في البطرسية .. اهتز ضمير مصر .. لكن لم يهتز إيمان المصريين
يوسف سيدهم
الأحد ١٨ ديسمبر ٢٠١٦
يوسف سيدهم
اهتز ضمير مصر بالحادث الإرهابي اللعين الذي فجر الكنيسة البطرسية وسط صلوات القداس الإلهي الأحد الماضي ليرسل 23 من المصلين شهداء إلي السماء ويترك 49 آخرين مصابين في يد العناية الإلهية والرعاية الطبية.. سيناريو كارثي يعيد للأذهان حادث كنيسة القديسين في الإسكندرية منذ ست سنوات, ولكن بين الحادثين مسلسلا طويلا بغيضا من لدغات الإرهاب لم ينج منها قطاع من المصريين -مسلمين ومسيحيين- بل وقع انفجار الكنيسة
البطرسية ولم تكن دماء ضحايا كفر الشيخ وكمين شرطة شارع الهرم قد جفت بعد.
اهتز ضمير مصر, لكن لم يهتز إيمان المصريين بوطنهم ولا بقيادتهم, انفجر غضب الأقباط لكن لم ينفصلوا عن إخوتهم المسلمين -باستثناء قلة ضلت طريقها واستباحت التعريض بمن جاءوا يشدون من أزرنا ويشاركوننا ألم المحنة.. ولأولئك أعتذر- وها هي مصر قد أعلنت الحداد الرسمي ونكست أعلامها ثلاثة أيام واحتضنت الأعلام المصرية نعوش الشهداء في جنازة رسمية مهيبة لتبرهن علي حزنها -وليس انكسارها- وتكريمها لضحايا الجريمة
النكراء.
وسط الجهود المحمومة من جانب الأجهزة الأمنية لرصد وتعقب وملاحقة من وقفوا وراء هذه الجريمة الإرهابية, لا يجب أن ننسي أن الإرهاب لعين لكنه ليس غبيا.. الإرهاب أفعي ترقد وترصد كل نقطة ضعف لتلدغ فيها.. والإجراءات الأمنية في مرافقنا كافة -باستثناء مطاراتنا ومقار السلطات السيادية- يعتريها الضعف والترهل وعدم اليقظة, ولا تستثني من ذلك كنائسنا. فإذا كانت الإجراءات الأمنية يقظة وصارمة في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية باعتبارها رئاسة الكنيسة ومقر قداسة البابا, ها هي الكنيسة البطرسية المتاخمة للكاتدرائية ترصد وتستهدف وينجح الإرهاب في اختراقها في إشارة كئيبة لها مدلولها بأن الإرهاب يستطيع بسبب غفلتنا أن يقترب جدا جدا مما قد نعتقد أنه في منأي ومأمن.
الآن… والآن فقط سيجد الأقباط إجراءات أمنية غير مسبوقة عند دخولهم الكنائس.. الآن… والآن فقط ستوضع البوابات الإلكترونية في الكنائس التي خلت منها, وستفعل البوابات الإلكترونية في الكنائس التي كانت مزودة بها (!!).. وسوف يلمس الأقباط انضباطا وصرامة وتفتيشا وتدقيقا أرجو ألا يتذمروا منه عند دخولهم الكنائس. كما أرجو ألا يكون الغربال الجديد له شدة وتطبق هذه اليقظة إلي حين قبل أن تعود مرة أخري للاسترخاء والتراخي لتقدم هدية أخري للشر والإرهاب.
ولأن مصر وكنيستها وأقباطها سيظلون دوما متسلحين بإيمان عميق.. دعوني أرصد بعضا مما سطره الأقباط والمسلمون من مشاعر غالية عقب هذه الكارثة الإرهابية:
** هناك أماكن شاغرة علي حامل الأيقونات تنتظر من يملأها. القداسة لم تتوقف, وشهادة الدم لم تبكم. المذبح الإلهي مازال يتلقي أشلاء نورانية ليجمعها ويضعها علي عروش من نور. صراع الحب والبغضة مازال مستمرا, وملكوت الله مازال يغصب والغاصبون يختطفونه ويفتتحون أبوابه الدهرية. (الراهب سيرافيم البراموسي).
** شهداء البطرسية… يا بختكم دخلتوا باب الكنيسة, ومنه لباب السما.. العدرا في استقبالكم.. هاتسبحوا كيهك مع الملايكة.
** حان الآن موعد الالتفاف حول الوطن.. خدوا بالكم يا مصريين.. لو الفتنة حصلت لا هايبقي فيها مسلم ولا مسيحي قاعدين.
** رجاء محبة للإرهابيين.. نرجو إبلاغنا بموعد انفجار الكنيسة القادم ومكانها حتي نتمكن من الذهاب والصلاة فيها.
** هاصلي مهما حصلي.