الأقباط متحدون - سيدة شارتر
  • ٢٢:٠٩
  • الاربعاء , ٤ يناير ٢٠١٧
English version

سيدة شارتر

ليديا يؤأنس

مساحة رأي

١٠: ٠٩ ص +02:00 EET

الاربعاء ٤ يناير ٢٠١٧

 كاتدرائية شارتر
كاتدرائية شارتر

بقلم: ليديا يؤانس

سيدة شارتر!
قرأت العبارة عالية، أثناء زيارتي لباريس منذ سنتين،  وكنت أبحث عن ما يمكن مشاهدته أو زيارته أو الإستمتاع به في باريس،  قبل الإنتقال إلي الجنوب الفرنسي،  حيث الدفء وسحر الجنوب،  بشواطئه العجيبة والأماكن السياحية الخلابة.

تساءلت من تكون هذه السيدة شارتر؟!

يبدو أن الأسم قديمًا وليس حديثًا.
ربما تكون إحدي الملكات أو الأميرات أو السيدات اللآتي يذكرهن التاريخ وأنا أجهلهن!

أخيرًا وجدتها!
أنها كاتدرائية شارتر،  وبالفرنسية "Cathedrale Notre-Dame de Charters" والتي تُعرف أيضًا بإسم "سيدة شارتر".

ذهبت إلي مدينة شارتر،  لأبحث عن سيدة شارتر أو بمعني أصح كاتدرائية شارتر،  وفي أقليم أور ولوار،  علي بعد 50  ميل (80  كيلومترًا) جنوب غرب باريس،  وجدت كاتدرائية ضخمة،  تعتبر تحفة نادرة تستهويك لزيارتها واستكشافها.

دخلت للإستكشاف والزيارة، فعرفت الكثير من المعلومات الشيقة والمثيرة عن هذه الكاتدرائية.

تعتبر سيدة شارتر (كاتدرائية شارتر)،   من أروع أمثلة المعمار القوطية الفرنسية،  وكانت من أولي الكاتدرائيات القوطية التي بُنيت في فرنسا خلال القرن الثاني عشر.

الكاتدرائية الحالية تم تشييدها في الغالب بين عامي 1194 & 1250.

وقد تعرضت كاتدرائية شارتر للحريق في عام 1149،  مما أسفر عن تدمير بنيانها القديم فيما عدا الواجهة الغربية،  التي مازالت باقية لليوم،   ومازالت عل طرازها القوطي القديم،  أما باقي الكاتدرائية فقد أعيد بناؤها فيما بين  عامي 1194 & 1250،  ومما هو جدير بالذكر أن الكاتدرائية تعد أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو.

تتميز الكاتدرائية بتصميماتها المعمارية والفنية الرائعة،  فتجد النصب التذكاري للفن القوطي الفرنسي بإمتياز، حيث أن جناحها الكبير الذي يتخذ شكل أقواس قوطية،  وأروقتها بمنحوتاتها الجميلة التي تعود لمنتصف القرن الثاني عشر،  كما أن نوافذها التي تعتبر أيقونات مزخرفة أكثر من رائعة في الجمال،  حيث أنها مصنوعة من الزجاج الزهري الملون الرائع والذي يعود تاريخها للقرنين الثاني والثالث عشر مما جعلها تحفة فنية نادرة.

توجد علي أرضية الكاتدرائية متاهة خطية،  وقد وضعت هذه المتاهة قرابة عام 1200 أثناء ترميم الكاتدرائية بعد الحريق،  ومن الطريف أنه يُقال،  أن السير في خطوط هذه المتاهة،  كان شرطًا من شروط الحج للجماعات المريمية،  التي كانت تتم في الكاتدرائية في القرون الوسطى تقربًا للقديسة  مريم المجدلية،  وكرمز للبحث عن الحقيقة،  ومحاولة للتقرب من الرب.

الحجاج يدورون في أفلاك المتاهة، وعند النُقطة المركزية بها يركع الحاج علي ركبتيه،  ويردد الأدعية التي يريدها،  ومن الغريب أنه عند هذه النقطة المركزية،  حيث يركع الحاج،  يوجد نقشًا لنجمة مميزة، وهي النجمة الخماسية رمزًا لمريم المجدلية. 

يوجد بالكاتدرائية العديد من الأيقونات المسيحية الجميلة،  في حين أن هذه الأيقونات، ركزت علي السيدة العذراء،  هذا بالإضافة إلي العدد اللآنهائي من الرموز الأنثوية،  لأن المعماري المجهول الذي أسس الكاتدرائية،  وضع بالكاتدرائية عدداً لا بأس به من الرموز الوثنية للآلهة المؤنثة الوثنية،  في أحجار الكاتدرائية،  كما تضمنت أحجارها رموزًا،  وطيدة الصلة بالأحداث الوارده في شفرة دافنشي.

خلال القرون الوسطي،  تم بناء مدارس بالقرب من الكنائس والكاتدرائيات، ودُعيت هذه المدارس باسم مدارس الكاتدرائية.

مدارس الكاتدرائية،  أصبحت مراكز للتعليم المتقدم،  وبعض من هذه المدارس أصبحت فيما بعد من أولي الجامعات في الغرب،  واعتبرت مدرسة كاتدرائية شارتر، من أكثرالمدارس شهرة وتأثيرًا، حيث كان لها دورًا بارزًا في حفظ الفكر القديم،  ونشر العلوم في العالم الغربي،  وفي وقت لاحق شجعت،  مدرسة كاتدرائية شارتر،  علي حرية الدراسة والبحث،  وخرجت مجموعة كبيرة ومتنوعة من العلماء والفلاسفة.

بشكل عام كان لمدارس وجامعات الكنيسة آثارًا ايجابية علي تطوير العلوم،  كما يذكر المؤرخين أن هذه المدارس أصبحت تمثل بدايات العلم الحديث.

وكما هو الحال بالنسبة لكنائس العصور الوسطي، فإن أسقفية كاتدرائية شارتر،  كان لها أهمية كبري في بلدة شارتر ومركز اقتصادها،  وكانت من أكثر المعالم شهرة ونقطة محورية في العديد من النشاطات في المدينة.

في العصور الوسطي كانت الكاتدرائيات،  تعتبر كنوع من السوق الذي يشمل الأنشطة  المختلفة،  فكانت تستخدم بوابات الكاتدرائية كمنافذ لتسويق السلع المختلفة.

وبالنسبة لكاتدرائية شارتر، كانت تركز علي بيع المنسوجات  لجميع أنحاء المنطقة في الجزء الشمالي من الكاتدرائية،   أما بيع اللحوم والخضروات والوقود،   فكانت تتم من خلال الشرفة الجنوبية من الكاتدرائية،  أما بيع النبيذ فكان يتم في صحن الكنيسة نفسه،   بينما كان العمال الذين يرغبون في البحث عن عمل يجتمعون في مواقع مختلفة حول الكاتدرائية في إنتظار عروض العمل.

وقبل أن أدعوكم لزيارة هذه الكاتدرائية، الأثريةالرائعة،  أريد أن أقص عليكم شيئًا يعتبر رمزًا وأسطورة تخص هذه الكاتدرائية،  فمن بين هذه الرموز في كاتدرائية شارتر، يوجد تمثال يسمى "تمثال سيدة الأعمال"،  أو  "تمثال العذراء السوداء"،  وهو عبارة عن تمثال لسيدة سوداء،  في وضعية العذراء،  ويلقي الضوء علي عادة مبكرة، اعتاد المؤمنين المسيحيين عليها،  وهي تطبيق رموز وصفات الربة الفرعونية،  ايزيس على مريم العذراء،  وهذا هو السبب الذي كان يفسر اللون الأسود للمادونا السوداء،  والمأخوذ من رسوم وتماثيل ايزيس.

تمثال المادونا السوداء موجود داخل تجويف تقليدي بالكاتدرائية، وهي مُمسكة بيسوع الطفل، وأيضًا لونه أسود،  وهو أيضًا اللون الأسود التقليدي لحورس الطفل.

المادونا مُحاطة بنصف دائرة من النجوم وفوقها صورة جسم مشع أبيض اللون،  مُحاط بدوره بقوس فيه سبعة نقاط حمراء مضيئة،  ويشير هذا الرمز في علم الرموز الدينية إلي ارتباط هذه الأيقونة بعبادة كوكب النيبيرو المتأصلة في القدم في الديانات الوثنية القديمة.

الكاتدرائية بلا شك تحفة فنية رائعة،  تذخر بعبق التاريخ حيث أنها نافذة على العصور الوسطي،  من الناحية الفنية والمعمارية،  وإن كانت الآن في العصر الحديث قد إختلفت بعض الشئ،  ربما بالنسبة للمعتقدات الوثنية التي إختلطت بالرموز المسيحية، وربما أيضًا بالنسبة للمهام التي تقدمها للبلد والشعب المسيحي.

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع