البابا والرئيس يبكيان
د. مينا ملاك عازر
الجمعة ٦ يناير ٢٠١٧
د. مينا ملاك عازر
تابعت قدر الإمكان حوار الإعلامي المتميز عمرو أديب مع قداسة البابا -وليس أبونا يا أستاذ عمرو- وقد استوقفني فيه عدة أمور أود أن أشارك سيادتك صديقي القارئ في تلك الخواطر.
أولاً بدى واضحاً أننا أمام إعلامي ليس ذو ثقافة حوارية مع رجال الدينالمسيحي إذ لم يعرف الألقاب التي يلقبون بها أو أنه يقصد عدم استخدام كلمة سيدنا المتعارف عليها التي توجه لقداسة البابا أو كلمة قداسة البابا ذاتها، وفي كلتا الحالتين الأمر صعب ويوضح جهل المجتمع بالآخر، بل وتجاهله وعدم الرغبة في معرفة حتى لغة الخطاب معه، فإن لم يكن الأستاذ عمرو يعرف، فهو لم يكلف نفسه أن يسأل، وإن كلف نفسه وسأل فهو لم يجد من يرشده، بما معناه أنه لم يكن في قناته كلها مسيحي واحد يرشده، ما معناه تهميش للآخر، وإن لم يكلف نفسه يسأل فهذا معناه أنه غير مهتم، وهذا مؤسف.
ثانيها أن البابا أكد أنه بكى وقد سبق ورأينا الرئيس يبكي، ورؤيتنا أن البابا والرئيس يبكيان لأمر يزعج البعض، إذ قد يروه ضعفاً، وأنا أراه قوة وصراحة، لكن السؤال هنا إن كان البابا يبكي على حال مصر وأبنائه المسيحيين في وطنهم إذ صاروا غير آمنين على أنفسهم وكنائسهم، ويبكي لجرحهم النفسي والجسدي، ويبكي على كنيسته، وهذا حقه فهو يرفع صلاته لله بدموع، ولعل صلواته المشفوعة بالدموع هي التي فتحت عيون الأمن لرؤية ومعرفة الجاني وشركائه، أما الرئيس يبكي فلماذا؟ هل يتألم لما آل إليه حال المصريين الاقتصادي، إذن لماذا يسكت عليه؟ ولماذا قبل لنصل له؟ ولماذا يرضى بوقف حال الناس، ولا تقل لي أنه ليس بيده فهو الرئيس ومسؤول لا جدال، وهو الذي قال لنا حاسبوني.
ثالثها استوقفني في حوار البابا أنه كان قلق على مصر وعلى حال أسر الشهداء المتزايد أعدادهم حتى أول أمس، ويتألم أيضاً لحال المصابين وكل هذا ينم عن تواصل في المشاعر بين القيادة الدينية ورعيتها، وأبوة حقيقية فيستحق أن يقال له قداسة البابا.
آخر الملحوظات التزاماً مني بالمساحة مسألة تجديد الخطابالديني كان البابا حكيماًفي توضيحها، فقد أقر بأن الخطابالديني المسيحي يحتاج لتجديد في الأسلوب وهذا نتفق فيه جميعاً، لكن الجوهر الإنجيلي واحد، وتوسيع الفهم لأمر يحتاج الكثير من الأفكار المطروحة للنقاش حولها، أظن ذلك قريب أن يحدث إذ أنني على علم بأن ثمة دراسات حول هذه المسألة تجري الآن.
أخيراً، كل سنة وجميعكم طيبون، ومصر طيبة، ويا ليت هذا العام لا نرى دموع الرئيس ولا نسمع عن دموع البابا وقبلهما لا نرى دموع الغلابة المصريين الذين يأنون تحت نير الإرهاب والأفكار العتيقة والاقتصاد المتردي حاله.
المختصر المفيد بأي حال عدت يا عيد!؟.