نجم أشرق في المشارق !!
أندرو اشعياء
الخميس ١٢ يناير ٢٠١٧
اندرو اشعياء
في أمسية ذات يوم صافي الأديم، وقفت علي قمة سلسلة جبال، وكانت الجبال ممتده امامي نحو الشمال والجنوب، وزرقة السماء اللانهائية توشح اكتافها بألوان بديعة، وكان يمتد امام نظري بعض الوديان،وأحدها تنساب في نهيراته المياه الرقراقة، وكنت ارى التلال القليلة وكأنها الحقول والوديان بألوانها المتبدلة كأنها مربعات زاهية الالوان، والطرقات بينها كأنها اشرطة من الكتان الناصع تزينت في النهاية بجبل كبير ارتفعوشق السحاب في اعلى السماء ..
ففي كل مساء، حين اقف اعلى هذه التلال وحين تخلو نفسي، تزورني بعض الأفكارتأخذني عبر الفجوات وتبعدني اكثر نحو الجبالوحينها يبدأ سحر الكلمات يحملني .. يبعثرني .. أشعر وكأني نجم يحلق في الآفاق يجعلني أتلألأ يلف بي العالم ويُحَملني القيادة لأهيم في فلكي أرسم لوحة أو إبتسامة .. أقرأ نصوصًا أو أقرع أجراسًا أحمل على عاتقي وزر إنتقاء كلماتي من الحكاية ويبدأ سردي ..
تذكرت في هذه الليلة نجم المزود حيث انني كنت متعجبًا لماذا لم يكرز هناك نبي كما في نينوى، او بشرهم كاروز مثل مرقس؟ لماذا بالتحديد نجم؟! لماذا لم ينزل مثل اشعياء النبي وعلمهم بان البتول تحبل وتلد ملكا بدون زواج؟ ماذا كانت الغاية من النجم الذي أُرسل، ولماذا دعا المجوس باشراقه العظيم؟لاي غرض نزل عندهم هذا النجم، وباي صوت زرع بشارة الولادة في آذانهم؟الرسول الصامت لم يكن يتكلم إلا باشراقه، فكيف كرز، وكيف قُبل؟
من المعروف أن المجوسية لم تكن تقبل التعليم من اشعياء، ولو كرز يونان لما سمعت كلماته،المجوس لهمأسفار ضد موسى، ولا يميلوا الى تعليم آدوناي حيث أن فصول التنجيم ضد النبؤة، فلو بشرهم نبي بشيء لرجموه.المجوس لهم اهتمامبالولادات والابراج، وقلبهم تائهًا في التامل في القوات، ولهذا اصطادهم الحق بما فكروا فيه،فِكر المجوس ميّال لينظر الى النيرات، ومنها وبها قهرهم الحق بمهارته.وبينما نظروا الى الكواكب والى عدد حساباتها،وظنوا ان لهم الطاقة على التصرفات بواسطة المجرة، بل ووضعوا نصوصًا بها اثنتي عشر بيتا، وسبعة مدبرين، والي هذه النصوصيستندواعندالتكلم عن الولادات.. جلس الحق في النص وسلّم لهم نفسه ليُصطاد حتى يدخلوا ويجدوا الابن .. وبهذه الطريقه اشرقت لهم بشارة الابن لترى وجهه..
لقد وقـف كوكب بهي في نوره، وكبير في منظره، وعزيز اشراقه، ويلمع ضوءه ويتلألأ جماله،لمعانه مضطرم، وتتقد اشعته، ومنظره محير، وكان وحيدا، ولم يكن يوجد آخر يشبهه. المنظر الجديد حثهم ليتعقبوا، وفي اسفارهم لم يكتشفوا ما هو خبره، حتمًا استفسروا كثيرا عن الوحي العجيب الذي شاهدوه، ولم تقدر اسفار التنجيم ان تشرحه،صورة النور ارعبتهم ليصوروها، ولم تقدر كل الوان التنجيم ان تحتويها.. ربما فكروا وقالوا بتعجب: لقد جاء الى العالم شيء عظيم بولادته الجديدة، وعليه ان يقبض على رئاسة الارض كلها،جاء الى الميلاد انسان عظيم كما ادركنا، ولما يشتهر ستخضع له كل الجهات. ساقٌ عظيم اشرق اليوم بين المولودين، وُلد الآن انسان عزيز يقبض على العالم بجبروته، لنعقب ونرَ من هو، واين هو؟امام تاج هذا تسقط كل التيجان، لنستبق ونذهب ولناخذ شيئا ونقدمه لهقبل ان يجيء ملوك الارض بقرابينهم، ليكن قرباننا بكرًا يُقرب له، قبل ان ياتي الشعوب عنده باكرامهم، لنسبق ونجلب هدية كبرى ولنرَ وجهه،قبل ان يُحتقر الذهب والكنوز في خزائنه، ليدخل امامه ذهبنا كالباكورة علامة مُلكه ..
هنا حكيم القلب اصطاد المحتال بخصوصيته، وبذكائه لم يعرف (المحتال) كيف حبسه، غلبه بالسلاح الغدار المتمرس عليه، وحُبس بخصوصيته، وقتله بقوة، كان الحق قد صنع كمينا واختبأ في الابراج، ومن هناك اصطاد التنجيمَ واخذه معه،وكما لو انه اتفق معه الى ان اصطاده، وبعد حبسه جذبه عنده ليصير مُلكه.
لقد صاروا مبشرين لما كانوا يسيرون في الطرقات، ليعلنوا اشراق الملك للعالم كله. حِرفتهم التي تحب المجد حثتهم لئلا يخفوا الهدف الذي من اجله يصعدون،ولكي يشتهروا مثل علماء في كل البلدان، تكلموا كثيرا عن ذلك الاشراق الذي جذبهم. اقامهم الحق على العظمة بخصوصيتهم لتوصف بشارة الابن بتلك المناسبة، واينما كانوا يرحلون ويحلون قصّوا خبره قائلين: سبيلنا متجه نحو المولود في اليهودية، وفي كل موضع كانوا يحلون فيه زرعوا البشارة، ولما كانوا يرحلون سردوا خبر ولادته،وكانت كرازتهم تنتشر على اميال الطريق، بلوبسببهم ربما قلقت بعض البلدان وسكانها، واوقعوا الرعب على شعوب المدن وهم يخبرون بميلاد الملك العظيم،حطموا قلوب الملوك الذين اجتازوا في تخومهم بخبر ميلاد الملك الذي رددوه، واقلقوا راحة السلاطين الذين بشروهم: شخص من اليهودية سيستولي على كل البلدان..
حقًا دون ان يدروا خطفهم الحق ليصيروا له مكرزين، ويصفوا اخباره باسهاب وهم لا يعرفون .. حقًا وقف المهندس العظيم على بناء المجوسية ليهدمه ويوقعه وقد جُعلوا فعلة له لاستئصاله ...