هل المسيحية تحتاج إصلاح خطابها الديني ؟!!
نبيل المقدس
الاثنين ١٢ ديسمبر ٢٠١٦
نبيل المقدس
المسيحية ليست بديانة لكي تحتاج ما بين كل فترة و فترة عملية يُطلق عليها " إصلاح الخطاب الديني " طبقا للظروف المتغيرة غصب عن عيون "إللي خلفونا " , لأن هذا التغيير هو طبيعة الحياة التي صممها وخلقها الله .. المسيح لم يأتي إلينا لكي يُلقي علينا بديانة و شريعة التي هما الإثنين مع بعضهما البعض ما إلا حجر عثرة في طريق التقدم والإنطلاق إلي الحياة الأفضل والتي ينشدها الله خالق الكل لنا , والتي خلقنا الله لكي نحسن فيها ونطورها بالعمل وبالإيمان الحقيقي الطاهر تحت إرشاده.
ومن الخطأ ان نسمي الذين يتبعون مسيح الله بالمسيحيين أو حتي بالنصاري .. فالإنسان إبن الله , ومن خليقته ومن صنعه .. الله أنعم على الإنسان وحده بامتياز عظيم جدًا، لم يُنعم به على أية من المخلوقات الأخرى. فجعل في الإنسان عقلًا وإرادة وحرية وإبداعًا وقدرة على التخاطب وحبًا وكلها صفات شبيهة بالصفات الموجودة فيه.. فجعل الله كل إنسان أن يكون حر وخلاق لأنه مخلوق على صورة الله الحر الخالق. لذلك تم إطلاق إسم المؤمنين علي كل مَنْ يتبع المسيح .. بنفس الصفات الإلهية .. وهذا يعني أن الإنسان جاء بصفات وإخلاقيات الله الحميدة .. فمعرفة الله أتت لأغراض أسمي بكثير من تعليم الأخلاقيات .. فالأخلاقيات موجودة من وقت وجود الإنسان .. الأخلاقيات والقيم تُولد مع الشخص .. لكن تصحبها بذرة الخطية " الميل لفعل الخطية ".. ويصير الناس في صراع داخلي بين أعمال البر وأعمال الشر .. الله عرّف الناس بنفسه في اوائل الخليقة عن طريق الأنبياء .. حتي جاء الكلمة وخَيّمَ في وسطنا , كانت أعمال الكلمة الخيره نتيجة طبيعته الإلهية .. فهناك عبارة قيلت عن الرب إنه "كان يجول يصنع خيرًا"، (سفر أعمال الرسل 10: 38). إلهنا المحب الذي يحب البشر كان "يجول يصنع خيرًا" وهذا ليس في العهد الجديد فقط بل في العهد القديم أيضًا. الآن وكل أوان. فطريقة الله في العمل هي أن يجول يصنع خيرًا. أي أن الله دائمًا يسير ليفتقد الناس المتعبين ليريحهم. ويفتقد المرضى ليشفيهم, ويعزي الذين في محن , ويقيم الأموات , ويفتح عيون العمي , ويزيح الخطايا من الخطاة . ويشفي المفلوجين .
نحن لا ننسي كلمات المسيح علي الجيل .. كان يلقي كلماته من منبع طبيعته الروحية .. كانت كلماته هي تاكيد وتثبيت فكر وطبيعة الله فينا.. ومن أهم صفة من صفات الله التي أشار إليها رب المجد في تطويباته , والذي إتخذناها شريعة لنا هي " المحبة " .. فنحن نثبت في الحب وقبول الأخر لاطفالنا منذ الصغر .. وينمو ويكبر آخذا شريعة الحب منهجا له و طبيعة حياة .. "الْمَحَبَّةُ تَتَأَنَّى وَتَرْفُقُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَحْسِدُ. الْمَحَبَّةُ لاَ تَتَفَاخَرُ، وَلاَ تَنْتَفِخُ، وَلاَ تُقَبِّحُ، وَلاَ تَطْلُبُ مَا لِنَفْسِهَا، وَلاَ تَحْتَدُّ، وَلاَ تَظُنُّ السُّوءَ، وَلاَ تَفْرَحُ بِالإِثْمِ بَلْ تَفْرَحُ بِالْحَقِّ، وَتَحْتَمِلُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتُصَدِّقُ كُلَّ شَيْءٍ، وَتَرْجُو كُلَّ شَيْءٍ، وَتَصْبِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ. اَلْمَحَبَّةُ لاَ تَسْقُطُ أَبَدًا رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس 12 : 4-8 ".
المسيح لم يوصينا عن ندافع عنه ضد مَنْ يسيء لنا ـ أويسيء له ... بل نتعامل مع المُسيء يالمحبة ألتي تعلمناها منه . لا نتخذ القتل والعنف اسلحة لنشر البشارة .. بل نجعل من يختلف معنا أن يري الله الحقيقي علي وجوهنا وفي أعمالنا .. لم يوصي الله علي ان نغزو ونقتل بلدانا , آخذين حماية أصحاب هذه البلدة تبريرا للنيل بها ونضمها إلي خاصتنا . لم يعلمنا الحقد والغل للآخرين الذين يعيشون معنا .. لم تعتمد القيادات المسيحية علي ما هو مكتوب في الكتاب المقدس فقط , بل أضافوا تعليم كل هذه الصفات الحميدة عمليا من مدارس الأحد إلي إحتماعات الشباب .. فالتعليم والتدريب علي الإخلاقيات من الصغر كالنقش علي الحجر . كما ان وصايا الله تعلمنا دائما أن نتبع العلم والعمل , وكيفية التعايش مع الأخر بإحترام وبالمحبة .. كما تعلم أن لا نتواكل لأن الكسول لا يحبه الله .
تتيح المسيحية ان يتواكب شعبها مع كل هو جديد , إذ كان لا يضر الأخر , ولا يحيدنا عن أساسيات ثوابت عقيدتنا .. نعم المسيحية تتماشي مع الفن والثقافة .. فالمسيحية تشجع الإبداع .. فهناك مثال حي تقوم به الكنيسة الكاثوليكية كل سنة لإختيار ارقي افلام الموسم , واعظم فنان وفنانة ومؤلف ومخرج , لفيلم كامل من جهة الموضوع الذي فيه فوائد وعبر للوطن وشعب الوطن .. كما تهدي لهم هدايا المهرجان . المسيحية دائما في تجديد ومستمرة في التطور .. وتعتبر النواحي الإنسانية والوطنية هي العناصر التي بها تعلم ابنائها كيفية التعامل مع المختلف معه عقيدة او قومية .
المسيحية لا تحتاج إلي إصلاح خطابها .. لأن المسيحية لا تتعامل بالخطب , بل تتعامل بروح الله .. هو الذي يرشد ويهدي إلي الطريق الصحيح .. لأن من البداية لا عيب في نصوصه او لبس في أياته . المسيحية تتعامل مع حياة ولا تتعامل مع نصوص صماء لا تتحرك فالحرف يقتل أما الروح تُحيي .. المسيحية ومبادئها لها الفضل الكبير في وصول العالم إلي الرقي والعلم والوصول إلي كواكب السماء والقضاء علي الكثير من الأمراض.
نعم المسيحية لا تحتاح إلي إصلاح خطابها .. فالمسيحية من نفسها تتطور إلي مستويات روحية كل يوم .