بقلم: عـادل عطيـة
في إيماءة منها إلى اجتيازي مرحلة الدراسية الإعدادية، والتحاقي بالصف الأول الثانوي، اهدتني والدتي ساعة يد ثمينة؛ لتكون رفيقتي مع الوقت!
كم كنت استمتع بمعاينة عقارب الساعة، التي تزيّن معصمي، وهي في دورانها اللامتناهي؛ لتتعقب الزمن وتمضي معه إلى مَداياته الأثيرة في رحلة الكون الغامضة!
كان عقرب الثواني يُسرع الخطى، لكنه لم يتمكن من اثارة انتباهي إلى سرعة الزمن الذي ينقضي في مشوار حياتي؛ ربما لأنه يرتبط بعقرب الدقائق الذي بدا لي بطيء الحركة، وعقرب الساعات الذي ظهر لي، هو الآخر، وكأنه أكثر بطئاً؛ فعشت في خدعة كبرى من صنع العقارب الناعمة؛ حتى جادت عليّ السنين بساعة رقميّة، ويا لها من ساعة!
فما أن رأيت نبضات أرقامها الكريستالية، التي تبهر الأنفاس من فرط ركاضها؛ حتى أصبت بما يمكن أن أسميه: "الرعب الرقمي".. والذي يحمل التحدي الحقيقي للإنسان؛ فثانية واحدة يمكن أن تنقل الإنسان من حياة إلى موت، ومن نعيم إلى جحيم!
فهل نصغٍ إلى الزمن الذي يركض، وكأنه مُنح حصاناً جامحاً.. ونشعر بالندم والحزن على كل ثانية، وكل دقيقة، وكل ساعة، ونحن منشغلون بأمور أنانية لا معنى لها، أو: مشغولين في عمل لا شيء، أو: مُهدرين الوقت بالإنتظار لأشياء غير مجدية؟!
إن الساعة الرقمية، لا تزال تُعلمنا بأنه يجب أن يكون الوقت مؤلماً أحياناً.. يجب أن يكون إكراهياً لأولئك الّذين لا يتوافقون وسرعة الزمن، وعاجزين عن صناعة المستقبل، وقابعين على بُعد سنوات ضوئية من القيم السامية: المحبة، والخير، والرحمة!