مصطفى عبيد
خارج السطر
ما زال القتلة الحقيقيون مطلقى السراح. يرفلون فى الدعة، ينعمون بالطمأنينة، ويستعذبون المُشاهدة. لا يكترثون لدماء ضحاياهم، وإنما ترقص قلوبهم فرحاً لما جرى.
فى مذبحة البطرسية لم يكن محمود شفيق سوى أداة، ليس فاعلاً رئيسياً. ذيل لا رأس. تابع لا صاحب قرار. كان مُجرد قُنبلة بشرية بلا رأى أو ضمير، بينما كان المجرمون الحقيقيون، الذين فكروا، وخططوا، ودعوا، وتمنوا، وعلَّموا يُطلّون فى لامبالاة راضين بإزهاق أرواح المسيحيين الذين يعتبرونهم لا يستحقون سوى الكراهية والبغضاء.
تحت يدى قائمة القتلة الطُلقاء الذين لم يتم استدعاؤهم، أو سؤالهم، أو حتى اتهامهم، رغم أنهم ضالعون فى بث الكراهية، وفى التحريض على قتل الآخر وإقصائه باعتباره عدواً لله. هُم قتلة بالكلمة، بالفتوى، بالتحريض، بدروس الكراهية التى يصبونها صباً فى أدمغة ضعاف العقول الجهلة.
اقرأوا معى نصوص الكراهية التى يبثها المُتسلفنون كُل يوم فى الصُحف والمواقع والفضائيات والدروس العامة لتعلموا كيف تصمُت الدولة على هذا الظلام؟ ولِمَ؟
إن رجلاً تخرج من كلية العلوم وسافر إلى السعودية ليدرس ويتلقى عن شيوخ الوهابية، رجع لنا باسم أبى إسحاق الحوينى، واعتبره أنصاره «أسد السُنة» يُمارس عملية تعبئة عامة ضد المصريين الأقباط مُهيناً ومُذلاً ومُحرضاً.
يقول فى أحد دروسه «إن المسيحى يجب أن يدفع الجزية وهو مدلدل ودانه».
ويقول أيضاً رداً على سؤال حول مودة النصارى «إن الله حرم عليك المودة وأباح البر، والبر مثلما فعلت امرأة عندما سقت كلباً ماء. وتهنئتهم بأعيادهم حرام».
ويقول فُض فوه فى فتوى أخرى «المُسلم لا يُقتل بالكافر. اليهودى أو النصرانى وأدلة ذلك أقوى ألف مرة من أدلة الرأى القائل بغير ذلك».
إننا أمام وحش قاهر، يرى المصريين الأقباط غير جديرين باحترام أو عدل أو كرامة. يصل به الغِل إلى طلب الإهانة أو تمثيلهم بمثال الكلب، ثُم يقرر أن مَن يقتل أحدهم لا يصح قتله لأن الله لا يقر ذلك، تعالى الله عما يدعى.
وهذا الطبيب المُتزعم للحركة السلفية بالإسكندرية المُسمى ياسر برهامى يقول فى تبجح: «المساواة المطلقة بين مواطنى البلد الواحدة قول يناقض الكتاب والسنة والإجماع». أى كتاب وأى سُنة وأى دين يا رجل؟ لقد شوهتموه وبدلتموه وفسرتموه كما شاء لكم الممولون النفطيون.
وتصل المأساة إلى مداها فى صاحب الوجه السمح البشوش المعروف بمحمود المصرى الذى يقول نصاً فى إحدى كُتبه «لا يجوز بدء غير المسلمين بالسلام، ولا حتى القول لهم أهلا أو سهلًا لأن ذلك تعظيم لهم».
لا أهلاً ولا سهلاً يا شيخ؟ لا يجوز التعظيم يا رجل؟ هل رجل مثل مجدى يعقوب لا يستحق أن نُقبل رأسه إجلالاً وتقديراً عما قدم لمصر، وللناس مسلمين وأقباطاً. ولمن ننحنى تعظيماً إن لم يكُن لأقباط أجلاء منحوا الوطن أرواحهم.. لك؟ لتبعة ابن عبدالوهاب؟ للمتاجرين بالله؟
فى يوم ما سيقف الناس أشتاتاً ليروا أعمالهم، وسيقف القتلة الصغار مثل حبارة ومحمود شفيق ليشيروا إلى أساتذتهم القتلة الحقيقيين، الذين علموهم الكراهية، وغرسوا فيهم الإرهاب.
والله أعلم.