الأقباط متحدون - تفجيرات الكنيسة.. وابن ترامب.. والحرب على الإرهاب
  • ١٤:١٨
  • الاربعاء , ١٤ ديسمبر ٢٠١٦
English version

تفجيرات الكنيسة.. وابن ترامب.. والحرب على الإرهاب

مقالات مختارة | منى مكرم عبيد

٢٩: ٠٨ ص +02:00 EET

الاربعاء ١٤ ديسمبر ٢٠١٦

منى مكرم عبيد
منى مكرم عبيد

تلقيت بصدمة أنباء حادث تفجير البطرسية الأليم، بعد عودتى للقاهرة بعد حصولى على منحة لمدة شهر من جامعة ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT (Massachusetts Institute of Technology، والتى تعد من أبرز الجامعات الأمريكية، وشاءت الأقدار أن ألتقى قبل السفر للولايات المتحدة دونالد ترامب جونيور (الابن)، فى العاصمة الفرنسية باريس، فى 11 أكتوبر الماضى، وركزت معه على ضرورة مكافحة الإرهاب فى حال فوز ترامب، وأهمية تقديم يد العون لمصر فى إطار الحرب الشرسة التى تقودها ضد الإرهاب، والذى انتقل من سيناء لعدد من المحافظات حتى وصل لقلب العاصمة، وهو ما يزيد العبء على الأجهزة المصرية التى تواجه الإرهاب دون دعم أو سند دولى، وهو ما يبعث برسالة سلبية للنظام السياسى ورسائل إيجابية للمتطرفين للاستمرار فى تنفيذ جرائمهم.

وترامب الابن منفتح سياسيا واقتصاديا على الخارج، فهو خريج Wharton Business School، وأكدت له أن والده له شعبية كبيرة فى مصر نتيجة الدور السلبى لإدارة أوباما، ولابد من مد يد التعاون مع الرئيس السيسى، واستعادة العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، خاصة أن الشارع المصرى لم تعد لديه ثقة فى الإدارة الأمريكية الحالية، وأن من الممكن قبول تصريحات ترامب بشأن الهجرة غير الشرعية فى إطار دغدغة مشاعر الجماهير فى الحملات الانتخابية، وإن كانت هذه التصريحات سوف يتراجع عنها إبان توليه المهمة، وكان منصتا لكل ما قلته، وواعدا بنقل صورة صحيحة عما يجرى فى مصر، خاصة أنه كان العقل المفكر لحملة ترامب الانتخابية.

وتناقشت مع ترامب جونيور، وبحضور رندا قسيس، المعارضة السورية، ورئيسة حركة المجتمع التعددى، وزوجها فابيان بوسار، رئيس «المركز السياسى والعلاقات الدولية» الفرنسى، وتناولنا الحديث بشأن الحل السياسى للأزمة السورية، ومدى إمكانية قيام ترامب فى حال فوزه بلعب دور مختلف عن أوباما، والتنسيق مع موسكو فى هذا الشأن، خاصة أن التغيرات على الأراضى السورية أكدت استحالة التوصل لحل سياسى بدون موسكو.

وتناقشت معه حول ميول المزاج العام للمجتمع المصرى مع ترامب، خاصة أن كلينتون كانت ستعمل وفقا لأسلوب الإدارة الأمريكية الحالية من حيث وضع مزيد من العقبات والشروط قبل التعاون مع النظام المصرى، على عكس ترامب الذى أكد أن مصر ستكون دولة صديقة وليس حليفا استراتيجيا فقط فى حال فوزه، وتأكيده على دعوة السيسى لزيارة البيت الأبيض، على العكس من موقف أوباما/ كلينتون.

ومن فرنسا إلى الولايات المتحدة، بدأت المنحة مع رصد أجواء الانتخابات الأمريكية، وما لاحظته من عزوف فئات كثيرة عن التصويت بسبب ما مرت به الانتخابات من مواقف سخيفة ومحرجة بسبب تراشق كل من كلينتون وترامب، حتى إن الكثير حينما ألتقيهم فى مناسبات مختلفة يعتذرون عما تمر به حملات المرشحين، حتى وجدت نفسى أقول لأحدهم إن هذه انتخابات فى جمهورية الموز وليس أكبر دولة بالعالم، حتى تمكن ترامب من تضييق الفجوة بينه وبين كلينتون لتتزايد فرصه فى الفوز، حتى تابعنا ما جرى فى الانتخابات من خلال شاشات عرض فى الجامعة تنقل كل ما فى الانتخابات حتى الثالثة صباحا، ليكتب ترامب تاريخا جديدا ليس فقط فى الولايات المتحدة، وإنما فى العالم كله.

وبتحليل ما حدث يتضح أن الفئات التى انتخبت ترامب لديها مشروع أمريكى واضح يقوم على استعادة هيبة أمريكا ومكانة الرجل الأبيض واستعادة أدوات الإنتاج الأمريكية المهاجرة، كما كشف الماراثون الانتخابى الأمريكى أنه سيكون علامة فارقة فى التاريخ الأمريكى، كما أنه يشكل ظاهرة جديدة برزت فجأة لتخيف دولاً وزعماء، وهو ما برز من خلال تأكيده على أنه سيعيد لأمريكا مجدها.

وكالعادة خلال ذهابى إلى نيويورك أتلقى دعوة غداء من كبيرة محررى واشنطن بوست Lally Weymouth، والتى سبق أن شغلت منصب المراسل الدبلوماسى الخاص لمجلة نيوزويك، التى كانت تمتلكها عائلتها، وأجرت عدة حوارات مع الرئيس عبدالفتاح السيسى، وتحدثنا عن مستقبل العلاقات المصرية- الأمريكية بعد وصول ترامب للسلطة، وألمحت لى بأنه من المهم أن تجرى مصر إصلاحات سياسية والاهتمام بملف حقوق الإنسان والحريات حتى لا يعرقل هذا الملف أى خطوات من ترامب لتعزيز العلاقات مع نظام السيسى، وشددت على أن مصر بحاجة إلى تحسين صورتها بالخارج Rebrand Egypt، وطلبت منها زيارة مصر قريبا.

ثم شاركت بمحاضرة حول التوازن بين الأمن والحريات، فى المجلس الوطنى للعلاقات الأمريكية العربية بواشنطن، فى إطار سياسة الإدارة الأمريكية الجديدة، بحضور الجنرال ديفيد بترايوس، المدير السابق لوكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA، ووزير الدفاع السابق تشاك هيجل، والأمير تركى الفصيل، وسفير الإمارات فى واشنطن يوسف العتيبة، ومحمد أبوالعينين، رجل الأعمال، وعدد من السياسيين والجنرالات، وتبين لى من النقاش والحوارات الثرية أن الجنرالات أفضل من السياسيين لما يملكون من تواجد حقيقى على الأرض، فى ظل تزايد الهوة بين حديث النخبة وهموم الشارع، وركزت على ضرورة مساعدة مصر فى حربها على الإرهاب، خاصة القضاء على الإرهاب فى سيناء، فى ظل إشكالية التوازن بين الأمن والحريات، وأنه من المهم دعم مصر فى هذه الحرب الشرسة.

وعدت للقاهرة محملة بكثير من الآمال التى يمكن أن تقوم بها الإدارة الأمريكية الجديدة، وكيف سيتعامل العالم الخارجى معها، فى ضوء تشكل أنظمة سياسية جديدة فى أوروبا، سواء فى فرنسا بعد تراجع اليسار، وكذلك فى ألمانيا بعد تراجع ميركل بسبب سياستها تجاه المهاجرين، وكذلك خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبى، وغموض موقف إيطاليا من الاتحاد الأوروبى بعد استقالة رئيس الوزراء الإيطالى، وبزوغ نجم شخصيات تمد يد التعاون لبوتين مثل فرنسوا فيون، مرشح يمين الوسط فى فرنسا، للانتخابات الفرنسية، وهو ما ينبئ بأننا على موعد مع نظام عالمى فى طور التفكك بسبب عدم اليقين على آفاق العام المقبل بعد تفاقم موجة النعرة الشعبوية فى أوروبا، وما يهمنا هنا هو السياسات الغربية تجاه العالم العربى.

*برلمانية سابقة وأستاذ العلوم السياسية
نقلا عن المصري اليوم

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع