منى مينا من تانى.. وسكر «الغضبان»!
مقالات مختارة | عبدالعظيم درويش
السبت ١٠ ديسمبر ٢٠١٦
يبدو أن الدكتورة منى مينا قد أدمنت الوقوف أمام النائب العام للتحقيق معها فيما تثيره من قضايا، إذ لم يمض سوى يومين فقط على إخلاء سبيلها بكفالة ألف جنيه من النيابة العامة بعد أن جرى التحقيق معها على خلفية اتهامها بتشويه «سمعة مصر» الطبية حتى عادت لتكشف من خلال ورشة عمل عقدت يوم الاثنين الماضى بدار الحكمة عن أن «مشكلة نقص الدواء والمستلزمات الطبية» بدأت تتفاقم منذ ما يقرب من شهرين مع تعويم الجنيه، وارتفاع سعر الدولار، وقالت: «إننا فوجئنا بأن احتياجاتنا من الأدوية والمستلزمات الطبية جميعها مستورد، مما سيعمل على زيادة تكلفة الدواء ما يقرب من 50 مليار جنيه، ومن الصعب للغاية أن يتحمل التأمين الصحى الفرق، لأن ميزانيته 100 مليار جنيه، منها 50 ملياراً دواء، ومع تحمله فارق السعر تزداد هذه النسبة لتصبح 150 مليار جنيه»، هذا ما قالته بالحرف الواحد، وأقول لمن يحاول أن يتصيدها إن ما كشفت عنه الدكتورة منى سيصبح -وفق السوابق معها- اتهاماً جديداً لها وربما يصل إلى حد «الخيانة العظمى» لأنها كشفت عما لا يريد البعض كشفه، باعتباره يتناقض مع تأكيداتهم بعدم وجود أى نقص فى الأدوية والمستلزمات الطبية! مثلما كان اتهامها بـ«تشويه سمعة مصر الطبية» هو الاتهام الذى راق لأصحاب عشرات البلاغات التى توالت على مكتب النائب العام ضدها، إذ إنه من غير المعقول أن يتقدم هؤلاء ببلاغات تؤكد صحة ما سبق أن أعلنته من نقص المستلزمات الطبية فى المستشفيات بدرجة دفعت أحد مديرى المستشفيات إلى إصدار تعليمات شفهية للأطباء بإعادة استعمال «السرنجة» مرتين لنفس المريض على الرغم من اعتراضها على ذلك باعتباره يتناقض مع مبدأ الوقاية.
الغريب أنه لم يمض على الاتهام السابق للدكتورة مينا 24 ساعة إلا وأكد الدكتور أشرف الشيحى، وزير التعليم العالى، صحته فيما يخص جانب نقص الأدوية والمستلزمات الطبية بالمستشفيات الجامعية، إذ قال إنه يعد مذكرة رسمية لمجلس الوزراء تكشف عن هذا النقص، فى الوقت الذى كان فيه الدكتور جابر نصار قد هدد نقابة الأطباء بإمهالها 48 ساعة فقط لـ«تأديب» الدكتورة مينا عما قالته عن هذا النقص!
بكشفها الجديد يبدو أن الدكتورة مينا قد أصبحت على استعداد تام لإضاعة «فلوس الجمعية» -التى تلقتها أخيراً- فى كفالات تسددها للنيابة العامة لإخلاء سبيلها كما جرى فى الواقعة الأولى بعد أن سددت 1000 جنيه كفالة!
فى واقعة مغايرة أثبت اللواء عادل الغضبان، محافظ بورسعيد، أنه قد اكتسب نصيباً كبيراً من لقبه، إذ صب جام غضبه على مواطن «غلبان» كان قد جرؤ على الشكوى له من أنه قد اضطر لشراء كيلو السكر من أحد بقالى المحافظة بـ«14 جنيهاً»، إذ اتهمه بأنه «إخوان» وأقسم: «الراجل ده إخوانى.. والمصحف ما أنا سايبه»، وهى الواقعة التى كشف عنها صديقى وجارى فى صفحة 4 بجريدة «الوطن» الدكتور محمود خليل الكاتب الصحفى ومستشار التحرير فى عموده اليومى «وطنطن»، ويبدو أن المواطن كان على حق تماماً من أن البعض ينتهز فرصة الأزمة ويفرض 14 جنيهاً سعراً لكيلو السكر بالمحافظة، إذ اضطر اللواء الغضبان إلى الاعتذار للمواطن من خلال برنامج تليفزيونى فى ذات الليلة، غير أنه لم يفت عليه أن يدير حملة دعاية لمجهوداته بالمحافظة «إننا نسعى لتوفير المواد الغذائية منذ شهرين ونجحنا بشكل كبير فى توفير السكر بجميع المنافذ بسعر 7 جنيهات للكيلو»، مكرراً أسفه للمواطن: «أنا آسف حقك عليّا».
واقعتا البلاغات ضد الدكتورة مينا وغضب الغضبان تكشفان عن الثقافة التى تسود بعض مسئولينا وهى ثقافة «الحل السهل»، إذ إن لكل مشكلة «حلين».. الأول: «حل سهل»، أما الثانى فهو «حل أسهل».. فالحل «السهل» هو أن تنفى تماماً وجود المشكلة، وإذا لم يمكنك ذلك فعليك أن تبحث عن مبرر لوقوعها، أما الحل «الأسهل» فهو أن تعترف بوجود هذه المشكلة، باعتبار أن ذلك يمثل الخطوة الأولى فى حلها حلاً جذرياً، وبالتالى تضمن عدم ظهورها مرة أخرى فى حياتك.
أصحاب مبدأ الحل «السهل» يستهدفون «إراحة دماغهم» أولاً.. أو «مجاملة» البعض ممن يعتقدون أنهم من أصحاب النفوذ، ويتصورون أن فى مقدرتهم خداع الرأى العام دون أن يدركوا أن محاولتهم هذه سترتد إليهم مرة أخرى، مثل ارتداد «كرة الاسكواش» عندما تصطدم بالحائط لتقفز فى وجه اللاعب الذى يمسك بـ«المضرب» إذا لم يكن له أى نصيب من احتراف اللعب، وهو ما انطبق حرفياً على «مريدى وزير الصحة.. والمحافظ الغضبان»!!
فى النهاية أهمس فى أذن الدكتورة منى بأن تتوقف تماماً عن إثارة أى قضايا قد تغضب أصحاب النفوذ لتحافظ على «فلوس الجمعية» ولا تضيعها فى كفالات، وللمواطن البورسعيدى -أى بورسعيدى- ألا يشكو من ارتفاع سعر أى سلعة حتى لا يجد نفسه متهماً بأى مصيبة لأنه أغضب الغضبان «خلقة»!!
نقلا عن الوطن