الأقباط متحدون - مصر الحب بين الحضارة والدين
  • ٠٠:٣٣
  • السبت , ٧ يناير ٢٠١٧
English version

مصر الحب بين الحضارة والدين

البروتوبرسفيتيروس أثناسيوس حنين

مساحة رأي

٣٣: ٠٨ م +02:00 EET

السبت ٧ يناير ٢٠١٧

مصر الحب بين الحضارة والدين
 باباها يتطلع الى السماء ورئيسها يشتاق الى الحضارة! 
الأب الدكتور أثناسيوس حنين
 مطرانية بيرية –اليونان
ان ثمرة أى لقاء ناجح ومثمر بين الناس ’ سواء أكان ثمرا مبدعا أو ثمرا مفزعا ’ تتحدد فى دقائقها الأربعة الاولى . هذا ما يراه الكاتبان الأمريكيان ليونارد وناتلى زونون فى كتابهما (اللقاء بين الناس وأهمية الاربعة الدقائق الاولى )’ وقد ترجمه الى الفرنسية جلبير لا روك ’وصدر من مطبوعات (الانسان) ’ فى كندا عام1972 
Contact
Les quatre preimieres minutes d,une rencontre
 ولقد بحثت عن هذا المرجع فى مكتبتى العامرة لكى ما أوثق لما رأيته ’ مع الملايين ’ من خلال دقائق لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسى وكل شعب مصر فى الداخل والخارج من خلال شخص ورمز قداسة البابا تأوضروس ومن قلب الكاتدرائية ’والتى صارت ليلتها ’ قلب مصر كلها. يقول علماء الاجتماع الامريكيون فى المرجع المذكور بأن شروط نجاح أي لقاء بين الناس أيا كان مستواهم السياسى أو الاجتماعى أو الثقافى أو المهنى هو الاربعة (سى(
THE FOUR Cs
 ونكتبهم باللغة الأصلية للكتاب: 
Confidence 
Creativity 
Concentration
 Consideration
أى الثقة والابداع والتركيز والاعتباروالتقدير
ولعلنى لا أغالى ولا أجامل ولا أتجمل اذا ما قررت بأن لقاء الرئيس السيسى بقداسة البابا تاؤضروس والذى تعدى الأربعة الدقائق بدقائق قليلة هو الأول من نوعه منذ الفتح العربى لمصر الذى يتوافر فيه هذه الشروط الاربعة . يعلم المؤرخون كم كان لقاء عمر بن العاص بالبابا بنيامين فى القرن السابع الميلادى حافلا بالشكوك والمخاوف والترقب والترصد والمكر والكر والفر أمام العدو البيزنطى المشترك ! الى أن جاء لقاء الرئيس السادات بقداسة البابا شنودة الثالث فى نهايات القرن العشرين ’ وقد رأينا ’ ورأى العالم أجمع ’ مدى ما أعترى هذا اللقاء من فقدان الثقة وقلة الابداعات وعدم التركيز وقلة الاعتبار وندرة التقدير . الى أن جاء ملء زمان تجسد الحق وزهوق الباطل’ ليلة الظهور الألهى ’ لقاء الأمس (6يناير 2017) ’ وهنا أدرك الجميع وأحسوا بصدق وعفوية بأن لقاء الرئيس بالبابا فى بدايات القرن الواحد والعشرين قد توفرت له عناصر اللقاء الناجح والمثمر وهى :
أولا :الثقة
فكلا الرجلان يحملان تركة ثقيلة سلمها لهم أسلافهم ’وهم لم يسعوا الى السلطة بل قد جأت بهم ’ كل على طريقته ’ العناية الالهية ’ الاول من بين صفوف الجيش لينقذ مصر حضاريا وثقافيا من ردة دينية كارثية ! والثانى من صفوف الاساقفة لينهض بمصر لاهوتيا وكنسيا ويضعها على المنار الكونى لتضئ لكل الأمم بعد أن أنحجب نورها اللاهوتى أو كاد ! الرجلان ’ ليس لهما ماضى مع أحد أو ضد أحد ’ ولهذا فأمامها ولهما كل المستقبل !الرئيس والبطريرك يعيشان الانضباط العسكرى والرهبانى ! أن قرب المسافة بينهما حتى كادا أن يلتصقا بعضهما ببعض من شدة الزحام ’ لهى لفرصة نادرة لا تتوفر فى اللقأأت الرسمية والتقليدية التى تجرى من وراء المنصات أو من أعلى النوافذ !كانت كافية لكى ما يتطلع كل منهما فى عيون الأخرعلى مرأى ومسمع العالم كله فى ثقة وحب . لا يمكن لمثل هذه العيون أن تكذب أو أن تنافق أو أن تجامل أو تتجمل ! أنه تذكرنا بعيون السيد المسيح المحبة والحبيبة والحبوبة والذى (نظر اليه وأحبه !) بشارة مرقس 10 :21 .
ثانيا :الأبداع
