الأقباط متحدون | الأقباط وفترات من السلام (2)
ستظهر الصفحة بشكل مختلف لآنك تستخدم نسخة قديمة من متصفح أنترنت أكسبلورر، استخدم نسخة حديثة من انترنت اكسبلورر او أى متصفح أخر مثل فايرفوكس لمشاهدة الصفحة بشكل أفضل.
أخر تحديث ٠١:٥٦ | الخميس ٢٠ يناير ٢٠١١ | ١٢ طوبة ١٧٢٧ ش | العدد ٢٢٨٢ السنة السادسة
الأرشيف
شريط الأخبار

الأقباط وفترات من السلام (2)

الخميس ٢٠ يناير ٢٠١١ - ١٨: ١١ ص +02:00 EET
حجم الخط : - +
 

بقلم: القس لوقا راضي
نكمل معًا سلسلة "صناعة السلام وفترات السلام للأقباط"، ونذهب إلى الفترة التي حكم فيها الفاطميون مصر، وكانت فترة متباينة بين السلام والزوابع.

عهد المعز لدين الله الفاطمي
كان المعز محبًا للحوار والنقاش بين أصحاب الأديان، وكان يحدد أيامًا لذلك، وفي اليوم المختار ذهب إلى قصر المعز الأنبا "إبرآم" ومعه الأنبا "ساويرس بن المقفع"، فجلسوا في حضرة الخليفة المعز، وجلسوا صامتين مدة طويلة حتى قال لهم المعز: "تكلموا فيما اجتمعتم من أجله" ووجه نظره إلى البطرك قائلاً: "قل لنائبك أن يقول ما عنده" فقال البطرك للأسقف: "تكلم يا ولدي فإن الرب يوفقك".. فقال الأسقف للملك المعز: "لا يجوز الكلام مع رجل يهودي جاهل أمام أمير المؤمنين" فقال له اليهودي: "أنت تحط من قدري وتعيبني وتقول فى حضرة أمير المؤمنين إني جاهل" فقال له الأنبا ساويرس: "إذا ظهر الحق لأمير المؤمنين فلا تغضب" فقال المعز: " لا يجوز أن يغضب أحد في المجادلة بل ينبغي للمجادلين أن يقول كل واحد منهم ما عنده ويوضح حجته كيفما شاء" فقال الأسقف أنا لم أشهد عليك يا يهودي بالجهل بل نبي كبير جليل عند الرب هو الذي شهد بذلك".. قال له اليهودي: "ومن هو هذا النبى؟".. قال له: "إشعياء النبي الذي قال في أول كتابه عن الرب: الثور يعرف قانية والحمار عرف مزود سيده أما إسرائيل فلم يعرفني والشعب الجاهل لم يفهمني".

فقال المعز لموسى اليهودي: "هل هذا صحيح؟" قال: "نعم هذا مكتوب" قال الأسقف: "أليس الرب هو القائل أن البهائم والدواب أفهم وأعقل منكم ولا يجوز لي أن أخاطب فى مجلس أمير المؤمنين دام عزته منْ تكون البهائم والحيوانات أعقل منه وقد وصفه الرب بالجهل" فأعجب المعز بالجدال وأمرهم بالإنصراف.
استحكمت العداوة بين الفريقين وأصبحت نفس الوزير اليهودي مريرة من الغضب، وذهب ليبحث عن ثغرة فى الإنجيل لأن الأقباط تغلبوا على اليهودي عند المعز، وبعد بضعة أيام دخل الوزير اليهودى عند المعز وقال: "مكتوب فى إنجيل النصارى: من كان فيه إيمان مثل حبة خردل فإنه يقول للجبل انتقل واسقط في البحر فيفعل والنص الإنجبلي هو: "لو كان لكم إيمان مثل حبة خردل لكنتم تقولون لهذا الجبل انتقل من هنا إلى هناك فينتقل" (متى 17 :20) فليرى أمير المؤمنين رأيه في مطالبتهم بتنفيذ هذا القول، لأنه من المستحيل أن يتم هذا وإنه كذب، فإن هم لم يفعلوا فلنفعل بهم ما يستحقوه على إيمانهم الكاذب "فلنختبر النصارى بهذا القول ولنا في ذلك إحدى فائدتين، فإن صح زعمهم به فهذا جبل مكتنف القاهرة (سمي فيما بعد بالمقطم) وإذا ابتعد عنها كان هوائها أنقى ومناخها أجمل، ونكسب مكانًا نبني فوقه المدينة ونوسعها، وإن لم يصح كان المسلمون أولى بمساكن هؤلاء الكفرة، والاستيلاء على أملاكهم، وإذا طردناهم ومحونا أثرهم من الوجود ويبقى لا ذنب علينا من قبل الله. فوافقه المعز وأرسل في طلب الأنبا إبرآم البطريرك وقال له: "ماذا تقول فى هذا الكلام، هو في إنجيلكم أم لا؟" فقال البطريرك: "نعم هو فيه" قال له: "هوذا أنتم نصارى ألوف ألوف وربوات ربوات في هذه البلاد وأريد أن تحضر لي واحدًا منهم تظهر هذه الآية على يديه وأنت يا مقدمهم (رئيسهم) يجب أن يكون فيك هذا الفعل وإلا أفنيكم وأمحيكم بالسيف أو أمامك ثلاثة لتختار؛ إما قبول الإسلام أنت والنصارى، أو هجر البلاد (طرد الأقباط من البلاد)، أو نقل الجبل الشرقى (تحكي السجلات المسيحية أن جبل المقطم في فترة العهد الفاطمي منذ عام‏969‏م كان يسمى الجبل الشرقي، وطلب المعز لدين الله الفاطمي من الأنبا إبرام السرياني بطريرك الأقباط نقل الجبل الشرقي).
حينئذ ذهل البطرك وخاف خوفًا عظيمًا ولم يدر بماذا يجيبه وألهمه الرب فقال: "امهلني ثلاثة أيام حتى أبحث وأطلب من الرب إله السماء أن يطيب ويسر قلب أمير المؤمنين على عبيده ".. وعاد البابا إلى منزله بمصر وأحضر الكهنة والآراخنة بمصر وجميع الشعب القبطي، وعرفهم ما حدث وهو يبكي. وجزع النصارى لهذا النبأ ولبس كبارهم وصغارهم المسوح، وفرشوا الرماد وذروا التراب على رؤوسهم، وصرخ الشيوخ والأطفال إلى الرب، وألقت الأمهات المرضعات صغارهن بلا رضاعة أمام الكنائس، وصعد العويل والصراخ إلى الرب من كل حدب وصوب، وحدث أنه كان في بابليون (مصر القديمة) مجموعة من رهبان وادى هبيب (وادى النطرون) فأمرهم ألا يرحلوا إلى ديرهم ويمكثوا لمدة ثلاثة أيام لمداومة الصلاة فى كنيسة السيدة العذراء بقصر الشمع، المعروفة بالكنيسة المعلقة ليلاً ونهارًا، فظلوا ثلاثة أيام ولياليها في صوم وصلاة.

أما البطريرك صام صومًا انقطاعيًا في الكنيسة المعلقة، ولم يفطر طيلة النهار، من الليل إلى الليل يأكل خبزًا وملحًا، ويشرب ماءً يسيرًا، وظل واقفًا في صلاة يبكي وتنهمر دموعه بين يدي الرب كل تلك الأيام ولياليها، وفقد القوة على الحركة ولكنه جاهد في الصلاه أكثر، وفي صباح اليوم الثالث سقط البطرك القديس على الأرض من تعبه وحزن قلبه وصومه الشديد، وغفى غفوة قصيرة فرأى السيدة العذراء الطاهرة مارت مريم وهي تقول له بوجه فرح: "ما الذي أصابك".. فقال لها: "انظري حزني يا سيدتي فإن ملك هذه الأرض هددني قائلاً إن لم تفعل آية ومعجزة وتنقل جبل سأقتل جميع النصارى في مصر وأبيدهم من خلافتى جميعًا بحد السيف".. فقالت له السيدة العذراء: "لا تخف فإنى نظرت إلى دموعك التي ذرفتها وسكبتها في كنيستى هذه، قم الآن واترك المكان واخرج من باب درب الحديد الذي يؤدي إلى السوق الكبير، وفيما أنت خارج ستجد إنسانًا على كتفه جرة مملوءة ماءً، وستعرفة من علامته أنه بعين واحدة، فامسكه فهو الذي سوف تظهر العلامة على يديه" فاستيقظ البطريرك فى الحال وهو مرتعب وكان جالسًا على الأرض فنهض بسرعة ولم يدع أحد يعلم باستيقاظه وخروجه، وذهب في الطريق الذي ذكرته السيدة العذراء، حتى وصل إلى الباب فوجده مغلقًا، فشك في قلبه وقال: "أظن أن الشيطان لعب بي"، ثم دعا البواب ففتح له فأول من دخل من الباب كان هو الرجل الذي ذكرت علامته السيدة العذراء، له فمسكه وظل يربطه بعلامة الصليب قائلاً: "من جهه الرب، ارحم هذا الشعب" ثم أخبره ما حدث في اجتماعهم بالكنيسة المعلقة. فقال له الرجل: "اغفر لي يا أبي فإني إنسان خاطئ ولم أبلغ هذا الحد (يقصد من القداسة)" وعندما قال له ذلك أاخبره البطريرك بما قالته السيدة العذراء مريم عند ظهورها، له ثم قال له ما صناعتك وعملك فأراد أن يخفي أمره ولا يرد على السؤال فجعل عليه الصليب وربطه بالحروم بألا يخفي شيئًا ويحكي له قصة حياته وألا يكتم شيئًا.
فقال: "أنا رجل دباغ (ومن الألقاب الأخرى التي أطلقت عليه سمعان الخراز) وهذه عيني التي تراها أنا قلعتها من أجل وصية الرب، فعندما نظرت لما ليس لي في شهوة، ورأيت إني ماضٍ إلى الجحيم بسببها، ففكرت وقلت الأصلح لي أن أمضي من هذه الحياة بعين واحدة إلى المسيح، خير من أمضي إلى الجحيم بعينين، وأنا في هذا المكان أعمل أجيرًا لرجل دباغ، وفي كل يوم آكل خبزًا قليلاً وبباقي أجرتي أتصدق للفقراء والمساكين نساء ورجال.. حتى هذا الماء الذي أحمله،  أحمله لهم كل يوم قبل أن أمضي إلى شغلي، وهم قوم فقراء ليست لهم قدرة على شراء الماء من السقا، وأقوم في مثل هذه الساعة المبكرة من كل صباح لأملأ جرتي ماء وأوزعها على الكهول والمرضى، الذين أقعدتهم الشيخوخة أو المرض عن القدرة على استجلاب الماء لأنفسهم، ولما أنتهي من خدمتي هذه أعيد قربتي إلى البيت، وأذهب إلى عملي، وباقي النهار أعمل دباغًا في المدبغة، وليلي قائم أصلي، وهذه هي حياتي، وأنا أطلب منك يا أبي ألا تحكي ما أخبرتك به لأحد، فليست لى مقدرة على تحمل مجد الناس، بل الذي أقوله لك افعله؛ اخرج أنت وكهنتك وشعبك كله إلى الجبل الذي يقول لك الملك عنه، ومعكم الأناجيل والصلبان والمجامر والشمع الكبير، وليقف الملك وعسكره والمسلمين في جانب، وأنت وشعبك في الجانب الآخر، وأنا خلفك واقف في وسط الشعب بحيث لا يعرفني أحد، واقرأ أنت وكهنتك وصيحوا قائلين: "يارب إرحم.. يارب إرحم" ساعة طويلة ثم اصدر أمرًا بالسكوت والهدوء، وتسجد ويسجدون كلهم معك، وأنا أسجد معكم من غير أن يعرفني أحد، وافعل هكذا ثلاث مرات، وكل مرة تسجد وتقف ثم تصلب على الجبل فسترى مجد الرب"..
فلما قال هذا القول هدأت نفس البطريرك بما سمعه. وجمع البطريرك الشعب وذهبوا إلى الخليفة المعز وقالوا له: "اخرج إلى الجبل" فأمر جميع عساكره ومشيريه وحكماؤه ووزراؤه وكتبته وجميع موظفي الدولة بالخروج، وضربت الأبواق وخرج الخليفة ورجاله وفي مقدمتهم موسى اليهودي.. وفعل البابا كما قال سمعان الدباغ، ووقف المعز ورجاله في جانب وجميع النصارى في جانب آخر، ووقف سمعان الرجل التقي خلف البطرك بثيابه الرثة، ولم يكن في الشعب يعرفه إلا البطرك وحده وصرخوا "يارب ارحم" مرات كثيرة ثم أمرهم البابا بالسكوت، وسجد على الأرض وسجدوا جميعًا معه ثلاث مرات، وكل مرة يرفع رأسه يصلب على الجبل كان الجبل يرتفع عن الأرض، وظهرت الشمس من تحته، فإذا سجدوا نزل الجبل والتصق بالأرض، وحدثت زلزله ارتجت لها كل جهات الأرض، فخاف المعز خوفًا عظيمًا وصاح المعز ورجاله: "الله أكبر لا إله غيرك" وطلب المعز من البطرك أن يكف عن ذلك لئلا تنقلب المدينة رأسًا على عقب. ثم قال المعز بعد ثالث مرة: "يا بطرك عرفت أن دينكم هو الصحيح بين الأديان".
فلما سكن الناس وهدأوا التفت البابا خلفه يبحث عن سمعان الدباغ الرجل القديس فلم يجده ثم قال المعز للبطرك أنبا إبرآم: "تمنى أي أمنية" فقال البابا: "أتمنى أن يثبت الرب دولتك ويعطيك النصر على أعدائك" وسكت البطرك فكرر المعز ما قاله ثلاث مرات وأخيرًا قال: "لابد أن تتمنى عليَّ شيئًا" فقال البطرك: "إذا كان لا بد فأنا أسأل مولانا أن يأمر إن أمكن من بناء كنيسة الشهيد العظيم أبو مرقورة في مصر القديمة، لأنها لما هدموها لم يكن بإمكاننا أن نبنيها مرة أخرى، وحولوها شونة قصب، والمعلقة بقصر الشمع انهدمت حوائطها وظهرت الشروخ فيها، فأطلب الإذن بترميمها وإعادة ما تهدم منها". فأمر المعز فى الحال بأن يكتب سجل (أمر مكتوب من الخليفة) بالتصريح له بذلك. فلما قرأ سجل الخليفة عند أرض كنيسة القديس مرقورة لتنبيه المسلمين، فاجتمع أوباش الناس (العامة) فعاد البطرك للمعز وأخبره بما حدث، فغضب لذلك فركب حصانه في الحال ومعه عساكره حتى وصل إلى مكان الكنيسة، فوقف وأمر بحفر الأساس، فحفر بسرعة كبيرة، وجمعوا البنائين وحملت إليه الحجارة من كل مكان، بأمر الملك المعز، وبدأوا يبنون، فلم يجسر أحد أن ينطق بكلمة إلا شيخ واحد كان يجمع هؤلاء الباعة في الجامع ويصلى بهم ويحرضهم ويدفعهم لهذه الأعمال، فألقى هذا الشيخ نفسه في حفرة أساس الكنيسة وقال: "أريد اليوم أن أموت على اسم الله ولن أدع أحدًا يبني هذه الكنيسة"، ولم يكن المعز موجودًا فذهب إلى هناك وأمر بأن ترمى الحجارة ويبنى فوقه، فلما بدأ العمال برمي الجير والحجارة عليه، أراد أن يقوم ويهرب فلم يسمح له جنود المعز بذلك، لأن المعز أمر بدفنه في الأساس الذي رمى نفسه فيه.
ولما رأى البابا القبطي ذلك نزل عن دابته وذهب إلى المعز يترجاه حتى يعفو عنه، وظل يترجاه والعمال يرمون فوقه الحجارة والطوب، حتى أمر بإصعادة من الأساس، وبمجرد أن لمست قدمه سطح الأرض حتى جرى وأفلت بعد أن أشرف على الموت، وعاد المعز إلى قصره فلم يجسر أحد من المسلمين أن ينطق بحرف واحد، إلى أن انتهى بناء كنيسة الشهيد أبي سيفين، وكذلك رمم وأصلح الكنيسة المعلقة، وبنا كل الكنائس التي تحتاج إلى بناء أو تكملة، وكذلك كنائس الإسكندرية بنى فيها أماكن كثيرة، ولم يعترضه أحد من المسلمين.

الخليفة العزيز بالله الفاطمي
وفي سنة 365 هـ - 386هـ، 975 م – 996م ترك المعز لدين الله الخلافة فخلفه ابنه وكان اسمه "نزار أبو منصور العزيز" وأطلق عليه اسم "العزيز بالله" حسب عادة الفاطمين عندما يتولى أحد خلفائهم الحكم فيعطونه اسماً منتسبًا لله، ويقول بعض المؤرخين أن المعز تنازل عن الخلافة لابنه، ولما كان العزيز صغيرًا في السن، ولم يكن له معرفه بالأمور السياسية، وقيادة الجيش فأعاد تعيين جوهرًا على قيادة الجيش، فأظهر اللين والرفق في معاملة المصريين فأحبه العامة والخاصة، وكان العزيز باسلاً وسيمًا شهمًا عظيم الجسم، قوي المنكبين، مولعًا بالصيد ماهرًا فيه، كما كان قائدًا شجاعًا وحاكمًا مدبرًا لأمور شعبه، وفوق هذا كله كان مرهف المشاعر، ميالاً إلى السلام ذا طبيعة سلسة، يمقت إراقة الدماء، وينفر من التخاصم، وكان أيضًا يعطي لكل ذي حق حقه، ويضع الإنسان المناسب في المكان المناسب، بغض النظر عن عقيدته، ويقول المؤرخون المسلمون: "إنه كان مثل أبيه شديد التسامح مع المسيحيين، وكثيرًا ما كان يجلس يستمع للمناقشات الدينية بين المسلمين والمسيحيين، وبين المسيحيين واليهود، وجدد للمسيحيين كنيسة أبي سيفين، بعد أن كانت مستترة في شكل مخزن للبضائع" وكلمة "التسامح" لا تنطبق على حقوق المساواة بين أبناء مكان واحد ووطن واحد، وعين "يعقوب بن كلٌِس" وزيرًا كان يهودي إسرائيلي العقيدة، ثم اعتنق الإسلام، كما عين رئيس كتابه نصرانيًا نسطوريًا إسمه "عيسى بن نِسْطُورس".
وقال "المقريزي" في "المواعظ والاعتبار في ذكر الخطب والآثار" الجزء الثاني ( 70 من 167 ): "وقام من بعده ابنه :‏ العزيز بالله أبو منصور نزار فأقام في الخلافة إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر ونصفًا ومات وعمره اثنتان وأربعون سنة وثمانية أشهر وأربعة عشر يومًا، في الثامن والعشرين من رجب سنة ست وثمانين وثلثمائة بمدينة بلبيس، وحمل إلى القاهرة‏، وبمضي الزمن صار كل شئ في قصرة فخمًا من حاشية وموائد ودواب.. وقد قيل: "إن خيوله كانت تُكسىِ الزرد المطعم بالذهب، وتغطى بأقمشة مرصعة بالجواهر ومعطرة بالعنبر" إلى غير ذلك من أنواع الفخامة والترف.
ويقول "جاك تاجر" في كتابه "أقباط ومسلمون": "أنه في خلافة العزيز وبعدها نرى السلطة هي التي تولي العمل ببناء الكنائس للنصارى، وتسهر على حراسة العمال، إذا اقتضى الحال ذلك، وبينما كان المؤرخون النصارى يهللون لوالٍ لم يظلم أبناء جلدتهم، عمل العزيز على إلغاء الفوارق الاجتماعية بين المسلمين والأقباط". ويقول تاجر: "كان العزيز قد تزوج من امرأة نصرانية من طائفة الملكيين (الأروام) وأنجب منها ضمن ما أنجب بنتًا أسماها "ست الملك " وكانت أخلاقها تشبه أخلاق والدتها، أو بمعنى آخر كانت تعطف كثيرًا على النصارى، وكان العزيز يحب زوجته وابنته حبًا جمًا ويعمل برأيهما إلى حد جعله يصدر أمرًا مخالفًا للقانون وهو تعيين "أرسين" و "أرستيد" من طائفة الملكيين بطريركين؛ الأول على الإسكندرية والآخر على أنطاكية وأورشليم.
الرب معكم




كن في قلب الحدث... انقر هنا لتحميل شريط الأدوات الخاص بالموقع لتصلك الأخبار لحظة حدوثها



تابعونا على صفحتنا علي الفيسبوك
رابط دائم :
المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع
تقييم الموضوع :