الأقباط متحدون - قضية الصلبان وإبراهيم عيسى
  • ١٢:٠٦
  • الاثنين , ٢ يناير ٢٠١٧
English version

قضية الصلبان وإبراهيم عيسى

سعيد السنى

مساحة رأي

١٩: ١٠ ص +02:00 EET

الاثنين ٢ يناير ٢٠١٧

إبراهيم عيسى
إبراهيم عيسى

سعيد السني
 أوقفت فضائية «القاهرة والناس» البرنامج التليفزيوني «مع إبراهيم عيسى»، وقالت في بيان لها منتصف نهار الأحد (الأول من يناير)، إن توقف البرنامج جاء بناء على رغبة الإعلامي إبراهيم عيسى.. بدوره أصدر «عيسى» هو الآخر بياناً، مُعربا فيه عن ظنه، بأن الوقت لم يعد مناسباً للاستمرار.. قبل أسبوعين من الآن (يوم 19 من ديسمبر)، شنَّ «مجلس النواب» هجوماً شرساً على «عيسى»، وجرى اتهامه باستخدام آليات حروب الجيل الرابع، والعمل على هدم الدولة، وقاد الدكتور على عبدالعال رئيس البرلمان شخصياً، الهجوم، وساق له اتهامات معلبة، من عينة «التحريض على العنف»، ومستنداً إلى أن «عيسى»، قال في إحدى حلقات برنامجه: «إن قانون بناء الكنائس ينص على منع الأقباط من رفع الصلبان على الكنائس»، ومعتبراً هذه المعلومة الخاطئة، بمثابة دعوة صريحة للفتنة.
 

نسيَّ «عبدالعال» في هجومه، أن «التعتيم» الشديد الذي صاحب تداول مشروع «قانون بناء الكنائس» بالبرلمان، هو الذي فتح الباب للشائعات، بما يؤدي إلى وقوع الصحفي أو الإعلامي التليفزيوني، أحيانا فريسة في شرك خبر كاذب أو معلومة غير صحيحة، نتيجة «السرعة» اللصيقة بطبيعة النشاط الإعلامي، إشباعاً لرغبة القارئ أو المُشاهد، وشغفه بالتفاصيل، سيما وأن تشريع «بناء الكنائس»، كان جاذباً بشدة للرأي العام، بينما كان هناك شُح في المعلومات حوله، وهو ما أوقع «عيسى»، في هذه الخبر غير الصحيح، بحسن نيه ودون رغبة في إثارة فتنة، كونه يتمتع بالمصداقية والمهنية.. نسي «عبدالعال» أو تجاهل إن الشفافية هي التي تحمي المجتمع من المطبات والفتن، وتغلق الباب على الأنباء الكاذبة، وتقتل الشائعات في مهدها.. على كل حال، كان الأجدر بـ«البرلمان» أوالوزير المختص المستشار مجدي العجاتي، إرسال رد أو توضيح إلى القناة أو عيسى، ولو حدث، لتمت إذاعته فوراً، وإظهار أن «منع الصلبان على الكنائس»، هو نص غير موجود بالقانون.. القضية غالباً، ليست متعلقة بالصلبان، بل هو التربص بـ«عيسى» وبرنامجه لأنه يعزف نغمة نشاز وسط فرقة شبه كاملة من الإعلاميين التليفزيونيين، الراقصين والمطبلين الذين ينهالون تقريعاً وذماً وتوبيخاً لـ«الشعب» كل ليلة، وكأنه المسؤول عن الفشل الحكومي في إدارة غالبية الملفات، من غلاء طاحن، وتدهور المرافق الصحية والتعليمية، واختفاء الدواء واشتعال أسعاره، وغياب الأمل في التحسن.. ماذا كان على «عيسى» أن يفعل، وهو ليس راغباً في الطبل والزمر للفشل الحكومي، رغم أن أهل الحكم قرَّبوه إليهم، دون جدوى؟ كيف يقنع مشاهديه أن «الشعب» كسول، لا يعمل ولا ينتج، وهو سبب كل البلايا، وليس الحكومة، بينما هو شعب مغلوب على أمره، يواصل الصبر والتضحية، حتى صارت معيشة الغالبية منه مراراً.. بينما الحكومة ورجالها رافلة في النعيم والرغد، يمارسون الإسراف والبذخ في مكاتبهم ومواكبهم.. ثم يطالبون الشعب بالتقشف؟.
 
إبراهيم عيسى مثلنا يرى محافظ البنك المركزي متحكماً في اقتصاد البلاد، بقراراته المتخبطة التي صعدت بالدولار إلى عنان السماء، وأسقطت الجنيه إلى الهاوية، بينما الواجب أن تكون للحكومة «رؤية اقتصادية» يتبعها محافظ البنك المركزي.. فهل مطلوب منه أن يصفق لـ«التعويم» الذي تم دون دراسة تداعياته، بحيث إننا يومياً موعودين مع توابع جديدة للتعويم أهلكتنا وأرهقتنا، في شتى المجالات، بدليل أن الرئيس عبدالفتاح السيسي يوجه كثيراً للاهتمام بالحماية الاجتماعية لاحتواء مشكلات التعويم وآثاره؟.
 
القضية أن صوت إبراهيم عيسى لم يعد مطلوباً.. ليس على هوى أهل الحكم، ولا مزاج «عبدالعال» الذي توعد قناة «القاهرة والناس»، أثناء هجومه على عيسى.. وصلت الرسالة إذن، ومعلوم أن طارق نور مالك القناة كان قد زار «عبدالعال» منذ أيام قليلةً، وظل في حضرته لثلاث ساعات، والمؤكد أنه تلقى إنذاراً شديد اللهجة، وأتصور أن «عيسى» لم يشأ أن يتحمل «ذنب أو وزر» إغلاق القناة، فاختار الانسحاب.
 
لو كان الذين يقفون وراء إسكات «عيسى»، يفقهون لعلموا أن استمراره في صالح النظام والحكومة.. فهو يلعب دوراً مهماً جداً في «التنفيس» عما يعانيه الناس من ضغوطات، وتفريغ صدور مشاهديه من شحنات القلق والغضب والقهر المتولد من مصاعب الحياة.. هذا الدور يسهم في تأجيل «الانفجار»، الذي قد يحدث، بحكم طبائع الأمور، حال استمرار الكبت وقمع حرية الرأي والتعبير، بما يوفر بيئة ملائمة لنجاح «المؤامرات الكونية» المحيطة بنا.
حمل تطبيق الأقباط متحدون علي أندرويد