بقلم: ماريا ألفي إدوارد
اختلفت ردود الأفعال حول الحكم الصادر على "الكموني" وهو المتهم الأول في قضية "نجع حمادي"، حيث هناك من فرح لهذا الحكم واعتبره حكمًا رادعًا للمتهم ولمن تسول له نفسه القيام بمثل هذا العمل الإجرامي، وهناك من شمت وتهلل لاعتقاده بأنه بهذا الحكم قد انتصرنا على عدو الخير، وإلى آخره من ردود الأفعال المتباينة، ولكن الصفة الغالبة هي الفرح لصدور الحكم.
وأنا لا أخفي عليكم إنني عند سماعي لهذا الحكم سعدت لتنفيذ العدالة الأرضية، ولكن في حوار دار بيني وبين أحد أقربائي اختلفت وجهة نظري تمامًا، فبالفعل أعتبر هذا الحوار أفاقني من الغفلة التي كنت بها، ومعي كثيرون ما زالوا يعانون من هذه الغفلة.
فبداية، أؤكد للجميع إنني لست ضد الحكم الواقع على "الكموني"، ولكني أختلف مع ردود الأفعال التي رأيت فيها نظرات غل وشماتة عند صدور الحكم، لا تتوافق تمامًا مع قيمنا المسيحية التي تربينا عليها، والتي تقول "أحبوا أعدائكم، باركوا لاعنيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل المسيئين إليكم".
فيا أحبائي السيد المسيح له كل المجد، وهو الإله ارتضى أن يُصلب وأن يهان وأن يُبصق على وجهه، وعلى الرغم من هذا لم يقتص من الذين صلبوه، ولكنه قال: "يا أبتاه اغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون"، فلماذا نحن الآن تغيرنا ودخلت الشماتة قلوبنا لإعدام شخص وكأننا انتصرنا على عدو الخير .
وتذكروا معي أيضًا قصة "محمد علي أغا" الشخص الذي حاول اغتيال البابا "يوحنا بولس"، وعندما تم القبض عليه، فما كان رد فعل البابا "يوحنا بولس" سوى أن ذهب إليه في السجن وغفر له وسامحه، وطالب السلطات التركية إطلاق صراحة، وذلك إرساءً للقيم والتعاليم المسيحية التي تدعونا جميعًا أن نكون متسامحين، وبعد زيارة البابا "يوحنا" بفترة تناقلت الأنباء أن "محمد علي أغا" قد أعلن مسيحيته لما رآه من حب وتسامح.
فبالفعل تصرفات البابا "يوحنا بولس" هي تصرفات المسيحي الحقيقي.
وأخيرًا أريد أن أختم بهذه الآية التي تقول:" لاَ تَفْرَحْ بِسُقُوطِ عَدُوِّكَ وَلاَ يَبْتَهِجْ قَلْبُكَ إِذَا عَثَرَ لِئَلاَّ يَرَى الرَّبُّ وَيَسُوءَ ذَلِكَ فِي عَيْنَيْهِ فَيَرُدَّ عَنْهُ غَضَبَهُ (أمثال 24: 17).
هذا هو تعليم الكتاب. فالغفران هو التخلص من مرارة الحقد والغضب وعدم الرغبة في الانتقام بل الاستعداد للصفح التام وبدء علاقة جديدة.