من الوهم ما قتل
مقالات مختارة | بقلم: سهير جودة
٠٠:
١٢
ص +02:00 EET
الخميس ٢٢ ديسمبر ٢٠١٦
إرهاب ودم وضحايا.. ثالوث معاكس للقداسة ولشرائع كل الديانات ولكن الإرهاب يتخفى بجهله وعقده وتطرفه ويخرج منه ليحرق آخرين.
الإرهاب، هذه النار المشتعلة التى تسفك الدماء على الأرض تحتاج دوماً إلى نفط الدم كوقود لمواصلة اشتعالها.
الإرهاب يجتاح العالم، وهو حاضر فى كل مكان، ولكن هذا الإرهاب لا مستقبل له، فلن يقيم دولة ولن يسقط دولاً ولا قوى، ولكنه مؤشر على شىء يؤكد أن العالم على شفا تغيير، وأن نظريات العالم استنفدت وقتها وأغراضها، وأنه لا محالة من التغيير، سواء كان فى أشكال الحكم أو نوعيات المصالح أو توازنات القوى أو حتى أشكال الصراع والنظريات السياسية وتحديداً النظرية التى يقوم عليها العالم الآن، وهى الديمقراطية. نظريات انتهت وأصبحت غير صالحة للاستهلاك البشرى لا بد من وجود أشكال جديدة من القوى والمصالح، أما الإرهاب فهو بثور على جسد العالم تعلن عن عرض لمرض آخر، وهو صناعة مجموعة عصابات وسياسات تستخدم أعداداً من المهووسين أو المحبطين أو الطامحين أو الجهلاء بأوهام إبادة الكفر والكفار أو لقاء حور العين فى الجنة أو إقامة الخلافة الإسلامية ولكن هذا الإرهاب لن تقوم له قائمة، لأنه لا يقوم على قاعدة حقيقية أو إنسانية.
وإذا كان الاستعمار الإنجليزى استخدم لعبة الصراع الدينى التى ورثتها الولايات المتحدة، فالمؤكد أن الجميع يدرك الآن أنها نظرية كارثية وبالتالى لا بد أن يختفى اللعب بالصراع الدينى، وإذا كانت القوى العظمى فى التاريخ الحديث لعبت بهذه الصراعات ضد شعوب ومناطق يخبو فيها صوت العقل والعلم، فكان طبيعياً أن تنفعل وتلتقط هذا الفيروس نتيجة تراكمات الجهل والفقر بكافة تنويعاته والعصبية القبلية والموروثات الجاهلية
وإذا كان استخدام هذه النظرية أدى إلى صراعات دمرت بعض المناطق التى خرج منها فهو لم يعد مقتصراً عليها، بل يخرج منها ويعيد إنتاج نفسه فى الدول التى أنتجته أو التى ساهمت فى وجوده.
إذا أراد العالم أن يكون له مستقبل، فليبتعد تماماً عن اللعب بالدين وإشعال نيران التطرف، فليس مصادفة أن موازين القوى تميل الآن لصالح روسيا والصين حجماً وعافية، فهما دولتان خرجت منهما بشكل ما الشيوعية التى كانت تحكمهما، وموضوع الدين بالنسبة للروس مختلف عن المسيحية الكلاسيكية فى أوروبا وأمريكا، أما الصين فهى خارج صراع الديانات وهذا مؤشر على مرحلة التوازن الطبيعى الذى سينتقل إليه العالم.
مؤكد سيتخلص العالم من كل هذا الشر، ولكن الشرق الأوسط إن بقى على أمراضه، فسيرتد إلى أشكال من الصراعات أسوأ كثيراً مما هو حاله الآن.
نقلا عن الوطن