ترامب وعدم ودستورية بعض فقرات قانون التظاهر
د. مينا ملاك عازر
الاربعاء ٢٨ ديسمبر ٢٠١٦
د. مينا ملاك عازر
في الأسبوع الماضي، كتب ترامب على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أنه يجب عقاب من يحرق العلم بالسجن وسحب الجنسية منه، مما أثار ضجة كبرى في الأوساط الأمريكية، صحيح أنهم لم يدافعوا عمن يحرق العلم، ولكنهم دافعوا عن حقه فيحرية التعبيروفي الاحتجاج، فهو حق مكفول بموجب التعديل الأول للدستور الأمريكي.
ومن الدستور الأمريكي للدستور المصري الأحدث منه بمراحل للأمة الأعرق على المستوى البشري بمراحل أكثر، تحية وسلام من القلب، ولعل منتهكي الدستور كتب لهم في هذا القرن أن يتصدروا سدة الحكم في بلادهم، فمن ترامب في أمريكا الذي يجهل عدد مواد دستور بلاده لعبد العال صائغ الدستور في بلاده، الكل ينتهك الدستور وينتهج نهج السير عكس اتجاه الدستور!.
فالدكتور عبد العال في مصر يسن مجلسه القوانين السالبة للحريات على غير اتجاه الدستور المصري، ويوافق على القوانين التي تخالف الدستور الذي يستشهد دائماً بأنه صاغه، وأنه أكثر من يعرفه، في حين أن تلك القوانين تنتهك الدستور بشهادة المحكمة الدستورية العليا، وسلامات يا حضرات النواب الذين وافقوا على قانون التظاهر بليل دامس، خنق الحريات وبتر الحق في التعبير عن الرأي.
احتراف النواب المصريين والحكومة المصرية التناوب بينهم على اغتيال الدستور بقوانين رديئة مؤسفة كان من بينها قانون التظاهر وقانون الجمعيات الأهلية وقانون الإعلام الموحد الذي قد يكون لنا معه وقفة قريباً -بإذن الله-لأمر مؤسف بحق كأنهم أقسموا على السير على الدستور بأستيكة، ولأنني أعلم أنه ليس بأيديهم حيلة، والحيلة كلها بأيدي من أتت بهم وشكلتهم وتوجههم، وتصوغ القوانين وتنتظر موافقتهم التي هي في الحقيقة شكلية، لذا لن أطيل في الحديث عن أفراد باعوا ضمائرهم المهنية والقانونية والدستورية لأنهم للأسف يظنون أنهم يقدمون للوطن خدمة.
أما الرئيس عبد الفتاح السيسي، فله مني كل تقدير واحترام، ولأنني أحترمه، أجيبه اليوم على سؤاله الأكثر من رائع، الرجل تساءل ،ولم يجبه أحد، سأل وقال تعليقاً على الرغبات المنادية بتعديل قانون التظاهر، قائلاً "أد كده أنتم بتحبوا التظاهر"!؟ علامات التعجب من لدني، فبرغم أن الرئيس لم يكتبها ولم يسطرها، لكنها أتت واضحة في نبراته، وفي سؤاله، والآن يحق لي الإجابة على سؤاله بعد قبوله الاعتذار مني بالتأخير، فقد تأخرت انتظاراً لإجابة قاطعة من الدستورية العليا التي اقسم الرئيس بنفسه أمامها قسم ولايته الأولى،حيث أجابت قائلة أن القانون به عوار دستوري، وأكدت عدم دستورية جزء منه، ولعل السؤال الذي طرحه الرئيس يمكننا تعديله، لتكون الإجابة أكثر واقعية وملاءمة للواقع، سيادة الرئيس، نحن لا نحب التظاهر فرغم أنه السبب الرئيسي في إيصال هذا النظام لسدة الحكم لكننا نحب أكثر من التظاهر حريتنا التي كفلها لنا الدستور الذي أقسمت سيادتك على احترامه، وأقسم علي احترامه باقي السادة الوزراء والنواب، لكنهم للأسف لم يحترموه لكن الشعب الذي لم يقسم بل وافق عليه أصر على احترامه، وبتر القوانين المؤسفة وتنقية القانون من أي شائبة تسيء لما لم يهتم به النواب، وهو الدستور.
المختصر المفيد أحب التظاهر لأنه وسيلة من وسائل التعبير عن الرأي، لكنني أحب أكثر منه الحرية المسؤولة والدستور.