الأقباط متحدون - الآنسة جدة بشرطة!!
  • ٢٠:٣٢
  • الخميس , ١٢ يناير ٢٠١٧
English version

الآنسة جدة بشرطة!!

مقالات مختارة | خالد منتصر

٢١: ١١ ص +02:00 EET

الخميس ١٢ يناير ٢٠١٧

خالد منتصر
خالد منتصر

لو كان الكاتب المسرحى يونيسكو على قيد الحياة ما وجد أكثر من هذا المشهد تعبيراً عن العبث، جدة يصحبها ابنها الأكبر ومعه الأحفاد، تقدم بطاقتها للموظف وتسأله «هل من الممكن أن يستفيد أحد من أولادى الذين ما زالوا غير قادرين على الكسب بمعاشى بعد وفاتى؟»، يرد الموظف مندهشاً وهو يقلب فى البطاقة: أولادك إيه يا هانم ده انتى آنسة!!، تشير الجدة إلى الابن والأحفاد «آنسة ازاى حضرتك؟، ودول اشتريتهم من السوق ولا استلفتهم من جارتى؟!»، الموظف وقد انقلب صوته إلى شخط ونطر «إحنا مابنهزرش حضرتك انتى مكتوبة فى البطاقة قدامى آنسة، وقدامك حلين اختارى واحد منهم يا إما الولاد مش ولادك أو ولاد زنا والعياذ بالله، يا إما ده تزوير فى أوراق رسمية»، ترد الجدة بصوت متهدج «زنا!! تزوير!!،

ده أنا ست عارفة ربنا»، الموظف ساخراً «ولما انتى عارفة ربنا مكتوب لك ليه فى خانة الديانة شرطة!! خط بالعرض كده مالوش معنى، فيه حد فى مصر ديانته شرطة!!، ودى موجودة فى أنهى ملة حضرتك؟»، الجدة وهى تحاول ضبط أعصابها «آه فيه ديانة فى مصر اسمها شرطة، ومش أنا اللى عايزاها شرطة، الحكومة هيا اللى عايزاها كده»، الموظف يفتح فمه ببلاهة «مش فاهم حاجة»، ينفد صبر الجدة فتصرخ «أنا بهائية والحكومة بعد خمسميت قضية وسنين طويلة ولف على المحاكم سمحوا لنا نحط الشرطة دى فى خانة الديانة»، الموظف وكأن ثعباناً لدغه «أستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم، بهائية؟!! والبهائيين دول ناس شبهنا بتاكل وتشرب وتنام زينا كده، عاديين يعنى؟، مالهمش قرون طالعة فى دماغهم ومبيتحولوش لقرود وخنازير بالليل وبيعملوا حفلات جنس جماعى؟!»، يلاحظ الابن أن أمه على شفا الانهيار فينوب عنها فى الرد «لا يا حضرت دول ناس عاديين وأهو أنا وماما قدامك أهو مالناش قرون وماتحولناش لقرود!»، ينظر إليه الموظف ثم يرمقها بنظرة شرفنطحية لئيمة مستنكراً

«ومش عيب برضه لما ست كبارة زيك تعيش فى الحرام وتخلى أولادها يخلفوا من غير جواز شرعى يا.. يا.. حضرة الآنسة»، أحست الجدة برنة السخرية تذبحها وواجهت الموظف الذى وضعها فى قفص الاتهام قائلة «إحنا ناس عندنا أخلاق وضمير، وإحنا عيلة ومتماسكة كمان، لكن بلدنا بتعتبرنا فاتحين بيت دعارة وبتعاملنا درجة تالتة وبتحاسبنا على اعتقاداتنا اللى هيا مالهاش أى دعوة بيها ما دمنا بنعيش فى سلام، الديمقراطية مش ديكتاتورية أغلبية ولكنها فى الأول احترام أقلية، قبلنا بالإهانة فى خانة الديانة ووضع الخط الوهمى والشرطة العبثية دى، لكن ازاى تخلوا بجرة قلم كل الستات البهائيات آنسات وتحرموا ولادهم من كل الحقوق، بحجة إن الدولة متعرفش إلا الجواز على مذهب أبى حنيفة، والبهائيين معندهمش أبوحنيفة، إحنا بنحترم كل الأديان ليه مبتحترموناش، معقول بيكار فى الستينات كانت بطاقته مكتوب فيها بهائى واحنا أحفاده بعد ثورتين محرومين من أى حقوق، الشرف مش معناه إنك تصر على وصفى بالآنسة حفاظاً على غشاء بكارتى لكن الشرف إنك توصفنى بالمواطنة وتمنحنى هويتى الحقيقية حفاظاً على غشاء كرامتى».

نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع