أترانا سنذهبُ الى العَدَم ؟
زهير دعيم
الخميس ٨ ديسمبر ٢٠١٦
زهير دعيم - الجليل
أقدّر كلّ المواقف ، وأحترم كلَّ الآراء ، وأنا على استعداد كبير أن أدافع عن رأيك حتى لو خالفني ، الا في حالات قصوى ، فيها تتجنّى على الله المُحبّ وتنكر وجوده.
فلا مانع أن أقرأ كلّ الآراء وأتفاعل معها وأدرسها ، وآخذ منها ما حلا لي ، ولا انبذ الا ما لا يوافق طبيعتي وإيماني ، فالحرّية الفكرية تتطلّب فعلا أن نتماشى مع العصر ، ومع العلوم والمستجدّات ولا نظل ندور حول أنفسنا او نعود القهقرى ، فما كان يصلح قبل ألف من السنين لا أظنّه يصلح اليوم ، وما كان مقبولا قبل خمسين سنة لا أظنّه يتماشى والألفية الثالثة ، فالاختراعات تقتحم حياتنا اقتحامًا ، والتقنية تأخذنا على أكتافها إلى الأعالي ، فلا يصحّ أبدًا أن نبقى نلوك الماضي ونجترّه ، ونبكي على الأطلال ، ونتغزّل بالعامرية وخلخالها ، ونفتخر ببني تميم. بل علينا ان نرقى ، ونسمو ونرتفع ، ونتوق الى الأفضل والأجمل والأحلى والأبدع ، ولكن هذا لا يمنعنا من أن نربط التراث بالحضارة ، ونقرن الإيمان الحقّ المبني على الصخرة الحقيقية بالواقع المعاش ، فيكون الماضي امتدادًا للمستقبل فيأتي البناء قويًّا مؤسّسًا على الصخر لا على الرمل.
واقدّر عاليًا العلماء وجهابذة الفكر والفلسفة والكتّاب العظام والمُفكِّرين ، فهم شموس في هذا الكون المتصارع ، البارد، المظلم في معظم الأوقات ، والمليء بالهموم والغموم والغيوم ....أقدّرهم عاليًا ، وأقدِّر عطاءهم ، ولكن تقديري لهم يكبر ويكبر إن هم أقرّوا واعترفوا بالخالق العظيم ، الذي تُحدّث عنه السماء والفلك يُخبر بعمل يديه ، وأعتبر انجازاتهم ناقصة إن هم تمردوا وعصوا ولم يعترفوا بعظمة الخالق المبدع ، وكيف لا يكون هذا وقمرهم لا يبقى معلّقا الا سنين ثم يحترق اما قمر الله فيبقى أزليًا الى ان تنحلّ العناصر وتحترق !!!
جاء في المزمور الرابع والتسعون : "و يقولون: الربُّ لا يبصر و اله يعقوب لا يلاحظ
افهموا ايها البلداء في الشعب و يا جهلاء متى تعقلون
الغارس الاذن الا يسمع الصانع العين الا يبصر?!! "
ألا يتفكّر هؤلاء العلماء الملحدون بصيرورتهم ونهايتهم وكينونتهم ومصيرهم الأبديّ ؟!
ألا يفكر هؤلاء العباقرة اللادينيون بالكون ومصيره ومآله ؟!
أترانا جئنا من العدَم ؟
أترانا ولدنا من لا شيء؟
أترانا سنذهب الى العدم ؟
ما هذا الهراء الذي يتشدّق به أولئك الذين يقولون عن أنفسهم " لا دينيون"
فإن كان لا إله ولا ربّ يا قوم فلنأكل ونشرب ونصول ونجول في دنيا اللّذة ، فما حاجتنا بعد الى الوصايا العشر او إلى الأخلاقيات؟
ما هذا الهراء ؟ّ!!!!
ما هذا التفكير الفجّ والبصيرة العمياء ، ما هذا الأفق الضيّق ؟
الا يحسب هؤلاء القوم حساب الغد ؟ ألا يرفعون ولو مرّة عيونهم الى السماء ؟.
حقيقة انا لا ادعوهم الى دين ما ، ولكن ادعوهم الى إلهٍ معطاء ، مُحبّ ، خلاّق ، حسّاس ، مُضحٍ ، مُبدعٍ ، لا يعرف الا الحبّ والتسامح والغفران ....إله قدّوس غيور ، يفتح الباب اليوم وكلّ يوم على مصراعيه كما يفتح ذراعيه قائلا " تعالوا اليّ يا جميع المُتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم". يفتح ذراعيه اليوم ولكنه سيغلق غدًا او بعد غد ..وسيكون الطوفان ..انه الوحيد الذي يفتح والذي يغلق ولا احد يعترض.
كثيرون من العظماء عرفوه من خلال الكتاب المقدّس وذاقوه وقالوا فيه الروائع فهاكم بعضها :
لو حكم عليَّ بالسجن وصُرِّح لي بأخذ كتاب واحد ، لما اخترت الا الكتاب المقدس (جوتـــــــه)
الكتاب المقدس كتاب موحى به ومصدر للوحي، ولا مثل لتأثيره على المستوى الاجتماعي والأخلاقي ، والإبداع الفنـي للإنسان( ايـلي ديـزل الكاتب والروائي الحائز على جائزة نوبل للسلام )
الكتاب المقدس هو الكتاب الذي يجيب على تساؤلات الأطفال... ويسخر من حكمة الحكماء( البروفسور بيتكس)
عند قراءتي الكتاب المقدس للمرة المائة ، كان أحلى وأجمل لي من قراءتي له في المرة الأولى(تشارلس سبرجــن)
.
أترى علينا بعد اليوم ان نتجاهله؟ ونتجاهل ذاك الذي اشترانا بدمه؟
أم أن ننظر الى فوق ، فمن هناك يأتي العون وتأتي الرحمة ويأتي الخلاص.