تحالف السلفية ضد الكريسماس
مقالات مختارة | عادل نعمان
الجمعة ٣٠ ديسمبر ٢٠١٦
السلفيون يشكلون حملة لمقاطعة أعياد الميلاد، فهو على حد قولهم «مخالف للشرع»، ويطالبون أهل الشرع «المسلم طبعاً» بعدم الاحتفال بأعياد الميلاد لأنه من بدع الكفار لا يجوز على المسلم مشاركتهم لها. يقول أبو إسحاق الحوينى فى فتواه: «يحرم على المسلم أن يشارك غير المسلم فى أى عيد من الأعياد، ونعاملهم بالقسطاس ولا نظلمهم، لكن الود والبر لأهل الإيمان فقط». «الحوينى» ناقل جيد عن شيخه ابن تيمية. «برهامى» نائب الدعوة السلفية يقول عبر موقعه «الكريسماس ليس موجوداً فى القرآن». صدقت، فهو ليس مذكوراً فى القرآن بإجازته أو بتحريمه!! «العدوى» عضو مجلس حكماء الدعوة السلفية يقول «عيد الكريسماس ليس عيد أهل الإسلام بل عيد الكفار ولا ينبغى المشاركة فيه». «العدوى» صدق فى نصف وكذب فى الآخر، فهو ليس عيدنا صحيح، لكنه فى النصف الآخر سلبنا حقاً ليس له أو لمشايخه!!. أيها الإخوة السلفيون حاملو لواء الكُره والبغض للعالم.. لو خرج عليكم الشيخان ابن تيمية وابن القيم الجوزية من قبريهما ورأيا بأعينهما صناعتهما لاستغفرا الله مائة عام وعادا من حيث جاءا. ولو خرج علينا الأئمة الأربعة لغيّروا الفتوى كما غيرها الشافعى، وقال: رأينا خطأ يحتمل الصواب، أو صواباً يحتمل الخطأ. ما قاله «الحوينى» نقلاً حرفياً عن شيخه ابن تيمية اورده عن عمر بن الخطاب فى كتابه للولاة (ألا تكاتبوا أهل الذمة فتجرى بينكم وبينهم المودة وأذلوهم ولا تظلموهم) وأسأل الحوينى وابن تيمية سؤالين؛ الأول: أليس الذل أقسى أنواع الظلم؟ والثانى: هل من حق الخليفة التشريع لعموم المسلمين طوال العمر، وهو بذاته الذى أوقف العمل بنص من نصوص الله وهو نص المؤلَّفة قلوبهم؟ كل هؤلاء مهووسون بما قاله السلف، وإن كان خطأ اجتهدوا فيه، أو أصابوه فى فترة لا تنسحب على كل الأزمان. وتعالوا إلى ما يدعو للعجب! يرى ابن تيمية شيخ إسلام الحوينى (أن الذى يجدد هذه الفتوى ويحييها من الحكام أو المشايخ أو ولاة الأمر هو توفيق لهم من الله تعالى) ولهذا يصر السلفيون على إحياء هذه الفتاوى سنوياً رغم تكرارها الذى مللناه، حتى يكون الفضل من الله عليهم عظيماً ومجدداً!! الأئمة الأربعة متفقون على التحريم، فلا يجوز على المسلم باتفاقهم حضوره أو مشاركته أعيادهم، وهذا ما قاله أحد الشافعية (لا يجوز للمسلم حضور أعيادهم لأنهم على منكر وزور، ومخالطتهم أعيادهم كالرضا عن ضلالهم، واستندوا فى تفسيرهم بأن أعيادهم زوراً وبهتاناً بالآية (والذين لا يشهدون الزور) واعتبروا أن حضور المسلم أعيادهم كشاهد الزور لأنه وافقهم على ضلالهم. ويتساوى معها حسينيات أهل الشيعة أو المآتم المبدعة!!. بل يمنع على المسلمين فتح محلاتهم، أو البيع لهم والشراء منهم، فى وقت الأعياد لأن فى هذا عوناً على كفرهم، وتعظيماً لشركهم، بل الأكثر من ذلك، فإن من تشبّه بهم وشاركهم أعيادهم حُشر معهم فى النار يوم القيامة!!. ابن تيمية وتلميذه ابن القيم الجوزية يؤكدان على حرمة تهنئة المسيحيين بأعيادهم، ولا يجيزان للمسلم الدعاء لغير المسلم إلا بدعاء (أكرمك الله بالإسلام وأعزك به) أما تهنئتهم بشعائر الكفر «حرام»، مثل تهنئتهم بأعيادهم وصومهم فهذا أعظم إثماً عند الله من شرب الخمر وقتل النفس وارتكاب الزنا!!. والأكثر، أن من هنأ عبداً بمعصية أو بدعة أو بكفر فقد عرّض نفسه لسخط الله وغضبه. أما عن المسيحية زوجة المسلم فهذا أحمد بن حنبل يقرر للرجل أن يمنعها ولا يأذن لها به «ولقد علل الحنابلة على هذا المنع (حتى لا يفوت على الرجل المسلم الحق فى الاستمتاع بها وهو حقه عليها دائماً وقائماً)!!. بل الأمر أكثر من ذلك، لا يحق للمسيحيين أن يضربوا ناقوساً أو يرفعوا أصواتهم فى كنائسهم. وفى هذا قال أحمد بن حنبل «لا يرفعوا صليباً، ولا يظهروا خنزيراً، ولا يرفعوا ناراً، وعلى الإمام منعهم» وعند الحنابلة (إظهار الصليب بمقام إظهار الأصنام). وقالوا «كتب عمر بن عبدالعزيز لعماله (امنعوا النصارى من رفع أصواتهم فى كنائسهم، فإنها أبغض الأصوات إلى الله وأولاها أن تخفض). وقال الإمام الشافعى (يشترط عليهم ألا يُسمعوا المسلمين شركهم، وألا يسمعوهم ضرب ناقوس وإن فعلوا ذلك عُزّروا «أى أُجبروا على المنع».. الشيخ ابن عثيمين يؤكد حرمة مشاركة المسلمين أعيادهم لأن هذا «إكرام للكافر» وأن الإنسان المؤمن حقاً لا يمكن أن يكرم أحداً من أعداء الله والكفار أعداء الله. ويرى ابن تيمية أن ولى الأمر الذى يوافق الكافرين على إظهار أعيادهم أو شعائرهم فهو رجل منافق، ويظهر للناس إسلامه لكنه منهم وعلى ضلالهم، أو برطلوه «قدموا له الرشوة» أو رجل جاهل لا يعرف من أمور دينه شيئاً!!.
الإخوة السلفيون أعداء الحياة والحضارة، لا يرون إلا كما يرى مشايخهم من مئات السنين، ولا يقرأون ولا يسمعون إلا ما يلقى عليهم فى حلقات الدرس، ويصمون آذانهم عن سلامة الأمة وحسن الجوار، ويعتبرون أنفسهم أصحاب الحقيقة المطلقة، وما عداها فهو باطل، ولا يؤمنون بأن ما يتفق مع العقل والقيم والسلام يسبق كل هذه الاجتهادات الباطلة، وكل ما يخالف رسالات الخير من السماء لا يؤخذ به، وكل ما يحفظ للأمة سلامتها واستقرارها وأمنها مقدم على كل هذا التراث الذى هو من خلق بشر حتى لو كان من الصحابة، فلا آية فى القرآن واضحة تحرم ذلك وليس لنا هدى سواه. وأقول لمن يسأل: هل هؤلاء منا؟ أقول دون خوف: هؤلاء منا بكل أسف وورثة شرعيون لتراث التصحّر وتاريخ البداوة. وآن الأوان للتخلص منه حتى تعود مصر كما كانت واحة المحبة والخير والسلام لكل الأديان، كل عام والإخوة المسيحيون بخير ولقائى بكم فى بيتكم رغم أنف التراث!!
نقلا عن الوطن