الدروس المستفادة من وقف برنامج عيسى
د. مينا ملاك عازر
الاثنين ٢ يناير ٢٠١٧
د. مينا ملاك عازر
أصدر الكاتب الصحفي الموهوب، والإعلامي الفذ، إبراهيم عيسى بياناً يعلن فيه وقف برنامجه التلفزيوني، وتقدم بالشكر لصاحب قناة "القاهرة والناس" التي كانت تبث برنامجه، وأكد أنه كان يعطيه مساحة نور هائلة، ومع حزني الشديد على فقدان الوسط الإعلامي قيمة فكرية كالأستاذ عيسى، ومع تأكدي أن طارق نور بريء من وقف البرنامج بخاطره، ومع يقيني أن الحكومة ومجلس النواب هما الخاسر الأكبر لافتقادهما من يفضح جرائمهما، ويكشف أخطائهما ويواجههما بحقيقة فشلهما إلا أنني أهتم الآن بالدروس المستفادة من وقف برنامج "مع إبراهيم عيسى"
ليس المرة الأولى التي يوقف فيها برنامج لعيسى أو يغلق جريدة له، بالأحرى يطرد من جريدة أسسها وأشهرها وساهم في ازدهارها، فقد حدث ذلك في عصر مبارك إذ توقف عن برنامجه المقدم على قناة أون تي في، أيضاً اشترى رضا ادواروالسيد البدوي- عميل الحكومة في حزب الوفد بعد تدجينه- جريدته الدستور، وخبى نجم عيسى وتوارى عن الأنظار إلى أن أحيته ثورة يناير، وأعادت له الروح، وأعادت لعقولنا الاستمتاع بأفكاره، وقد أكد هو بنفسه غير مرة، أنه والرئيس السيسي هما المستفيدان الوحيدان من ثورتي يناير ويونيو على الترتيب،وبالنظر لطريقة وقف برنامج عيسى على أون وعلى القاهرة والناس تستطيع أن تدرك أن الضغوط الحكومية على رجال الأعمال ضغوط مثمرة، ولعل أبرز ما يمثل تلك الضغوط خسارة وقف معرض LE MARCHER ما أسفر عن الإطاحة بعيسى، كما يتضح لنا من الضغوط الحكومية الناجحة على رجال الأعمال أن الحكومة والنظامينليسوا أبرياء من وقف برنامج عيسى، وأن الطريقة واحدة في النظامين، ما يعني أنه وإن اختلفت الأنظمة لكن لب الأنظمة واحد، والأسلوب واحد، ولا تجديد فيه إلا فب بجاجته وعدم حرفيته التي بدت واضحة في وقف برنامج عيسى في الحالة الآنية التي نحن فيها بعكس ما تمتع به نظام مبارك من قدرة وذكاء في وقف البرنامج دونأن تظهر يديه واضحتين.
كتبت من قبل عن دور وقف معرض LE MARCHER في الضغط على عيسى لتعديل سياسته أو على نور لوقف البرنامج، وقد كان ما قلت،وكتبت ذلك في مقالتين متتاليتين عن انعدام السبب الأمني في وقف المعرض لكن وجوده في وقف البرنامجلأنه كان يكشف بجراءة تردي الدور الأمني المتواطئ مع سلفيو هذا الزمان، كما كان متواطئ أيام مبارك أيضاً مع سلفيو ذلك الزمان.
أما الأكثر أسفاً وحزناً من الدروس المستوعبة من وقف برنامج عيسى أنه لا مكان لحرية التعبير التي ينص عليها الدستور على أرض الواقع، ليبقى الدستور ينتهك في هذه البلاد، وتستطيع أن تدرك أيضاً من وقف برنامج عيسى، أن النظام الذي كان يدعمه عيسى وقتاً ما وداعم للرئيس في انتخاباته، ليس له عزيز ولا يقبل من المعارضة حتى ولو من أقرب الناس له، ويرفض النظام المصري الحالي النقاش، ولا يفهم التنوع ولا يستوعب كشف الأخطاء، وفضح الجرائم السياسية،ويكره الإعلام مثله مثل نظام مبارك للأسف لكنه أقل حنكة وحكمة في التعامل مع مثل تلك المواقف.
آخر الدروس أن رأس المال في مصر يصعب أن يشتغل في الوسط الإعلامي المصري إلا إذا كان مدجن، ويعرف من أين تؤكل الكتف؟ وإلا ستكسر أنفه كما فعلوا مع طارق نور وساويرس الذي أخذها من الآخر وباع القناة والقضية لأحمد عز الجديد، عز هذا الزمان أحمد أبو هشيمة لتبقى مصر أسيرة لرجال الأعمال والصفقات السياسية والاقتصادية والأمنية المشبوهة للأسف.
المختصر المفيد لك الله يا مصر، وننتظر عيسى يعود للأنوار مرة أخرى بس ياريت ما تبقاش بثورة.