الأقباط متحدون - البرىء
  • ٠٧:٢٧
  • الجمعة , ٢٣ ديسمبر ٢٠١٦
English version

البرىء

مقالات مختارة | سحر الجعارة

٣٠: ٠٩ ص +02:00 EET

الجمعة ٢٣ ديسمبر ٢٠١٦

سحر الجعارة
سحر الجعارة

ليست شجاعة أن ترتدى ثوب «الضحية»، وتختفى عن الأعين لتردد الأدعية على من ظلمك، ولا أن تخرج إلى الأضواء وظهرك محنى، حاملاً سيفك المكسور، تنعى أحلامك المهدرة وطموحك الموءود، لتعلن تخليك عن «القضية» وتتراجع عن آرائك ومواقفك وتقرر اللجوء لأى دولة متحضرة تحترم الفكر و«حرية الاجتهاد».

الشجاعة هى أن تظل نفسك، لا تساوم على مبادئك ولو بكنوز الدنيا، وتسدد فاتورة أفكارك من شبابك وحريتك.. فحين تفقد إيمانك بنفسك سوف تكفر بكل ما عاداها.. أتحدث عن الباحث «إسلام بحيرى»، الذى لم يغير السجن قناعاته، ولا أجبرته أيام الظلام الدامس خلف القضبان على تقبيل أيادى «السجان» الذى يمارس دور «الوصى» على المجتمع باسم الإسلام.. ويكفر معظم المفكرين والمجتهدين!

أصلح السجن ما أفسدته النجومية فى «إسلام»، فأصبح أكثر تعقلاً وموضوعية، أهدافه محددة بدقة، دونما استعراض (شو إعلامى) لقدرته المعلوماتية وإمكانية سحق خصومه بـ«الفتوى القاضية».. وكأن أيام الحزن بمثابة سنوات طويلة قضاها فى الربط بين التطرف الموجود فى كتب التراث، (التى يصر مشايخ الأزهر على تقديسها)، وبين ما نعانيه من إرهاب نتيجة تدريس هذه الأفكار العنصرية فى معاهد الأزهر وانتشارها كذلك فى الكتب السلفية.

فى لقاء موسع مع الإعلامى «عمرو أديب»، على قناة ON E، تحدث «بحيرى» عن حديث موجود فى «صحيح البخارى» يقول: «لا يُقتَل مُسلم بكافر»، وتابع: (إذا أُخذ بهذا الحديث وتم الاعتماد عليه، يصبح ما فعله الإرهابى «محمود شفيق» مفجر البطرسية صحيحًا، لأن معنى الحديث الذى أخرجه البخارى، أنه إذا قُتل الذمّى يصبح دمه هدرًا ولا يتم القصاص من قاتله)، والكارثة أن الحديث يناقض القرآن نفسه.. أما «الأزهر الشريف» فيعتبر أن «نقد البخارى» جريمة ازدراء أديان بدلا من أن يتولى دوره فى نقد التراث وتنقيته فى إطار الحلم المستحيل وهو: «تجديد الخطاب الدينى»!

كيف تطلب من مؤسسة دينية أن تتولى تجديد الخطاب الدينى وهى التى ساوت بين «آراء الفقهاء» والدين نفسه؟.. وجعلت لصحيح «البخارى» نفس قدسية «القرآن الكريم».. وتفرغت لملاحقة المفكرين بدعاوى الحسبة خوفا على نفوذها وسطوتها على العباد؟!

نعم خرج بيان «بيت العائلة»، الذى صدر بعد أحداث تفجير الكنيسة البطرسية، ليصف المسيحى بـ«الذمى»، بما يعنى أن الأزهر لا يعترف بحقوق المواطنة.. فلا تلوم من يتبعه من (صبيان الدعوة).

هذا المجتمع الذى سخر من الشيخ «ميزو» حين أعلن أنه «المهدى المنتظر»، هو من يضع الفقهاء وأصحاب العمائم واللحى فى مصاف «الأنبياء»، مجتمع لا يقرأ القرآن بقدر ما يأخذ فتاواه من كتب التراث!

هناك آلاف الفتيات اغتصبن بسبب «إجماع العلماء» على زواج الصغيرة، هذا ما يؤكده «إسلام».. ويضيف: هذا على الرغم من قول الرسول صلى الله عليه وسلم: «لا تنكح الأيم حتى تستأمر، ولا تنكح البكر حتى تستأذن»، موضحا أن هذا «الإجماع» خالف القرآن وخالف الرسول شخصيًا.. فأى جنون هذا الذى يحكمنا؟.

أخرسوا «إسلام بحيرى» أو اسجنوه.. أو اقتلوه؛ لقد أهدر «مجمع البحوث الإسلامية» دمه بالفعل بتقريره أمام المحكمة.. لكن هذا البلد سيخرج فيه ألف «إسلام» يرفضون الركوع لفتاوى: (إرضاع الكبير، وجهاد النكاح، واغتصاب الزوجة القبطية).. سيظل فى هذا البلد آلاف العقول التى تكشف الاختراق الوهابى للأزهر، وترفض أن تحكمنا فتاوى دموية وأفكار «داعشية».

ما أسهل أن يقبل «بحيرى» الهجرة لأى دولة أوروبية كلاجئ دينى! لكنه ساعتها سيتنازل عن «نفسه».. وقد قرر «إسلام» أن يكمل معركته إلى النهاية.

إنه يملك من «العناد» ما يدفعه لمواصلة ما بدأه، لقد كتب القاضى الذى برأه فى قضية ازدراء الأديان، فى حيثياته نصا: (إن القضية مقتصرة ومجتزئة من حلقات طويلة، وإذا ما تم رؤية الحيثيات فإننا نعتقد أنه لم يقترب من أصل العقيدة الإسلامية بل دافع عنها، وأعمل عقله فى نقد التراث البشرى).

ولكن تظل البراءة الفعلية لإسلام فى استكمال دوره فى نقد كتب التراث وتنقيتها، وساعتها فقط سينتصر «العقل» على كل «رجل دين» نصّب من نفسه ظلّ الله على الأرض.. وفتح محاكم التفتيش واحتكر توزيع صكوك الغفران وفتاوى إهدار الدماء.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع