ ومتحملاً ضعفنا الذي لا نقدر ولا نستطيع أن نحمله بدونه، وهو أيضًا الذي يتحمل فينا كلمات التحقير والتكفير.. لأنه فينا مبغَض بواسطة العالم؛ الذي لا يعرفه؛ ومن ثم يرفضه ويعاديه.
 
لذلك لن تكون لنا قوة إلا به؛ ولا تعزية إلا إذا اختبرنا تدابيره الخلاصية؛ لأنها وحدها سبب بركة حياتنا؛ وبمقدار تجديدنا وتوبتنا واستنارتنا سنلمس حضوره العجيب.. فالقرار قرارنا!!! والتدبير هو من أجلنا نحن البشر ومن أجل خلاصنا؛ إذ أنه قائم في وسطنا؛ لكننا لا نعرفه أحيانًا!!! فهل خبرناه وعرفناه وقبلناه وأطعناه؟؟!! لقد فتح لنا فسحات في قلوبنا ليدخل ويتعشى ويسكن ويقيم؛ بل ويملك... أتى إلينا؛ فلنأتِ إليه ونستقبله ليحل فينا؛ تنازل ليرفعنا؛ فلنمجده ونزيده علوًا ورفعة؛ إلى الأبد رحمته... ليعيد الله علينا هذه الأيام بالسلام الذي من السموات، وليُنهضنا كي نخدمه ونشهد له كما يليق