وزير الصحة.. أفلح إن صدق!
مقالات مختارة | حمدي رزق
الاثنين ١٦ يناير ٢٠١٧
خلاصته، يربط الدكتور أحمد عماد، وزير الصحة، زيادة أسعار الدواء بتحرير سعر الصرف قائلاً: «مع تحرير سعر صرف الدولار كان من المفترض أن ترتفع أسعار الأدوية بنسبة 100 فى المائة، واتفقت مع رؤساء شركات الأدوية على إعادة النظر وخفض الأسعار مع تراجع سعر الدولار».
أفلح إن صدق، وزير الصحة بيحلم، ومن الآن أتحداه إذا ما انخفض سعر الدولار أن يهبط سعر الدواء، ما يرتفع فى مصر لا ينخفض أبداً، دلنى على سلعة ارتفعت ثم انخفضت، سلعة واحدة، سعر السكر مثلا انخفض فى البورصات العالمية أخيراً، لكنه فى مصر فى ارتفاع مطرد!.
وزير الصحة يعد بما لا يملك، شركات الإنتاج لها اليد العليا الآن، والحكومة محصورة بين سندان الشركات ومطرقة المرضى، وظهرها للحائط، لا تملك بدائل صناعية ولا استيرادية، ولا تطيق صبراً على آهات المرضى، وليس لديها ما تدفعه للشركات تعويضاً عن ارتفاع سعر الدولار، فقررت تحميل المرضى عبء الزيادة الجديدة، كان الله فى عونهم، مرضى وفقراء.
أقول قولى هذا ومثلى مثل المريض مغلوب على أمره، أمرنا لله، المرض ألم بالليل ومذلة بالنهار، الشركات مسكانا من إيدينا اللى بتوجعنا، الله يرحم صناعة الدواء الوطنية، لو استقامت الدولة فى غابر الأيام واعتنت وموّلت وحدّثت مصانعها الوطنية، ما كنا احتجنا لسؤال اللئيم، ولكن إهدار موجبات الأمن الاجتماعى فى زمن الهدر والبيع بالجملة- يكلفنا الآن ما لا طاقة لنا به.
يقيناً سينتظر الوزير طويلاً حتى ينخفض سعر الدولار، هذا إذا انخفض، «يا مآمنة للدولار.. يا مآمنة للميه فى الغربال»، ثم متى يتدخل الوزير لخفض الأسعار، هل هناك سعر للدولار مثلاً محدد لبدء المفاوضة الجديدة، هل يتدخل عند سعر 16 جنيهاً مثلاً، 15 جنيهاً، 14 جنيهاً، متى يتدخل، وهل هذه الأرقام فى توقعات البنك المركزى؟، أخشى أن يضطر الوزير إلى أن يتدخل مجدداً لرفع السعر مع ارتفاع سعر الدولار، وهذا محتمل فى ظل الارتفاعات المتوالية، الدولار تعود على الارتفاع أبداً لا ينخفض!.
الشركات تذوقت لحم المريض، لن تبتعد عن اللحم اللذيذ، الشركات التى سجلت أسعار أدويتها قبلاً بأربعة أضعاف السعر تشكو الآن، لا تقبل بغير الأربعة أضعاف، لا ترضى بربح معقول، لازم تجزر المريض، لازم الربحية الكاملة، والشماعة الدولار، أتحدى أن تقبل شركة واحدة تخفيض السعر لو انخفض سعر الدولار جنيهاً واحداً، ولفوا على الزيادة !.
لأكون منصفاً تماماً، الحكومة فى موقف جد صعيب، المرضى لا يحتملون نقص الدواء، والشركات المنتجة والموزعون تآمروا على المرضى وعطشوا السوق من الدواء، للىّ ذراع الحكومة، ولإذلال المرضى، ورهن الإرادة السياسية لأطماعها العابرة للقارات، قبلت الحكومة بالدواء المر، وسقته للشعب، وتجرع المريض مر الدواء، غالى غالى المهم يبقى موجود، تخيل المعادلة الصفرية، غالى أو مش موجود، يا تحلبى يا كسر قرنك، وكسرت الشركات قرن الحكومة وأذلت المرضى!
تخيل زيادتين فى أسعار الدواء فى ثلاثة أشهر، والشركات المفترية ترشح من صناديقها للزيادة الجديدة، فقط الأدوية التى تحقق أعلى المبيعات، وتتجاهل الأدوية التى ليس عليها طلب، وترشح أدوية سبق زيادتها قبل ثلاثة أشهر، لتصبح الزيادة الجديدة مضاعفة، زيادة على الزيادة، والبحر يحب الزيادة.
تخيل، دواء يحقق معدلات توزيع فى السوق بالملايين عبوة، ألا يكفى هامش الربح مضروباً فى المليون لتشبع هذه الشركات من دماء المرضى، دواء تم تحريك سعره قبلاً بعشرين فى المائة، لماذا لم يتم تجنيبه من الزيادة الجديدة؟
لا يزال فى مكنة وزارة الصحة هامش مناورة، أقله نقف معه وقفة حقيقية فى تسجيل الأدوية الجديدة، وقفة حقيقية فى التسعير الحقيقى، المغالاة فى حساب المدخلات بالأساس هى التى أوصلتنا إلى هذه الحالة البائسة، الصبر يا رب!.
نقلا عن المصري اليوم