الأقباط متحدون - نظرة متأنية لزيارة الرئيس السيسى للكاتدرائية ليلة الميلاد
  • ١١:٤٦
  • الجمعة , ١٣ يناير ٢٠١٧
English version

نظرة متأنية لزيارة الرئيس السيسى للكاتدرائية ليلة الميلاد

د. مجدي شحاته

مساحة رأي

٤٤: ٠٨ ص +02:00 EET

الجمعة ١٣ يناير ٢٠١٧

زيارة الرئيس السيسى  للكاتدرائية
زيارة الرئيس السيسى للكاتدرائية

  بقلم : د. مجدى شحاته
ليلة عيد الميلاد المجيد بألكاتدرائية المرقسية الكبرى بالقاهرة ... ليلة عيد ... يسجلها التاريخ الوطنى ليلة اتسمت بالأهمية وستبقى عالقة بالاذهان ، ليس فقط بسبب كونها الزيارة الثالثة للرئيس عبد الفتاح السيسى للكاتدرائية وتهنئة قداسة البابا تاوضروس الثانى بابا الاسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية والشعب القبطى بعيد الميلاد المجيد فحسب ، ولكن بالاضافة لقيمة الزيارة التاريخية ، تأتى أهمية الكلمة التى ألقاها الرئيس أمام الكرسى البابوى ... كلمة قصيرة موجزة ،لكنها تحمل فى ثناياها عدة رسائل بالغة الاهمية  ، جاءت الكلمة لتكسر حاجز الجمود بين السلطة الحاكمة والكنيسة القبطية بصورة لم تحدث منذ تأسيس الدولة المصرية الحديثة . جاءت كلمة السيد الرئيس كخطوة وطنية ودعوة صادقة نحو تجديد الخطاب الدينى ودعم المواطنة الكاملة للاقباط وقبول الاخر وتفعيل مواد دستورية تتعلق بالوحدة الوطنية .وقد بدأت الزيارة بتوجه الرئيس الى الكنيسة البطرسية لتفقدها بعد ترميمها نتيجة التفجير الغاشم منذ أسبيع والذى أسفر عن ثمانية وعشرون شهيدة وشهيد وعشرات من المصابين و المصابات . بعدها تقدم الرئيس السيسي الى الكاتدرائية حاملا باقة من الورود البيضاء قدمها لقداسة البابا الذى كان فى استقباله مع الاباء الاساقفة والشمامسة والالحان القبطية المبهجة  . جاء اللقاء راقيا انسانيا يؤكد على عراقة وأصالة الشعب المصرى العظيم . جاءت تهنئة الرئيس لقداسة البابا والاقباط بعيد الميلاد المجيد ليدحض بعض الافكارالغريبة التى لم يعرفها المصريون من قبل ،والتى تنادى بعدم تهنئة المسيحيين فى أعيادهم . اتسم اللقاء بحسن الاستقبال والحفاوة البالغة من الحضور بالورود والزغاريدوالمصافحة باليد ، فكان بمثابة ردا قاطعا على مثيرى الفتن بغرض الوقيعة بين الاقباط والنظام الحاكم واحداث الانقسام .وفى نفس السياق أكدت مصادر دبلوماسية بان الزيارات الثلاثة التى قام بها الرئيس للكاتدرائية منذ توالية السلطة ولاول مرة فى تاريخ مصر، كان لها أثرها الكبير فى افشال مخطط خارجى لتقسيم البلاد على أسس طائفية ومذهبية . جاءت الزيارة بمثابة تطييب الخواطر وتضميد الجراح ومسح دموع ملايين الاقباط و أسر شهداء الكنيسة البطرسية الذين استشهدوا فى تفجير الكنيسة منذ أسابيع حيث حضر الرئيس مع السادة كافة كبار رجال الدولة الجنازة الرسمية للشهداء الابرار واعلان الحداد العام لمدة ثلاث أيام فى كافة أنحاء الجمهورية . 

أعلن الرئيس فى كلمته عن الانتهاء من ترميم كافة الكنائس التى أضيرت فى أعقاب أحداث يونيو الدامية عام 2013 فجاءت بمثابة ردا قاطعا وحاسما لكل من يحاول التدخل فى الشأن المصرى ، حيث أعلن الرئيس التزام الدولة بتعهداتها ، مقدما اعتذاره عن التأخير فى عمليات الترميم ، موضحا أن قداسة البابا  لم يطلب مرة واحدة بترميم أو اصلاح أى كنيسة ، بالرغم من انه حق له وللاقباط بحسب قول الرئيس . جاءت الرسالة ردا على مساعى الكونجرس الامريكى  ، حيث تقدم مؤخرا أحد نواب الكونجرس بطرح مشروع قانون يطالب وزارة الخارجية الامريكية بمتابعة مدى التزام الحكومة

المصرية بترميم الكنائس التى وعدت الدولة المصرية بترميمها عقب أحداث عام 2013 . وكانت الكنيسة القبطية الوطنية قد أعلنت على العالم أجمع رفضها بصورة قاطعة أى حديث عن مشروع قانون من الكونجرس الامريكى خاص بترميم الكنائس المتضررة وجاء فى بيان الكنيسة : " ترفض الكنيسة القبطية الارثوزكسية وبصورة قاطعة أى حديث عن مشروع قانون امريكى خاص بترميم الكنائس المصرية المتضررة وتعلن أن الحكومة المصرية قامت بواجبها الكامل باصلاح وترميم الكنائس بجهود وأموال مصرية . وأوفى الرئيس بوعده بانتهاء هذه الاصلاحاتبنهايه العام الحالى وهذا ما تم فعله على أفضل وجه ". ومع تقديرنا للسيد الرئيس الذى يبذل كل الجهد لترسيخ الوحدة الوطنية والمواطنة ، نأمل اكمال مسيرة المواطنة الكاملة للاقباط والتى يؤمن وينادى بها دوما ويأمر بفتح عشرات الكنائس المغلقة لدواعى أمنية منذ سنوات طويلة مضت .

رساة اخرى بعث بها الرئيس فى كلمته دعما للوحدة الوطنية وتجديد الخطاب الدينى مؤكدا بأن التنوع الدينى بين الناس ارادة الهيه لا دخل لأحد بها فالتنوع الدينى خلقه الله حتى نحترمه ولو شاء الله لجعل الناس كلهم أمه واحدة  ، والرساله تؤكد للعالم والاجيال القادمة أن مصر شعب واحد ونسيج واحد ولابد الاعتراف بالتنوع الدينى وقبول الاخرأيا كان ، ومحاربة أى فكر متطرف يحث على الفرقة والكراهية وعدم قبول الاخر . وكانت المفاجأة الطيبة واللفتة الكريمة حين أعلن الرئيس عن بناء وانشاء أكبر مسجد وكنيسة على أرض مصر فى العاصمة الادارية الجديدة فى الحى الحكومى ، على أن يتم افتتاح الكنيسة مع بداية العام القادم ان شاء الله حيث قال الرئيس : " ان شاء الله العام المقبل سنحتفل بصرح عظيم يعكس احترامنا لبعضنا البعض ." وكان الرئيس أول المساهمين فى هذا الصرح الكبير حيث تبرع بمبلغ مائة ألف جنيه لبناء المسجد و الكنيسة ويكون قدوة أمام الكثير من المساهمين الذين بدأوا بالشاركة وفتح حساب فى أحد البنوك المصرية لمن يرغب فى المساهمة .

وفى ختام كلمته الهامة تقدم بالدعاء بكلمات هادئة هزت المشاعر والوجدان فقال : " أدعو : يارب .. أنا هنا فى بيت من بيوت الله ، يا رب احفظ مصر ، يارب أغننا بفضلك عمن سواك "جاء هذا الدعاء النابع من القلب ردا على مثيرى الفتنة والفرقة مؤكدا على حتمية التنوع الدينى وقبول الاخر ،  فالكنيسة بيت منبيوت الله ،ترفع فيها الدعوات والصلوات من أجل الوطن الغالى مصر ، والحفاظ على العيش الكريم لكل أبناء الوطن ، ويكون السيد الرئيس نموزجا حيا صادقا يؤكد أصالة الشعب المصرى العظيم وجذوره الضاربة فى عمق أرض المحبة والخير و السلام ، مبارك شعبى مصر ، وتحيا مصر .

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع