دموع الرئيس!
مقالات مختارة | حمدي رزق
الاثنين ٢٦ ديسمبر ٢٠١٦
هالنى كم السخرية التى تناول بها المفسفسون والمغردون خنقة صوت الرئيس بالبكاء، وكأن دموع السيسى عيب يتدارى منه، تصحر العواطف صار طقساً، والجفوة طفحت فى الوديان، دموع الرئيس غالية على المحبين وهم كثر، والنداء بالحب يلمس القلوب يهزها، أخشى يقلّب المواجع.
الرئيس فى الأخير إنسان من لحم ودم، رئيس مصر مأزوم لأزمة شعبه، محاصر فى شعب ضيق، تكالبت على شعبه الأكلة تكالبها على قصعتها، كلما خرج بهم من حفرة انزلق إلى أخرى، وهكذا دواليك، اليوم بقسوة الأمس، والغد فى علم الغيب، والنزر اليسير لا يسقى شعباً، ولا يشبع أهلاً، والطاحونة تطحن العظام، يسمع أنّات المرضى والجوعى ولكن «الإيد قصيرة والعين بصيرة»، وهناك من يمدد الأرجل فى وجوهنا.
أتلومون على الرئيس أن سال دمعه؟! «يا بخت من بكانى وبكى علىّ، ولا ضحكنى وضحك الناس علىّ»، اسخروا أنى شئتم، ولتستلقوا على أقفيتكم ضحكاً، للأسف ضحك كالبكاء، والله لولا نفرة هذا الرجل لإغاثتكم يوم 30 يونيو لتخطفتكم الطير، رجل حمل رأسه على كفيه، ولم يتأخر عن نجدة شعبه، وحرر مصر من الاحتلال الإخوانى البغيض.
المفسفسون الآن والمغردون كانوا سيدفعون الثمن فادحاً من حيواتهم، إن كنتم نسيتم اللى جرى هاتوا الدفاتر تنقرى، أنسيتم سريعاً الاتحادية وما أدراكم ما الاتحادية التى استنجد يومها أول جاسوس منتخب بأهله وعشيرته من الإرهابيين ليسوموكم سوء العذاب؟ أنسيتم من دعا عليكم بالهلاك فى صالة استاد القاهرة؟ أتراكم غافلين عمن توعدكم «يا نحكمكم يا نقتلكم»؟ للأسف ذاكرتنا أصبحت ذاكرة أسماك، لا تحمل من شريط الذكريات الأليمة صوراً محفورة فى الذاكرة الحية.
ما ضركم من دموع الرئيس إذا سالت؟! ويسخر الذى فى قلبه مرض ويفسفس، بشر مولف على القسوة والجفاء، يطلب رئيساً فرعوناً يحكمه بالحديد والنار، رئيساً لا تعرف الإنسانية طريقاً إلى قلبه، يلهب ظهورنا بسياط أوامره ونواهيه، ويسلّط علينا من لا يرحمنا، وهو سادر فى غيه وظلمه.
الرجل يخاطب شعباً معروفاً بالطيبة والإيثار والصبر والاحتمال، نعم الشعب، شعب صابر وقانع وراضٍ ويعلم قسوة الظروف التى تمر بها بلاده، ويمضغ لمن أحب واختار الزلط، فشلت كل المحاولات المدفوعة والممولة وأنهار الدماء أن تثير ثائرة شعبه عليه، الشعب الغلبان صابر، يحيّر عقولهم، يشتت أفكارهم، لم لا يثورون وقد مسهم الضر، شعب ذكى يعلم جيداً الظرف ويقدر إخلاص الرجل.
دموع الرئيس ليست تمثيلاً، خانته الدمعة وطفرت، كم منا من لا يستطيع حبس دمعة طافية ألماً أو تألماً أو حزناً أو فرحاً! أصلاً نحن شعب دمعته قريبة، شعب حسيس، بيحس على دمه، غيرنا جُبلوا كالجبال على القسوة، ونحن يسرى فينا النهر بماء دافق، رقة المصريين وطيبتهم مضرب الأمثال.
لن يرضى عنه الإخوان والسلفيون حتى يتبع ملتهم، كارهون لوطنهم، لا يصدر عنهم سوى كل قبيح فى حق هذا الشعب وهذا الرجل، أتذهبون مذهبهم وتنكرون رجلاً يترجى رضا الشعب، لم يصدر عنه إساءة حتى للإخوان، ولم يذكرهم فى حديثه، ويتعفف، هل أصبح الإخوان كعكة بسكر؟ هل تترحمون على رئيس الإخوان الذى أذاقكم الأهوال فى عام واحد؟ تذكروا غلظته وقسوته ومكتب إرشاده والمتحلقين من حوله يهددونكم فى بيوتكم بالويل والثبور.
جبروت الفيس وأهله، والمتخفون وراء صفحاته كتائب- لن يجبروا الرئيس على أن يتحول إلى فرعون، انتهى زمن الفراعنة، وعلى المزايدين على دموع الرئيس أن يمتنعوا، وينصفوا إذا كان هناك سبيل للإنصاف، وعندى والطيبون دموع الرئيس غالية وإن سخرتم!.
نقلا عن المصري اليوم