يقولون أن الابداع لا يأتى فى المناطق العشوائية من النفس الانسانية بل فى مواطن الثقة ومطارح الحب وأماكن السجود . لقد أبدع الرئيس فى تحطيمه لأصنام كثيرة حينما قرر أن يدخل الكاتدرائية (بيت من بيوت الله !حسب تعبيره ) ليشارك ’ ليس فقط فى الكلام ’ بل فى الصلاة والدعاة (بسم الله الرحمن الرحيم ) . لقد أبدع الرئيس’ مرة ’ حينما قرر أن العيشة الكريمة والعبادة الهادئة الراقية ليست منحة بل ( هى حقكم !) ’ ومرة أخرى حينما قرر بشر بأن (ربنا حسن وبيحب الحسن والسلام حسن والخير حسن ’ وأن أى قبح لا مكان له ! ومرة ثالثة حينما قدم الورد الأبيض كمثل حمامة نوح التى جأت عند المساء وزيتونة خضراء فى فمها تعلن نهاية الطوفان ! (تكوين 8 -11). لقد أبدع الرئيس حينما رأى أن الحل الجذرى لتعايش وتناغم وتحليق الصقر المصرى بجناحية الاسلامى والمسيحى ’ بل وبفئاته الغير المتدينة والشاكة فى كل شئ والمتشككة من كل شئ هو الثقافة (مركز حضارى يليق بمصر وكما علمنا العالم يوما’ نعلمهم اليوم ). أن الحضارة والثقافة هما الحاضنان الطبيعيان للصبى الالهى حتى ينضج واذا هدده الاعداء ’ يهربوا به الى حصون مصر الحضارية مع أمه وأهله من قبط مصر والذى يعلم الر ئيس أن كتابه قد أوصاه بهم خيرا !. واكب قداسة البابا الرئيس فى الابداع مرة بالنظر الى السماء والحديث عن السماء فى عظة القداس ’ وكأن قداسته يقول أن حضارة بلا سماء لاقيمة لها وسماء بلا حضارة لا امتداد انسانى لها !ومرة أخرى حينما قال فى موضع أخر (أننا فى مصر مثل حبوب الرمانة لا غنى لنا عن بعض مصفوفون معا واذا فكر أحدنا فى فكفكتنا وتفتيتنا ’ أنفرط عقد الرمانة وفقدت مذاقها وقيمتها ! لقد أتفق القطبان على أن الانسان المثقف والمتجدد والمعطاء ’ فى مصر المستقبل ’ هو الحل والحل الوحيد .
ثالثا:التركيز
نعلم من الكتاب المقدس وحياة المسيح قيمة النظرة والتركيز فى الأخر ! فنظر اليه وأحبه ! من تابع المشهد ’ لاحظ بأن عيون قداسة البابا وعيون الرئيس كانت مركزتان على بعضهما البعض فى ابتسامة هادئة تعبر عن فرحة قلب حقيقية ’ كسيده يسوع ’ لم تفارق عيون قداسة الببابا وجه الرئيس المبلل بالعرق فى عش الشتاء ’ وكأن قداسته يبتهل بأن يلهم الله الرئيس النعمة لكى ما نجد نعمة فى عينيه ونقضى بقية أيام زماننا بخوف كما تصلى الكنيسة لكل من هم فى منصب . كان الجميع فى حالة تركيز شديد لئلا يفوتهم هذا المشهد الفريد والجديد . كان سيادة الرئيس يمارس فضيلة التركيز حينما ذكر بأن كل الكنائس التى أضيرت قد تم اصلاحها ما عدا كنسيتان فى المنيا والعريش لم يتم ترميم اللوحات الزيتية ويقصد الايقونات .
رابعا:الاعتبار والتقدير
لقد بدأ عهدا جديدا قررت فيه الدولة المصرية بكامل قواها رئيسا وحكومة وجيشا وشعبا ’ بأن يعتبروا الاقباط جزء أساسى من نسيج الوطن ومكون ضرورى لبقاء الأمة ومصدر طاقة لتجديد الحس الحضارى للبلاد والعباد . أتركونى أصاب بلوثة عقلية وأقول بأن هذا المنظر أرجعنى الى عهد قنسطنطينوس الملك الذى تعهد الكنيسة البيزنطية بالعناية ! أليس من حق الأقباط ’ الذين ذاقوا مرارة التهميش وظلم الحكام وقسوة الأيام ’بأن يكون لهم قنسطنطينهم ’ وهو اليوم (عبد الفتاح السيسى ) !!! أليس قلب الملك (أى ملك وكل ملك ) فى يد الله ! يبقى السؤال الأخير والكبير وهو أن يستثمر الاقباط هذه المناخ لبناء مصر الجديدة لاهوتيا وثقافيا وأن يكون لهم اليد الطولى فى التجديد’ وأن يكونوا فعلا ملح أرض مصر ’ وأن يكونوا من أوائل العاملين فى المركز الحضارى الذى سيتم أنشائه بمناسبة مرور خمسو ن عاما على أنشا ء الكاتدرائية ’ وأن يبدأ من الأن أعداد كوادر وعلماء وطاقات وأبداعات’ وكاتب هذه السطور ومعه العشرات من علماء مصر فى الخارج ’ يضعون أنفسهم ودراساتهم وعلومهم ’ تحت تصرف الدولة والكنيسة والرئيس السيسى وقداسة البابا تاؤضروس من أجل بناء مصر الحضارة ومصر الجديدة ’ وحينما سيقول لنا الرئيس فى العام القادم ’ أننى قد وفيت بوعدى ورممت الحجر ’ سنقول نحن له ونحن قد وفينا بعهدنا وجهزنا العدة لبناء النفوس وصقل عقول البشر .
يارب أحفظ مصر 
أمن مصر
 أعنا بفضلك 
عمن سواك . أمين .
 

 

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع