الأقباط متحدون - جريمة التنصت على التليفونات ومسئولية الدولة
  • ٢٠:٣٢
  • الخميس , ١٢ يناير ٢٠١٧
English version

جريمة التنصت على التليفونات ومسئولية الدولة

مقالات مختارة | حافظ أبوسعدة

٣٤: ١١ ص +02:00 EET

الخميس ١٢ يناير ٢٠١٧

حافظ أبوسعدة
حافظ أبوسعدة

 العدوان على حرمة المواطنين الخاصة باختراق حياتهم الخاصة وهتك الستر بالتنصت على التليفونات انتهاك جسيم لقيم حقوق الإنسان ولمبادئ الدستور المصرى، وهى مسئولية على الدولة بحماية المواطنين وحياتهم الخاصة التى لها حرمة بنص الدستور، ولكن يبدو أن هذا الأمر أصبح مستباحاً لكل المعارضين، فقد كشفت الحلقة التى أذاعتها قناة تليفزيونية خاصة يملكها رجل أعمال عن تسجيل تليفونى للدكتور محمد البرادعى، نائب رئيس الجمهورية السابق، ورئيس أركان الجيش المصرى السابق، الفريق أول سامى عنان، ثم تسجيلات أخرى مع شخصيات عامة أو أفراد أسرته، وقد سبق ذلك إذاعة تسجيلات لنشطاء سياسيين لقناة أخرى يملكها رجل أعمال آخر، ورغم الإدانة الواضحة لمثل هذه الانتهاكات، فإنها يبدو أنها ستستمر لإرهاب المثقفين والمعارضين المصريين.

 
لم تكن هذه هى المرة الأولى التى يحدث هذا فى مصر، فيتذكر المصريون أن الرئيس السادات، رحمة الله عليه، بدأ حكمه بكشف الأجهزة الأمنية التى كانت تسجل للمواطنين وحتى المسئولين بمن فيهم رئيس الجمهورية ذاته، وجمع التسجيلات أمام كاميرات التليفزيون وهو يحرقها، وذلك لطمأنة المصريين باحترام حقوق الإنسان وبناء الدولة استناداً لدستور دائم أقر الحقوق والحريات، وحرّم الاعتداء على الحياة الخاصة، إلا أنه يبدو أن هذه الممارسات قد عادت وعلى نطاق واسع، الفرق هو أنها الآن لا تحتفظ بها الأجهزة، ولكن يتم تسليمها للقنوات الخاصة لابتزاز وتخويف المصريين.
 
السؤال الآن: هل إذاعة هذه التسجيلات على قنوات خاصة يعفى الدولة من المسئولية، والتزامها بوقف هذا الانتهاك بموجب قرار من هيئة الاستثمار التى تدير مدينة الإنتاج الإعلامى الملتزمة بحماية الحقوق والحريات وعدم الاعتداء على الأشخاص وإحالة مرتكبى هذه الجرائم سواء التسجيل والتنصت أو الإذاعة لجهات التحقيق ومحاكمة كل من ارتكب هذه الجريمة؟
 
وهنا يجب أن نعود للدستور وقانون العقوبات، فتنص المادة 57 من الدستور: للحياة الخاصة حرمة وهى مصونة لا تُمس، وللمراسلات البريدية والبرقية والإلكترونية والمحادثات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال حرمة، وسريتها مكفولة ولا تجوز مصادرتها أو الاطلاع عليها أو رقابتها إلا بأمر قضائى مسبب ولمدة محددة، وفى الأحوال التى يبينها القانون، كما تلتزم الدولة بحماية حق المواطنين فى استخدام وسائل الاتصال العامة بكافة أشكالها ولا يجوز تعطيلها أو وقفها أو حرمان المواطنين منها بشكل تعسفى، وينظم القانون ذلك، كما عاقبت المادة 309 مكرر: يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة كل من اعتدى على حرمة الحياة الخاصة للمواطن، وذلك بأن ارتكب أحد الأفعال الآتية فى غير الأحوال المصرح بها قانوناً أو بغير رضاء المجنى عليه:
 
استرق السمع أو سجل أو نقل عن جهاز من الأجهزة أياً كان نوعه محادثات جرت فى مكان خاص أو عن طريق التليفون.. إلخ، كما عاقبت المادة فى الفقرة الأخيرة بحبس الموظف العام الذى يرتكب أحد الأفعال المبينة بهذه المادة اعتماداً على سلطة وظيفته، ويحكم فى جميع الأحوال بمصادرة الأجهزة وغيرها مما يكون قد استخدم فى الجريمة، كما يحكم بمحو التسجيلات المتحصلة عنها.
 
ثم عاقبت المادة 309 مكرر أ بالحبس كل من أذاع أو سهل إذاعة أو استعمل ولو فى غير علانية تسجيلاً أو مستنداً متحصلاً عليه بإحدى الطرق المبينة بالمادة السابقة أو كان ذلك بغير رضاء صاحب الشأن.
 
إذاً مسئولية الدولة تتحدد وفقاً للدستور والمواثيق الدولية فى وقف هذه الانتهاكات فوراً ومعاقبة كل من سجل أو أذاع بالحبس، ولا يجوز الاحتجاج بأن من أذاع هى قنوات خاصة، فدولة القانون تحمى حقوق الإنسان للمؤيدين والمعارضين وتحمى حرمة الحياة الخاصة وإلا تصبح دولة تنتهك حقوق الإنسان بشكل منهجى.
نقلا عن الوطن
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع