الأقباط متحدون - ما بين بطريرك العرب وبطريرك العالم
  • ٢١:٣٩
  • السبت , ١٠ ديسمبر ٢٠١٦
English version

ما بين بطريرك العرب وبطريرك العالم

د. نجيب جبرائيل

مساحة رأي

٤٨: ١٢ م +02:00 EET

السبت ١٠ ديسمبر ٢٠١٦

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية

نجيب جبرائيل
منذ ما يزيد عن اربع سنوات رحل عن عالمنا المعاصر معلم الأجيال قداسة البابا شنودة الثالث الذى لم يختلف احد في انه كان وما يزال مؤسس الكنيسة المصرية القبطية الحديثة فأن قلنا ان محمد على باشا هو مؤسس مصر الحديثة فالبابا شنودة الثالث هو احد فلاسفة واب الإباء الروحين في العصر الحديث عرف عنه بأن في عهدة انتشرت الكنائس القبطية في العالم شرقا وغربا وشمالا وجنوبا وهو الذى جمع بين عالم الروح والعلم والمعرفة كما عرفت قراراته بالحاسمة والجريئة والشجاعة حتى في مواجه اعطى رؤساء مصر في ظل الرئيس الذى قيل عنه بالرئيس المؤمن والذى قال عن نفسة انه رئيس مسلم لدولة مسلمة فكان مصير البابا شنودة التحفظ علية ( السجن ) بدير الانبا بشوى بوادى النطرون والتي قال عنها البابا انها ازهى سنوات عمرة اذ الف فيها امهات الكتب وقام بالتعمير في هذه الفترة  فيما لم تشهد اى فترة سابقة ما يفعلة البابا شنودة من تعمير وبناء اثناء فترة التحفظ علية .

ولم يعرف عن البابا شنودة انه يوما ما استقوى باجنبى او قابل مسئول غربى ليتحدث فية عن الام وهموم الاقباط واضطادهم وما اكثرها بل كان يظل دائما ينادى الله في كل مشكلة في احداث الكشح والزاوية الحمراء والقديسين وماسبيرو  وكانت دموعة تزرف اثناء اجتماعة الاسبوعى الى الله ويقول قولتة المشهورة أينما ذهبت فأخذكم في قلبى ولكن مع كل تلك الوطنية لبابا ومساندتة للقضية الفلسطينية وحق الشعب الفلسطينة في الرجوع الى ارضه وموافقة القومية والعربية وقرارة الشهير بحظر السفر الى القدس الا مع اخوتنا المسلمين حتى اطلق علية بابا العرب خاصة في منطقة الخليج الذى في عهدة بنيت اكبر كنيسة في أبو ظبى وكنائس في الكويت والبحرين ولبنان والأردن وقطر وليبيا والسودان ومعظم هذه الكنائس كانت تبرع من رؤساء وملوك وامراء هذه الدول اعترافا وتقديرا لموقف البابا المساند للقضايا العربية هذا فضلا عن شخصية البابا المشرفة عندما يفد الى اى دولة في العالم فهو البابا الوحيد الذى اجتمع مع اكبر رئيس دولة في العالم وهو الرئيس الامريكى جيمى كارتر في البيت الأبيض وحصل على اكثر درجة من درجات الدكتوراه الفخرية من اكبر الجامعات في العالم وأخيرا وليس بأخر فقد شهدت جنازة البابا شنودة الثالث خروجا من الاف من المسلمين والمسيحين والمسئولين مالم تشهدة جنازة من قبل سوى جنازة الرئيس الراحل عبد الناصر والفنانة الراحلة ام كلثوم والزعيم الراحل سعد زغلول ولو سمح بخروج الجنازة عقب صلاة الجنازة لأمتلاءت شوارع مصر من الكاتدرائية في العباسية الى ميدان التحرير فقد بكاة المسلمون مثلما بكاة المسيحيون لوطنية ودماثة خلقة وحنوة على المسلم والمسيحى معا .

حقا رحل معلم الأجيال لكن ليبقى علمة وكتبة ومبادئة وشجاعتة وجرأتة وطنيتة نبراثا وشمعة مضيئة عبر كل الأجيال .

ثم لم تمر أربعة سنوات واختارت العناية الإلهية بأرشاد الروح القدس رجلا يعطية الله عمرا مديدا وازمنة سلمية مديدة .

وهو قداسة البابا تاوضروس الثانى بابا الإسكندرية وبطريريك الكرازة المرقسية الذى وبحق في عملة الصامت وفى فترة وجيزة لم يتجاوز اربع سنوات  اتسمت رعويتة بالعمل المنهجى وان قلنا العمل المؤسس وان قلنا بالعمل المعرفى المنظم وان قلنا بالنهج الافتتاحى الذى يدعوا اليه السيد المسيح " الكل الى واحد "

راح تفكير قداستة الى ما هو خارج الصندوق وربما كان هذا يجول في خاطرة لماذا لا نجمع الكل الى واحد لماذا تلك الانقسامات بين الكنائس هل السيد المسيح يريد ذلك ؟

الم يأت للجميع الا ينبغي ان نأتى بمن هم خارج الحظيرة. جئت لا جمع .

لا لا افرق.

 ففضلا عن عمله المؤسسى في الداخل وإقامة علاقات قوية مع مؤسسات الدولة تملائها الثقة والمحبة والاحترام المتبادل كانت رائدها مواقفة الوطنية  ابان ثورة 30 يونية عند حرق 103 كنيسة لم يتزعزع بطريرك الكنيسة وانما كان رابط الجأش يعلم ان حكمتة وصمتة وايلاءة المصلحة العليا للبلاد جعلت رأس الدولة يقدر  مواقف البابا تاوضروس مواقف لابد ان يكون لها في المقابل تقديرا كبيرا لدى الدولة فلا أول مرة  في تاريخ الكنيسة القبطية الارثوذكسية ان يشهد رئيس مصري بعض  من قداس في بعيد الميلاد نفسة لم يحدث ان زار مبارك الكنيسة المصرية طوال واحد وثلاثون عاما هى فترة الرئاسة الا حضور واجب العزاء في رحيل الفريق فؤاد عزيز غالى قائد الجيش الثانى الميدانى في حرب أكتوبر 1973 .

وكان ذلك في الكنيسة مار مرقس في مصر الجديدة وهكذا مع جميع مؤسسات الدولة تظل مواقف البابا تاوضروس محل احترام وتقدير من الكافة .

وعلى الصعيد الدولى والعالمى كان البابا تاوضروس يذكرنا برحلاتة التاريخية الى الفاتيكان واكثر من ثماني دول مع رؤساء كنائسها لبطل الأرثوذكسية القديس اثانسيوس الرسولى عندما ذهب الى المجامع المسكونية يصحح المفاهيم الخاطئة ويوضع لنا قانون الايمان الذى اصبح أساسا لجميع الكنائس.

 ففي تقديرى فان قداسة البابا تاوضروس الثانى قد فكر ماليا

وماذا بعد عن ازدياد فترات الانقسام والتباعد والتفرقة بين الكنائس الشرقية والغربية والارثوذكسية والارثوذكسية الا مزيد من الانقسامات .

وربما مزيدا من الانقسامات وربما مزيد من الانشقاقات وظهور مذاهب وطوائف جديدة فقد كانت الإجابة التي يمليها على نفسة (  الان أقوم واذهب ولنبنى اسوار اورشليم ولا يكن يعد عارا  )

 ( لى خرافا  كثيرة خارج هذه الحظيرة ينبغى ان اتى بها )

هكذا وفور وصول البابا تاوضروس الثانى الى سدة الكرسى المرقسى واتصالات على اعلى مستوى مع الفاتيكان حيث البابا فرانسيس الأول رأس الكنيسة الكاثوليكية حيث يرأس اكثر من مليار ونصف  المليار كاثوليكى في العالم هذا الرجل البسيط المتواضع الذى أتت به العناية الالهية ليكون مؤهلا لاعادة العلاقات من الكنيسة الشرقية والغربية فكانت زيارة البابا تاوضروس الى الفاتيكان في يونية 2013 حيث استقبل قداستة من قبل بابا الفاتيكان بحفاوة بالغة نتج عن هذه المباحثات  ان جعل يوم العاشر من مايو من كل عام يوم التاخى الكاثوليكى القبطى الأرثوذكس وهكذا امتدت المباحثات لتوحيد بعض المناسبات وعلى اخصها عيد القيامة المجيد وأمور كثيرة تسير على درب التقارب وتبعد الانقسامات و الانشقاقات كم تعددت زيارات البابا تاوضروس الى مختلف الكنائس العالم فرأس الكنيسة اللوثرية فى السويد  يستقبل قداستة وحضور بعض الصلاة للتقارب بين الكنيستين  ثم زار أرمينيا واجتمع مع بطريريك الكنيسة الارمينية ثم زار الدنمارك ثم زار النمسا وأخيرا وليس  اخر زيارتة التاريخية لليونان حيث استقبلة رئيس أساقفة اليونان البطريك ايرنيموس الاول بطريرك اليونان بحفاوة بالغة والذى أشاد بالكنيسة القبطية والارثوذكسية وتاريخها العريق ولا ننسى زيارته التاريخية أثيوبيا  حيث العلاقات التاريخية بين الكنيستين الشقيقتين  الاثيوبية والقبطية بل لم تكن زيارات البابا تاوضروس الى هذه البلاد الاجتماع رؤساء الكنائس فحسب فمعظم رؤساء وملوك العالم الذين وفدوا الى مصر في زيارات رسمية كان يشرفهم لقاء قداسة البابا تاوضروس الثانى فقد التقى به ولأول مرة ملك اكبر دولة تمثل العالم الاسلامى في العالم وهو جلالة الملك سلمان ملك السعودية حيث التقى والبابا تاوضروس في مقر  اقامتة والتقى أيضا بقداستة رئيس المجر بالمقر البابوى وملك البحرين وامراء من الكويت ورؤساء دول غربية ورئيس أساقفة النمسا كثيرة ولم تكن مثل هذه اللقاءات هي مجرد لقاءات شرفية وانما كانت لتعريفهم بالكنيسة القبطية وتاريخها وبالتالي نقل هذا التاريخ الى شعوبهم وكان اهتمام البابا بالكنيسة القبطية بالقدس وخاصة دير السلطان نقلة  رعوية جديدة ضمن منهاج قداستة المنفتحة على الخارج .
وربما البعض لم يكن راضيا بل بالاحرى كان  يساورة بعض القلق .

هل البابا تاوضروس بزيارتة المتعددة وانفتاحة على الكنائس الغربية والتقاءة مع رؤساء هذه الكنائس خاصة غير الأرثوذكسية والذى تختلف معنا في بعض الامور العقيدية والطقسية هل يعنى ذلك التقارب والتخلى عن مبادئ ومعتقدات الكنيسة القبطية الارثوذكسيةالتى تأسست عبر الفى عام من الزمان والتي بناها الشهداء باجسادهم وارواحهم هل معنى ذلك التفريط في  من سكنوا البرية وشقوق الأرض ولباس الصليب فهذا النفر من الناس لهم الحق وكل الحق ولا يمكن ان نلوم احد  ان يكون غيورا على كنيستة ولكن هناك فرق من ما يريد ان يغير على كنيستة وقبطيتة واذثوكسيتة بين ما يثير العصيان والتأمر على الكنيسة فأعتقد ان البابا الذى جاء بأختيار وعناية الروح القدس لم ولن يتحول في لحظة واحدة او طرفة عين بأن يتنازل عن خردلة واحدة من مبادئ الكنيسة القبطية الارثوذكسية ومعتقدها الراسخ وانما كان هدفة هو التقارب ووحدة الكنيسة على أساس المجامع المقدسة المسكونية او على الأقل تفعيل الاتفاق فيما ليس فية اختلاف وبمعنى اخر الاتفاق حتى على محاربة البدع والفقر والهرطقات فمثلا الاتفاق على المبادئ العامة على سبيل المثال مثل توحيد الأعياد .

هل ذلك يمثل خروقا على العقيدة المسيحية والتأكيد على الطبيعة الوحيدة للسيد المسيح بغير امتزاج ولا تغيير والتاكيد على وحدة الزواج المسيحى ( الزيجة الواحدة )وبحث مسألة الاسوام المقدسة هل يعتبر ذلك اختراقا او خروقا لمعتقدات الكنيسة القبطية الارثوذكسية .

لا والف لا ولكن نعم للذين يحاولون الوقيعة و الاصطياد في الماء العكر نعم وبحق ولا مجاملة ان البابا تاوضروس يهتم بالتقريب الى كنائس العالم المختلفة وذلك يجعل المواطن المصرى المسيحى يشعر بالراحة التامة والسلام لأننا جميعا لا نريد انقساما بل نريد وحدة ولا نريد انشقاقا بل نريد تمسكا كفى ما يجرى وما يحيط بنا من بدع وما يسمون انفسهم لادينيون وملحدين ومثليين وشواذ اليس هؤلاء قد جاءوا نتيجة الفرقة والانقسام بين الكنائس اليس هؤلاء مطلوبين منا جميعا سواء اقباط او كاثوليك او انجليين فنحن جميعا في جسد واحد هو جسد المسيح نعم قداسة البابا تاوضروس نحن نقدر مسئولياتك في هذا العمل المسكونى العظيم ونأمل ان يأتي ثمار هذا العمل ويشعر الجميع بوحدانيتة ويجعلنا الكل الى وفية واحد .

المقال الموضوع يعبر فقط عن رأي صاحبه وليس بالضرورة عن رأي أو اتجاه الموقع