الأقباط متحدون - غضبة على الدم المسكوب
  • ١٢:٥٥
  • الثلاثاء , ١٣ ديسمبر ٢٠١٦
English version

غضبة على الدم المسكوب

مقالات مختارة | د. محمود خليل

١٨: ٠٩ ص +03:00 EEST

الثلاثاء ١٣ ديسمبر ٢٠١٦

د. محمود خليل
د. محمود خليل

ما معنى أن يرفض أهالى شهداء الكنيسة البطرسية المسئولين الحكوميين والقيادات الأمنية ومجموعة من الشخصيات الإعلامية من الدخول إلى الكنيسة، بعد لحظات من التفجير الغادر؟ مشاهد متنوعة نقلتها المواقع الإعلامية لأشكال مختلفة من المنع مورست من جانب المتجمهرين حول الكنيسة ضد كل الشخصيات المعروفة التى ذهبت إلى هناك، وصلت فى بعض الأحوال إلى حد الاعتداء. تفسير هذا الأمر بسيط للغاية ملخصه أن «المجاريح يشعرون أنهم وحدهم»، وأن كل من يطرق بابهم لا يقصد المواساة، ولا يتحرك مدفوعاً بتعاطف حقيقى وإحساس بحجم المصيبة التى يعيشها هؤلاء، قدر ما يستهدف إثبات الحالة -على مستوى المسئولين- أو استغلال الموقف والطنطنة به -بالنسبة للإعلاميين- هكذا بدون مواربة!.

الأمن الذى يتفاجأ ليس بأمن، كثيرون تحدثوا عن 12 كيلو متفجرات دخلت إلى الكنيسة بمعرفة سيدة، فى غفلة من الجميع. لم يكن هناك دور يذكر للأمن ولا لإجراءات التأمين، وإلا لماذا وقع الحادث الإرهابى الأليم؟ الأمن تحرك كالعادة بعد أن وقعت الواقعة وتناثرت الأشلاء، وجرت شلالات الدم. نفس الكلام التقليدى الذى نسمعه مع كل اعتداء إرهابى: الأمن ضرب كردوناً حول المكان، وجارٍ تمشيط محيط الواقعة، وتصريحات لشخصيات مسئولة تؤكد أن البحث عن الجناة يجرى على قدم وساق. كلام محفوظ نسمعه فى كل مرة. الناس سئمت!، ومن رفضوا دخول المسئولين والأمنيين إلى موقع التفجير أناس يشعرون أن الحكومة تركتهم لحالهم، وأنهم يتحركون لمجرد الظهور فى الكادر، ولكن بعد خراب مالطة. عندما تهدر الدماء تتكشف الحقائق الكامنة فى النفوس. ورغم بعد الشقة ما بين الواقعتين، فإننى أسأل كيف لمواطن قبطى أن يتفهم أى دور للأمن فى سياق هذه الكارثة، ولم تمضِ أيام على إعلان تقرير الطب الشرعى الذى أكد أن المواطن «مجدى مكين» مات بالتعذيب على يد ضابط وأمناء قسم الأميرية؟!.

هدف الإعلاميين الذين تدفقوا إلى موقع الحادث معروف، فهم يحملون خطاباً ثابتاً، ملخصه أن الشعب يقف لُحمة واحدة وراء قيادته فى مواجهة الإرهاب، التركيز الإعلامى فى مثل هذه الأحوال لا يخرج -فى الأغلب- عن هذا السياق، وسقف اجتهاده يرتبط بالتأكيد على الجهود التى تبذلها السلطة ضد إرهاب الإخوان. والسؤال هل فى إمكان الأهالى المفجوعين فى ذويهم وأخواتهم تقبل مثل هذه المشاهد المصنوعة؟. هل يريد الإعلاميون أن يصنعوا مشاهد خدمية فى سياق كهذا؟. هل من المتوقع أن يتعامل الأهالى معهم بغير ما تعاملوا به؟. التجاوز مرفوض بالطبع، لكن الناس معذورة. فليس بمقدور أحد أن يتقبل فكرة صناعة المشاهد على الدماء المهدرة. وطالما جاءت سيرة المرحوم «مجدى مكين»، فلنا أن نسأل: هل دار بخلد الأهالى الذين منعوا الإعلاميين من الوصول إلى موقع التفجير أن هذا الإعلام لجأ بالأمس إلى التعتيم على واقعة «مكين» وأفرط فى تزييفها وزعم أن الرجل مات بسبب مرضه بالسكر والضغط، وليس جراء التعذيب. الناس معذورة حين تربط هذا الشتات ببعضه البعض وهى تقف رافضة دخول الأمنيين والمسئولين والإعلاميين إلى موقع إهدار الدم البرىء على يد الإرهاب الغاشم.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع