الأقباط متحدون - ما وراء استهداف الكنيسة البطرسية
  • ١٦:٢٣
  • الثلاثاء , ١٣ ديسمبر ٢٠١٦
English version

ما وراء استهداف الكنيسة البطرسية

مقالات مختارة | لطفى سالمان

١٥: ٠٩ ص +03:00 EEST

الثلاثاء ١٣ ديسمبر ٢٠١٦

لطفى سالمان
لطفى سالمان

تشير طبيعة عملية استهداف الكنيسة البطرسية، المتاخمة للكاتدرائية المرقسية فى العباسية، إلى أن المسئول الأول عن العملية، هى المجموعة المسماة بـ«داعش مصر»، التى برز اسمها خلال العام الماضى، بعد استهداف مبنى أمن الدولة فى شبرا والقنصلية الإيطالية فى وسط القاهرة، علاوة على عمليات أخرى لم تعلن مسئوليتها عنها، بالرغم من تأكيد عناصر داعش، على مواقعهم، أنهم المسئولون عنها. وتشكلت هذه المجموعات مما يعرف بـ«خلايا الوادى»، وهى المجموعات الإرهاربية، التى تشكلت فى بعض مدن الدلتا، من قبل تنظيم أنصار بيت المقدس، عام 2013، فى محاولة للخروج من سيناء، لمناطق أخرى، وكان أبرز خلاياها «عرب شركس»، وخلية الدقهلية التى استهدفت مديرية أمن الدقهلية، إلا أن قوات الأمن نجحت فى استهداف هذه المجموعات وتصفيتها، غير أن ما تبقى من فلول هذه المجموعات تكون من جديد، مع بعض من شباب الإخوان، الذين رأوا فى تنظيم داعش نموذجاً ملهماً للانتقام من النظام المصرى.

وكان لهشام عشماوى، الضابط المفصول من الخدمة، دور فى تشكيل هذه الخلايا، خصوصاً الخلية التى حاولت استهداف اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية السابق، غير أن عشماوى انفصل عن أنصار بيت المقدس، بعدما أعلنوا البيعة لتنظيم داعش، وشكل مجموعة جديدة باسم «المرابطين»، ما دفع عناصر داعش فى ليبيا للدعوة صراحة لقتله، لموقفه من التنظيم وقتاله ضدهم فى ليبيا بعد فراره من مصر. وفى مارس الماضى، أعلنت صفحة «صوت الإخوان» عن انضمام 7 مجموعات نوعية (مجموعات عنف) لتنظيم داعش فى سوريا.

وشهدت مصر، خلال العام الحالى، حالة من الاستقرار الأمنى، مقارنة بالعامين الماضيين، على الرغم من بعض العمليات المتفرقة، بين الحين والآخر. وعاد الهدوء لمدينة الشيخ زويد مرة أخرى، بعد نجاح قوات الجيش فى فرض السيطرة الأمنية عليها، التى شهدت عامى 2014 و2015، عمليات عدة من قبل عناصر تنظيم أنصار بيت المقدس، إلا أنه مع نهاية العام الحالى، برزت حركات عنف بعضها محسوب على جماعة الإخوان مثل حركة «حسم»، التى استهدفت العميد عادل رجائى، وحاولت استهداف الدكتور على جمعة، مفتى الجمهورية السابق، وحركة لواء الثورة، التى استهدفت كمين السادات، فى محافظة المنوفية. وجزء من دلالات عملية الكنيسة، هو محاولة التنظيم التأكيد أنه لا يزال موجوداً وقادراً على تنفيذ عمليات، فى ظل الضربات الأمنية الكبرى التى يتعرض لها. ويعانى تنظيم داعش الأم، فى سوريا والعراق، كما يعانى تنظيم أنصار بيت المقدس، الذى أعلن الولاء للتنظيم الأم فى أكتوبر 2014، من خسائر فادحة فى القيادات والأسلحة نتيجة للنجاح الأمنى فى سيناء. واستطاعت قوات الأمن تصفية العديد من قيادات التنظيم فى سيناء، وأبرزهم أبوأسامة المصرى، شرعى التنظيم، الذى ظهر فى العديد من الفيديوهات يتوعد الجيش المصرى، بينما هرب شادى المنيعى، لقطاع غزة منذ فترة طويلة.

وفى فبراير 2015، نجح فرع تنظيم داعش فى ليبيا فى ذبح 21 قبطياً مصرياً، وقال إن عملية الذبح انتقاماً لكامليا شحاتة ووفاء قسطنطين. ونشر التنظيم فى العدد السابع من مجلة «دابق» التابعة له، موضوعاً بعنوان: «الانتقام من الأقباط فى مصر»، وقال فى الفقرة قبل الأخيرة، إن عملية الذبح هذه نظراً لدعمهم للرئيس عبدالفتاح السيسى، مؤكداً أن الأقباط فى مصر مستهدفون، داعياً لـ«طردهم من ديارهم». وتعود قصة كاميليا شحاتة ووفاء قسطنطين إلى السنوات الأخيرة من عهد الرئيس الأسبق حسنى مبارك، حيث خرجت شائعات تفيد اعتناق السيدتين القبطيتين الإسلام، وروجت جماعات سلفية أخباراً مفادها أن الحكومة المصرية رفضت حمايتهما بعد إشهار إسلامهما وسلمتهما للكنيسة منعاً للفتنة ودرءاً لأى خطر يهدد الوحدة الوطنية. ورغم تأكيدات الدولة بعدم اعتناق السيدتين الإسلام إلا أن الجماعات السلفية هددت بقتل الأقباط والبابا شنودة نفسه، بابا الأقباط آنذاك.

وفى 30 يونيو الماضى، أعلن تنظيم أنصار بيت المقدس فى سيناء، مسئوليته عن استهداف القس موسى عزمى، وقال فى بيانه، إن الأقباط فى مصر مستهدفون، وأن «هذه العملية لها ما بعدها».

واختيار ذكرى المولد النبوى، يوماً للعملية، فيه دلالة واضحة على أن التنظيم يريد أن يروج للقضية دينياً، وأن هذه العملية تمت تجاه من يسميهم بـ«النصارى»، الذين وقفوا إلى جانب الرئيس عبدالفتاح السيسى. كما يريد التنظيم استخدام القصة سياسياً، من خلال محاولة خلخلة القوى السياسية المحيطة بالرئيس، التى يعتقد التنظيم أن الأقباط يمثلون فيها قطاعاً واسعاً.

وتأتى عملية استهداف الكنيسة البطرسية، بالتزامن مع عمليات أخرى فى بغداد وسوريا ونيجيريا وإسطنبول. ويريد التنظيم من خلال كل هذه العمليات التأكيد أنه ما زال موجوداً على الرغم من خسارته لمناطق كبيرة فى العراق وسوريا ومقتل كبار قياداته من العسكريين والشرعيين، وربما يخطط التنظيم الأم لتنفيذ عمليات إرهابية فى أوروبا بالتزامن مع احتفالات أعياد الميلاد.
نقلا عن الوطن

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع