الأقباط متحدون - ميقدرش!
  • ٢٣:٣١
  • الجمعة , ١٦ ديسمبر ٢٠١٦
English version

ميقدرش!

مقالات مختارة | حمدي رزق

٢٣: ٠٨ ص +02:00 EET

الجمعة ١٦ ديسمبر ٢٠١٦

حمدي رزق
حمدي رزق

بعيداً عن الملاسنات الدائرة حالياً بين أنصار تعديل الدستور ، وجماعة صون الدستور، تجاهل الطرفان حقيقة أن الرئيس قبل أيام تعهد باحترامه الكامل لنصوص الدستور، وأطلق فى فضاء قاعة «الحوار الشهرى للشباب» صيحته المدوية: «طبقاً للدستور».

الرئيس فى إعلان صريح وقاطع قال: «اللى بيكلمكوا (رئيس الجمهورية) ميقدرش يقعد فى مكانه يوم زيادة، يمشى طبقاً للدستور، ومكنش حد يقدر يقول ده ولا يفكر فيه»!!

لم يجد الرئيس غضاضة فى أن يقول لنفسه بنفسه «يمشى» بلهجة قاطعة غاضبة ليقطع الألسنة التى طالت واستطالت تغازل الرئيس بتمديد الفترة الرئاسية عدواناً على الدستور، قال قاطعاً: اللى بيكلمكوا.. يعنى الرئيس المعنى بالأمر، أعلى سلطة، ميقدرش يقعد فى مكانه يوم زيادة!

هكذا برهن الرئيس على احترامه للنص الدستورى، يمشى طبقاً للدستور، والمعنى واضح وظاهر وجلى وليس فى حاجة لاجتهادات ولا تفسيرات ولا عنعنات ولا مرويات، بل من فم الرئيس نفسه وفى محفل عام وعلى رؤوس الأشهاد وسمعه الجميع، وكأنه يتعهد مجدداً، وفى تجديد للعهد باحترام الدستور.

معنى احترام الرئيس للدستور فى تحديده لمدد الرئاسة بمدتين، وكل مدة أربع سنوات، وهذا ما يخص الرئيس شخصياً، ينسحب على كل مواد الدستور، التى تتلمظ لتغييرها شخصيات وقوى سياسية وجماعات وضعت نصب أعينها أولاً إشانة سمعة الدستور ووصمه بالعوار، ودأبت على تجسيد عيوبه وقصوره يوماً بعد يوم، رغم أنه لم يُختبر بعد، ويتجدد الحديث مع كل أزمة ومحنة تلم بالوطن، وكأن الدستور مصدر كل الشرور!

ما يعنينا من هذا التعهد الرئاسى أن أعلى سلطة فى البلاد لا تستبطن تغييراً للدستور، ولو لنفسه، ولا تدعو سراً أو علانية ولا تُوعِز لكتائب أو جماعات بالعمل على تغيير الدستور، وإذا كان عليه، على الرئيس، هيمشى ولن يقعد مكانه يوماً زيادة طبقاً للدستور، فليمتنع المزايدون باسم الرئيس، وباسم المصلحة العامة، وباسم البلاد التى احتكروا الحديث باسمها طويلاً وكأنها سلعة ناقصة فى الأسواق السياسية.

بعد هذا التصريح القاطع من الرئيس فلندع الدستور فى حاله حالياً، ونتفرغ لتجسيد الدستور على الأرض، ووضع مواده محل التطبيق، ولنكف الأذى عن الرئيس، عجباً أن يكون بين الصفوف سيساوية أكثر من الرئيس السيسى، وكأنهم أحَنّ على الرئيس من نفسه، وأقرب إليه من نفسه، فى عملية احتكارية للرئيس، الذى يجتهد بإخلاص فى إثبات أنه رئيس كل المصريين.

وحتى المعارضين لحكمه فيما عدا القتلة والإرهابيين لهم نصيب فى العمل الوطنى، وتغيير حادث يؤشر على حدوثه، ومراجعة الدعوات الرئاسية فى المناسبات الوطنية تبشر بانحسار التصنيف السياسى، والسعى إلى حدوث ائتلاف وطنى من حول القضايا الأساسية التى تشكل تحديات الوطن فى المرحلة الراهنة.

التعهد الرئاسى باحترام الدستور فى قاعة الحوار الشهرى للشباب يهدئ مخاوف، ويمحق مظان خشية تغيير مخطط للدستور يُعد له فى الغرفة الخلفية من البرلمان، احترام الرئيس لما يخصه فى الدستور يوطئ لوضع الدستور فى مكانه الصحيح حَكَماً بين السلطات ومحدداً للسلطات، ويهيئ الفرصة سانحة لاختبار كفاءة هذا الدستور فى صياغة مستقبل البلاد، انطلاقاً من احترام الرئيس لقواعد التغيير، التى استنَّها الدستور فى قمة السلطة فى مصر.

كما يبرهن على احترام تام لإرادة الشعب المصرى، الذى وافق على الدستور ككل، فى واحدة من الخروجات الوطنية لهذا الشعب العظيم، بما لا يحتمل عبثاً بهذه الإرادة الشعبية التى تجسدت ثورة على الأرض، واحترامها واجب على كل وطنى، وفى مقدمتهم رئيس الجمهورية كما تعهد دوماً.
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع