الرقابة الغائبة فى مصر
مقالات مختارة | عادل السنهورى
الاثنين ٢٦ ديسمبر ٢٠١٦
كلام الرئيس عبدالفتاح السيسى أثناء افتتاحه توسعات شركة النصر للكيماويات عن الرقابة على المشروعات التى يتم تنفيذها يفتح الباب للسؤال عن الرقابة بشكل عام فى مصر والأجهزة الرقابية المسؤولة.
هل لدينا رقابة حقيقية فى مصر؟
واقع الحال يقول نعم لدينا أجهزة رقابية عتيقة وعريقة ومتعددة، ومع ذلك، فالفساد بأنواعه مستشرى ومنتشر فى كل مؤسسات الدولة، وبسببه يتأخر ترتيب مصر إلى مراكز متأخرة فى تقارير المؤسسات الدولية المعنية بالشفافية والفساد.
هل تعلم أن لدينا أكثر من 36 جهازًا رقابيًا غير الأجهزة الرئيسية الكبرى، وجميعها تستهدف محاربة ومكافحة الفساد،ورغم المجهودات الكبيرة التى تقوم بها الرقابة الادارية خلال الفترة الاخيرة التى نعتبرها نقطة مضيئة فى الجهاز الادارى إلا انه يبدو أن الفساد انتصر على غالبية هذه الأجهزة.
تشخيص المرض هو الخطوة الأولى للعلاج.. وإذا كانت هناك إرادة سياسية واضحة لمكافحة ومواجهة الفساد، فهناك خطوات واشتراطات ضرورية لتقوية مناعة الجهاز الرقابى بأشكاله المتعددة فى مصر.
فالرقابة فى مصر تفتقر إلى الاستقلالية لأنها تابعة للسلطة التنفيذية المفترض مراقبتها من تلك الأجهزة وفقًا للقانون. ولنكن صرحاء، فغالبية تقارير تلك الأجهزة الرقابية لا تفعل ولا يتم تحويلها إلى المحاكمات لأن الأجهزة ذاتها ليس لديها سلطة رفع الدعاوى القضائية، وبالتالى تذهب التقارير إلى السلطات والجهات المعنية وتدخل إلى «الأدراج المظلمة».. وأذكر أن رئيس الجهاز المركزى الأسبق المستشار جودت الملط، قال فى أحد حواراته إنه قدم 1000 تقرير رقابى للرئاسة ومجلس الشعب- وقتها- ورئيس الوزراء أحمد نظيف والوزراء المعنيين والرقابة الإدارية لمتابعة المخالفات الخاصة والمرتبطة بالأفراد لكن لم ترَ هذه التقارير النور وذهبت أدراج الرياح!
الاستقلالية هى الخطوة الأولى لتقوية الجهاز الإدارى، والأمر الثانى هو فك الاشتباك بين اختصاصات ووظائف الأجهزة الرقابية ودمج بعضها، فالكثرة لا تعنى انحسار الفساد بل على العكس فتعدد الأجهزة وكثرتها وتداخلها وعدم التنسيق بينها يفتح ثغرات عديدة أمام الفساد للنفاذ منها.
الخلاصة.. أنه إذا كانت لدينا الرغبة فى مكافحة الفساد الإدارى والمالى، فالخطوة الأولى هى إعادة هيكلة الأجهزة الرقابية وتقويتها واستقلالها.
نقلا عن اليوم السابع