الأقباط متحدون - حادث البطرسية.. يدعم الاستبداد
  • ١٧:٢٦
  • الاثنين , ١٩ ديسمبر ٢٠١٦
English version

حادث البطرسية.. يدعم الاستبداد

مقالات مختارة | عمرو هاشم ربيع

٥٠: ١٢ م +02:00 EET

الاثنين ١٩ ديسمبر ٢٠١٦

عمرو هاشم ربيع
عمرو هاشم ربيع

ما إن يقع حادث من حوادث العنف والإرهاب حتى تجد له صدًى كبيرا ينحو بالدولة والمجتمع ناحية الأخذ بالوسائل الشمولية والسلطوية التى تبعدنا بالتبعية عن الديمقراطية وحقوق الإنسان. من ذلك حادث البطرسية الأخير الذى وقع فى إحدى دور العبادة بالقاهرة، فبعده مباشرة ولا زالت صرخت وتعالت الأصوات تنادى بضرب الحق فى الحياة والحق فى التقاضى وحرية التنقل وسرية المعاملات الشخصية والمراسلات... إلخ.

مما لا شك فيه أن ضرب الإرهاب هو هدف تسعى له كل القوى المحبة للسلام والأمن، لكن الوسيلة هى التى تقف فارقًا بين الداعى لكبت الحريات والداعى للمزيد من فرض الدولة هيمنتها على الحريات العامة.

المؤكد أن ضرب الحريات هو الوسيلة الأسرع والأوفر مالًا لمواجهة الإرهاب، لكن المؤكد أيضًا أنها ليست الحل المؤكد للخلاص من الإرهاب، ففى عهد مبارك عاشت مصر نحو 3 عقود تحكم بالطوارئ، ولم يثن ذلك الإرهاب عن ضرب الدولة والمجتمع فى العمق.

الأكثر نجاعه هو اتباع ثلة أو حزمة من الأساليب. فعلى المدى القصير، هناك الاحتياطات الأمنية التى لا تعيق الحريات العامة، وعلى رأسها سهر ويقظة قوات الأمن بغية راحة المواطن وحماية المؤسسات، دون أن يفضى ذلك لمهانة الناس، فأعمال تفتيش الأفراد قبل الدخول هنا أو هناك ونشر الكاميرات، وعدم التكاسل أثناء الخدمات، والكمائن غير الثابتة.. إلخ كلها أساليب غير مهينة بالكرامة الإنسانية.

إضافة إلى ذلك، فإن ما يتصل بإصلاح الخطاب الدينى، بمعنى العودة به إلى الواحى والموحى إليه وهما الله ورسوله الأكرم، لهو السبيل للخلاص من تلك الغمة. من ناحية أخرى، فإن انغماس الشباب فى أمور كالرياضة والفنون من خلال دعم مؤسسات الدولة القائمة على ذلك (الارتقاء بمراكز الشباب مثلا)، إضافة إلى الاهتمام بالتعليم، لهو أيضًا السبيل الناجع للقضاء على الإرهاب فى المديين المتوسط والبعيد.

أما تحويل المتهمين المدنيين للقضاء العسكرى، فإنه لا يجدى إلا فى تحقيق آمال الإخوان وأعوانهم فى جعل مصر مصدرًا للتنديد من قبل المجتمع الدولى، ناهيك عن أنه أسلوب يكبت الحريات. كما أن تشديد العقوبات والنيل من حقوق المتهمين فى الدفاع عن ذواتهم وبتر خطوات التقاضى، ليس سبيلا إلا للنيل من سمعة مصر، ولن يثن الإرهابى عن ارتكاب جرمه، سيما وأنه «يطمع فى الشهادة» بعبارة أخرى، لا يهمه من قريب أو بعيد أن يعدم أو يقتنص.

لا شك أن هناك ثلة من الأبواق الذين يقودون هذا البلد إلى الهلاك، لا يرغبون إلا فى وجود مصر دومًا تقبع على برميل من البارود، فى ذلك عيشهم وبه يحققون الثروات، ويرضون من يمولونهم، ويحققون ما ترغب فيه السلطة فى فرض المزيد من الهيمنة، التى عادة ما يضيع فى سبيل حربها على الإرهاب أبرياء كثر.

هناك حقيقة أن كثيرين ربما يستغربون دعوات التعقل والتمهل السابقة خلال المواجهة المشروعة للإرهاب، إلا أن هؤلاء أنفسهم نجدهم يتفهمون كل ما سبق ويزيد عندما يقعون ضحية تجاوزات أمنية تصل إلى حد انتهاك الإنسانية.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع