تجديد الخطاب القبطى
أوليفر
الجمعة ١٣ يناير ٢٠١٧
Oliver كتبها
الغرض من تجديد الخطاب الديني هو إعادة تقديم الدين مادة لبناء السلام في المجتمع و نبذ التطرف و العنف .تنقية الدين من دعوات متطرفة تستند على آيات و أحاديث و تفاسير و روايات متواترة. هذا كله في الدين الإسلامي .لذلك في أوساطنا تتردد عبارات صماء لا يدرك مغزاها من يرددها .هى موجات يتسلقها المنتفعون لكي يكون لهم من الشيئ و ضده أي مكسب لأن الإنتهازى لا يدع فرصة للمكاسب إلا و ينتهزها.وهكذا صارتعبارة تجديد الخطاب الديني مغنماً جديداً للإنتهازيين.بدأ مطلب الرئيس السيسي للأزهرين في عيد مولد نبيهم منذ عامين ثم تكرر النداء بعد عام دون جدوى و ساد كل الصفحات المقروءة و البرامج المسموعة حديث عن التجديد يقابل حيناً بالتهكم و حينا نجد من الأزهر دعوة مناقضة ليست بتجديد الخطاب بل بتجميد الخطاب الديني. ثم جاء دور المزايدين ليضيفوا المؤسسة الكنسية ليكون بها تجديد للخطاب الديني.هذا هو موضوع مقالنا,
جهل هذا الشعار
الذين يضمون الكنيسة مع الأزهر في نداءهم بتجديد الخطاب الديني يكررون سياسة السادات منذ حادث الخانكة الذي كلما حدث إرهاب يجعل الطرفين مشتركين فيه و يضبط أفراداً من المسيحيين مع الإرهابيين المسلمين لكي تبدو أنها مشاجرة بين فريقين و ليس حادثاً إرهابياً.وهذه ظلت السياسة السائدة منذ أيام النبوى إسماعيل الإخواني وزير الداخلية و حتي عهد قريب,لكن بعض الإعلاميين لا زالوا مصرين علي أن الكنيسة تحتاج إلي تجديد الخطاب الديني يغذيهم بعض المحسوبين مسيحيين و هم أجهل الناس بالمسيحية و هم حتي لا يعرفون ما هو هذا الخطاب الديني و هل أصلاً يوجد خطاب ديني بالكنيسة؟
حقيقة الأمر
لا يوجد بالكنيسة خطاب ديني لكي نجدده .بل يوجد إرشاد روحي . وعظ و تفسير للإنجيل الذي لا يحتوي علي عبارة واحدة تشجع علي العنف.إنجيلنا كله عن محبة المسيح للعالم . ممتلئ بالمحبة يحوى جميع الفضائل يبني قلباً نقياً خالياً حتي من مخاصمة الأعداء.حقيقة الأمر أن العقائد و التفاسير تختلف و تتنوع لكنها لا تذهب أبدأ إلي ما يخالف روح المحبة التي تشمل الكتاب المقدس مصدر تعليمنا.ليس عندنا أحاديث مصاحبة للإنجيل تخالف ما في الإنجيل .أما أقوال الآباء فهي أيضا تفسير للإنجيل لا تخرج عنه.و الكثير منها إرشادات في كيفية المسير في الحياة الروحية و الرهبانية.فلن تجد قولاً واحداً يأخذ منهج ضد المحبة لأننا سنتعبره ضد المسيح و هو أصلا غير موجود.فموضوع الخطاب الديني له تعريف مختلف عندنا نحن المسيحيون.الخطاب عندنا هو لتنقية القلب للقاء المسيح في الأبدية .هو للمصالحة مع الجميع في المجتمع.هو لمد جسور المحبة للكل لأن هذه هي العلامة الوحيدة التي يعرف بها العالم أننا تلاميذ المسيح.ليس في خطابنا تعبئة ضد طرف آخر فالكلام عندنا يأخذه كل من يسمعه كرسالة شخصية يتلقاها من المسيح.لا يوجد شحن ضد آخر.لا يوجد تجهيز للإنتقام.ليس عندنا دعوات للجهاد ضد الناس لكن ضد الخطية و ضد إبليس و ضد شهوات الجسد فنحن بدون تجديد خطاب ضد أي إرهاب لأن الإرهاب ضد محبة المسيح و خلاص النفوس..الخطاب عندنا يمس الروح و يربط الفكر بالأبدية و هو في كل هذا منقاداً بروح الله يصنع سلاماً بين الإنسان و نفسه و بين الإنسان و غيره.و يرفض الصراع في كل مستوياته.هذا هو ما نسميه عندنا التعليم الكنسي و ليس الخطاب الكنسي.لأنه ليس خطاب بل تعليم نتعلمه لنحياه.فالكلام لنا هو روح و حياة و ليس تجميع و حشد ضد أحد.
تجديد الخطاب القبطي
هذا شعار كاذب.يبدا بريئاً ثم يظهر علي حقيقته حين نسمع من الأزهر أنه لن يجدد شيئاً إلا بصحبة الكنيسة.يعني يربط تجديد خطابه بتجديد خطاب الكنيسة و بما أنه لا يوجد عندنا أصلا خطاب ديني لذلك سيتقاعس الأزهر بعد أن يضعنا كأننا العقبة التي عطلت تجديد خطابه.لكن الحقيقة هي هذه و سأكتبها بغير تجميل.الإسلام كله إرهابى .الدين و الأحاديث و الأئمة و المفسرين و الأزهر بقادته كلهم إرهابيين.و لا توجد وسيلة لتجديده.فلا يمكن تجديد الشر ليصبح خيراً.و لا تجميل الذئب ليبدو حملاًفليس هناك أمل في أصحاب السيوف أن يصبحوا صناع سلام.لا تكذبوا علي الحقيقة..الحل ليس في تجديد الخطاب بل تحجيم دور الأزهر و تعديل المناهج في التعليم و الجامعات و الإعلام. الحل في دستور مدني و دولة مدنية لا يكون للدين فيها أي دور سوي تكافل إجتماعي . الحل أن ينحصر دور الأزهر في مساجده يشعلها إذا شاء بتعاليمه الإرهابية على أن يقف خارج أبوابها حراس القانون بالمرصاد لكي يجازى كل من يتجرأ علي زعزعة إستقرار الدولة. الحل أن تغلقوا الإعلام في وجه كل رجال الدين مسلمين و مسيحيين. و أن لا يكون لهم وجود في المحافل العامة الرسمية. و لا تنتظروا تعليق أعذاركم علي الكنيسة.فليس في الكنيسة إرهاب.لم يخرج منها من ينسف و من ينتحر أو يفجر و من يقتل و من يحرق.لم يخرج كل قداس أحد مجموعة تدمر مساجد المسلمين.لم يتفق بعض المسيحيين علي تشكيل خلايا إرهابية و ذراع عسكري يؤيده الأزهر سراً و يشجبه علناً.لم يحدث أن ضبطوا مسيحي يحمل خنجراً في كنيسة و لم يحدث أن مسيحي مختل ذهب إلي جامع ليقتل المصلين.فعن أي تجديد خطاب تتحدثون؟ هل التعليم في كنيستنا أفرز إرهابا حتي تحملونه مسئولية الإرهاب بطلبكم الخبيث بتجديد الخطاب الكنسى كأننا طرف في الإعمال الإجرامية.كفاكم تدليساً.
أما التجديد المطلوب فهو هذا
لا يميز التعليم المسيحي سوى المحبة المستمدة من محبة المسيح فإملأوا عظاتكم محبة.قدموا عقيدة مستقيمة بغير هجوم علي من يختلف معنا.قدموا الصحيح من التفاسير و هذا وحده سيكشف المخالفين.لا تعلموا بهجوم على أحد بل بإحتضان لأولئك الذين يحتاجون إلي مزيد من المعرفة و الحكمة و التعليم الذي لن يقبلونه سوى بالمحبة و الوداعة بغير تعالي أو إفتخار لأننا لسنا ملائكة و لا نحن أحسن الناس فلنتضع لكي نربح الآخرين للملكوت لأنه بهذه نستثمر وزناتنا .أما التعصب فلا يصنع أرباحا بل خسائر.
يا طوائف الكنائس المختلفة لا تسخروا من بعضكم البعض.و ما لا يعجبكم عند غيركم لا يجب أن يكون مصدرا لتهكمكم لأنكم بهذا تنالون دينونة.إجعلوا منابركم حضناً يذيب الإختلافات. تجرأوا علي تصحيح ما تكتشفون أنه خطأ.و ستجدون نعمة و ليس ثورة عليكم.المسيح يسند كل من يريد الصلاح.إنتبهوا لألفاظكم التي تستخدمونها في كنائسكم و تأكدوا أنها تليق بأن تكون صوت الروح القدس.لئلا تكونوا صوتاً للغريب.فليبارككم الرب إن كنتم تباركون الكل و تحبون الكل و تربحون الكل.
صلاة من أجل التجديد
يا من يجدد مراحمه كل يوم جددني أنا أيضاً.فالقلب عتيق و الفكر عتيق فهل من قلب جديد و هل تستبدل فكري بفكرك.الروح صارت متهالكة تتهاوى فهل تجدد شبابها كالنسر.أريد أن أتأهل من جديد لكي يسبح شوقى في السمائيات.و تلتصق شهوتي بالروحيات.يا من يجدد الأرض بنسمته أرضي تنتظرك لتجددها.فالثمر متعطل منذ وقت.و أدوات فلاحتي إنكسرت من يدى.كيف أحرث أرضاً بيدٍ يابسة فإعطني يدك لأحرث.ضاعت منى بذور الفضيلة التي كنت أقتنيها كطفل فيا من خرجت لتزرع لا أريد منك بذرة جديدة بل أريد أن تصنعني أنا بذرة في أرضك لأكون من مقتنياتك بغير تراجع.تستطيع لأنك دوماً القادر تستطيع أن تكسيني بالإنسان الجديد.حينها تكون كل تطلعاتى سماء و مجد.تسبيح و حب.سلام و مسرة.فأذهب إليك في كل لحظة و لا أعود.و أعود فيك في كل لحظة و لا أذهب عنك.لأنك لما تكسونى بالجديد تضع في الجديد قلباً لا ينجذب لسواك.لا ينظر إلا لقدام.يمر العتيق قدامه و لا يبال.بل هو فقط ينتظر أرضاً جديدة و سماءاً جديدة.